كتاب سمط النجوم العوالي في أنباء الأوائل والتوالي (اسم الجزء: 3)
ويحكي عَن مُعَاوِيَة بَيْنَمَا هُوَ يسير وشرحبيل بن لسمراء يسايره إِذْ راثَتْ فرس شُرَحْبِيل فساءه ذَلِك فَقَالَ مُعَاوِيَة يَا أَبَا يزِيد إِنَّه يُقَال إِن الهامة إِذا عظمتْ دلتْ على وفور الدِّمَاغ وَصِحَّة الْعقل قَالَ نعم يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ إِلَّا هامتي فَإِنَّهَا عَظِيمَة وعقلي ضَعِيف نَاقص فَتَبَسَّمَ مُعَاوِيَة وَقَالَ كَيفَ ذَاك لله أَنْت قَالَ لإعلافي دَابَّتي مكوكين من شعير فَتَبَسَّمَ مُعَاوِيَة أَيْضا وَحمله على فرس من مراكبه قَالَ صَاحب كتاب المحاسن والمساوئ قيل لمعوية من رَأَيْت شَرّ النَّاس فَقَالَ عَلْقَمَة بن وَائِل الْحَضْرَمِيّ قدم على رَسُول الله
فَأمرنِي ن أَنطلق بِهِ إِلَى رجل من الْأَنْصَار أنزلهُ عَلَيْهِ فَانْطَلَقت مَعَه وَهُوَ على نَاقَته وَأَنا مشي فِي سَاعَة شَدِيدَة الْحر وَلَيْسَ برجلي حذاء فَقلت احملني يَا عَم من هَذَا الْحر فَإِنَّهُ لَيْسَ على حذاء قَالَ لست من أرْدف الْمُلُوك قلت أَنا مُعَاوِيَة بن أبي سُفْيَان قَالَ قد سَمِعت رَسُول الله
يَقُول ذَلِك فَقلت ألق إِلَيّ نعليك قَالَ لَا تقلهما قدمك وَلَكِن امش فِي ظلّ نَاقَتي وَكَفاك بذلك شرفاً وَإِن الظل لَك كثير قَالَ مُعَاوِيَة فَمَا مرَ بِي مثل ذَلِك الْيَوْم ثمَّ أدْرك سلطاني فَلم أؤاخذه بذلك بل أجلسته على سَرِيرِي هَذَا وقضيت حَوَائِجه انْتهى كَانَ صعصعة بن صوحان وَأَخُوهُ زيد وَقيل يزِيد بن صوحان وَكِلَاهُمَا شيعَة عَليّ من الفصحاء البلغاء دخل صعصعة على مُعَاوِيَة فَسَأَلَهُ مَا السؤدد فِيكُم قَالَ إطْعَام الطَّعَام ولين الْكَلَام وبذل النوال وكف النَّفس عَن السُّؤَال والتودد للصَّغِير وَالْكَبِير وَأَن يكون النَّاس عنْدك شرعا ثمَّ قَالَ مَا الْمُرُوءَة والسيادة قَالَ أَخَوان اجْتمعَا فَإِن لقيا قهرا وَإِن كَانَ بَينهمَا قَلِيل وصاحبهما جليل محتاجان إِلَى صِيَانة ونزاهة ودماثة وفراهة قَالَ فَهَل تحفظ فِي ذَلِك شَيْئا قَالَ نعم أما سَمِعت قَول مرّة بنِ ذهل الشَّيْبَانِيّ حَيْثُ يَقُول // (من الْكَامِل) //
(إنَّ السِّادة والمُرُوءَةَ عُلِّقَا ... حَيْثُ السِّمَاكُ من السماءِ الأعزلُ)
(وَإذَل تَقابلَ يجريانِ لغايةٍ ... عَثر الهَجِيْنُ وأَسْلَمَتْهُ الأَرْجُلُ)
الصفحة 135