كتاب سمط النجوم العوالي في أنباء الأوائل والتوالي (اسم الجزء: 3)

أمتِي وَهُوَ أخي فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة وَهُوَ معي فِي السناء الْأَعْلَى اشهدي يَا أم سَلمَة أَن عليا يُقَاتل النَّاكِثِينَ والقاسطين والمارقين قَالَ ابْن عَبَّاس وقتلهم لله رضَا وللأمة صَلَاح وَلأَهل الضَّلَالَة سخط فَقَالَ الشَّامي يَا بن عَبَّاس من الناكثون قَالَ الَّذين بَايعُوا عليا بِالْمَدِينَةِ ثمَّ نكثوا فَقَاتلهُمْ بِالْبَصْرَةِ وَهُوَ أَصْحَاب الْجمل وَأما القاسطون مُعَاوِيَة وَأَصْحَابه والمارقون أهل النهران وَمن مَعَهم فَقَالَ الشَّامي يَا بن عَبَّاس مَلَأت صَدْرِي نورا وَحِكْمَة وفرجت عني فرج الله تَعَالَى عَنْك أشهد أَن عليا مولَايَ وَمولى كل مُؤمن ومؤمنة وَكتب مُعَاوِيَة إِلَى عَليّ بن أبي طَالب كرم الله وَجهه أما بعد فَلَو علمنَا أَن الْحَرْب تبلغ منا ومنك مَا بلغت لم نحثها بَعْضًا على بعض وَإِنَّا وَإِن كُنَّا قد غلبنا على عقولنا بَقِي لنا مِنْهَا مَا نروم بِهِ مَا مضى ونصلح مَا بَقِي وَقد كنت سَأَلتك الشَّام على أَنه لَا يلْزَمنِي لَك طَاعَة وَأَنا أَدْعُوك الْيَوْم إِلَى مَا دعوتك إِلَيْهِ أمس فَإنَّك لَا ترجو من الْبَقَاء إِلَّا مَا أَرْجُو وَلَا تخَاف من الْقَتْل إِلَّا مَا أَخَاف وَقد وَالله بردت الأحقاد وَذَهَبت الأدغال وَنحن بَنو عبد منَاف وَلَيْسَ لبعضها على بعض فضل يستذل بِهِ العَبْد ويسترق بِهِ حر وَالسَّلَام فَكتب إِلَيْهِ عَليّ بن أبي طَالب من عَليّ بن أبي طَالب إِلَى مُعَاوِيَة بن أبي سُفْيَان أما بعد فقد جَاءَنِي كتابك تذكر فِيهِ أَنَّك لَو علمت أَن الْحَرْب تبلغ منا ومنك مَا بلغت لم نحثها بَعْضًا على بعض فَإنَّا وَإِيَّاك نلتمس مِنْهَا غَايَة لم ندركها بعد وَأما طَلَبك مني الشَّام فَلم أكن لأعطيك الْيَوْم مَا منعتك أمس وَأما استواؤنا فِي الْخَوْف والرجاء فلست أمضي على الشَّك مني على الْيَقِين وَلَيْسَ أهل الشَّام على الدُّنْيَا بأحرص من أهل الْعرَاق على الْآخِرَة وَأما قَوْلك إِنَّا بَنو عبد منَاف فَلَيْسَ أُميَّة كهاشم وَلَا حَرْب كَعبد الْمطلب وَلَا أَبُو سُفْيَان كَأبي طَالب وَلَا الطليق كالمهاجر وَلَا الْمُبْطل كالمحق وَفِي أَبينَا فضل النُّبُوَّة الَّتِي قتلنَا بهَا الْعَزِيز وبعنا بهَا الْحر وَالسَّلَام ثمَّ كتب مُعَاوِيَة إِلَى قيس بن سعد بن عبَادَة عَامل عَليّ على مصر وَأما بعد فَإنَّك يَهُودِيّ ابْن يَهُودِيّ وَإِن ظفر أحب الْفَرِيقَيْنِ إِلَيْك عزلك واستبدل بك وَإِن ظفر أبغضهما إِلَيْك نكل بك وقتلك وَكَانَ أَبوك أوتر قوسه وَرمى غَرَضه فَأكْثر الحز وَأَخْطَأ الْمفصل قلت هَذَا من مُعَاوِيَة يُشِير بِهِ إِلَى منع أَبِيه سعد بن عبَادَة عَن بيعَة أبي بكر ثمَّ عَن بيعَة عمر وطمعه أَن يكون هُوَ الْخَلِيفَة وَجمع قومه الْخَزْرَج فِي ذَلِك حَتَّى اجْتَمعُوا إِلَى سَقِيفَة بني سَاعِدَة كَمَا تقدم ذكر ذَلِك عِنْد ذكر خلَافَة أبي بكر الصّديق فخذله قومه وأدركه يَوْمه فَمَاتَ فِي حوران ضريراً فَكتب إِلَيْهِ قيس أما أَنْت فوثني ابْن وَثني دخلت فِي الْإِسْلَام كرها وَخرجت مِنْهُ طَوْعًا لم يتَقَدَّم إيمانك وَلم يحدث نفاقك وَكَانَ أبي أوتر قوسه وَرمى غَرَضه فشعب بِهِ من لم يبلغ عقبه وَلَا تَنْشَق غباره وَنحن أنصار الدّين الَّذِي مِنْهُ خرجت وأعداء الدّين الَّذِي فِيهِ دخلت وَلما صرف عَليّ رَضِي الله عَنهُ قيس بن سعد عَن مصر وَولي مَكَانَهُ مُحَمَّد بن أبي بكر كتب مُحَمَّد إِلَى مُعَاوِيَة من مُحَمَّد بن أبي بكر إِلَى الغاوي مُعَاوِيَة بن صَخْر أما بعد فَإِن الله بعظمته وسلطانه خلق خلقه بِلَا عَبث مِنْهُ وَلَا ضعف فِي قُوَّة وَلَا حَاجَة بِهِ إِلَى خلقهمْ وَلكنه خلقهمْ عبيدا وَجعل مِنْهُم غوياً ورشيداً وشقياً وسعيداً اخْتَار على علم وَاصْطفى وانتخب مِنْهُم مُحَمَّد
فانتخبه بِعِلْمِهِ واصطفاه لرسالته وائتمنه على وحيه وَبَعثه رسولاَ ودليلا فَكَانَ أول من أجَاب وأناب وأذعن وَصدق وَأسلم وَأَخُوهُ وَابْن عَمه عَليّ بن أبي طَالب صدقه بِالْغَيْبِ المكتوم وآثره على كل حميم ووقاه بِنَفسِهِ كل هول وَحَارب حربه وَسَالم سلمه فَلم يبرح مبتذلاَ لنَفسِهِ سَاعَات اللَّيْل بالخوف والخشوع والخضوع حَتَّى برز شارقاً لَا نَظِير لَهُ مِمَّن اتبعهُ وَلَا مقارب لَهُ فِي فعله وَقد رَأَيْتُك تنَال مِنْهُ وَأَنت أَنْت وَهُوَ هُوَ أصدق النَّاس نِيَّة وأفضلهم

الصفحة 12