كتاب بلغة السالك = حاشية الصاوي - العلمية (اسم الجزء: 3)

( باب في الوديعة وأحكامها )
حكمها كما قال ( شب ) عن ابن عرفة : من حيث ذاتها للفاعل والقابل مباحة ، وهو قد يعرض وجوبها : كخائف فقدها الموجب هلاكه أو فقره إن لم يودعها مع وجود قابل لها يقدر على حفظها . وحرمتها : كمودع شيء غصبه ولا يقدر القابل على جحدها ليردها إلى ربها أو للفقراء إن كان المودع مستغرق الذمة ، ولذا ذكر عياض في مداركه عن بعض الشيوخ : أن من قبل وديعة من مستغرق ذمة ثم ردها إليه ضمنها للفقراء ، ثم قال : وندبها حيث يخشى ما يوجبها دون تحققه ، وكراهتها حيث يخشى ما يحرمها دون تحقق ( اه ) .
قوله : 16 ( بمعنى الترك ) : أي ومنه قوله تعالى : { مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى } أي ما ترك عادة إحسانه في الوحي إليك لأن المشركين ادعوا ذلك لما تأخر عنه الوحي .
قوله : 16 ( وفعيلة بمعنى مفعولة ) : المناسب التفريع بالفاء .
قوله : 16 ( وحقيقتها عرفاً ) : أي وأما لغة : فهي الأمانة ، وتطلق على الاستنابة الحفظ . وذلك يعم حق لله وحق الآدمي .
قوله : 16 ( أي وكل ربه غيره على حفظه ) : أي فالإيداع نوع خاص من التوكيل لأنه توكيل على خصوص حفظ المال . وإذا علمت ان الإيداع توكيل خاص تعلم ان كل من جاز له أن يوكل وهو البالغ العاقل الرشيد جاز أن يودع ، ومن جاز له أن يتوكل جاز له أن يقبل الوديعة .
قوله : 16 ( فخرج القراض ) : أي لأنه موكل على حفظه والتجر فيه والإبضاع ، لأنه موكل على حفظه والتصرف فيه بما أمره المالك ، وخرج الأمة التي تتواضع لأنه ليس المقصود منها حفظ ذات الأمة من حيث هي ، بل المحافظة عليها لأجل رؤية الدم .
قوله : 16 ( والوكالة ) : أي مطلقاً على نكاح أو طلاق أو اقتضاء دين أو مخاصمة لأنه ليس توكيلاً على مجرد حفظ مال .
قوله : 16 ( من يصح توكيله ) : أي وهو البالغ العاقل
____________________

الصفحة 349