كتاب اللباب في علوم الكتاب (اسم الجزء: 3)

وزعم الكوفيون أنها بمعنى «ما» النافية، وأن «اللام» بمعنى «إلا» ، والمعنى: ما كانت إلا كبيرة، نقل ذلك عنهم أبو البقاء رَحِمَهُ اللهُ [وفيه نظر. واعلم أن «إن» المكسورة الخفيفة تكون على أربعة أوجه:
جزاء، وهي تفيد ربط إحدى الجملتين بالأخرى، فالمستلزم هو الشرط، واللازم هو الجزاء، كقولك: إن جئتني أكرمتك.
ومخففة من الثقيلة، وهي تفيد توكيد المعنى في الجملة بمنزلة المشددة، كقولك: إن زيداً لقائم، قال تعالى: {إِن كُلُّ نَفْسٍ لَّمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ} [الطارق: 4] ، {إِن كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولاً} [الإسراء: 108] .
وللجحد، لقوله تعالى: {إِنِ الحكم إِلاَّ للَّهِ} [الأنعام: 57] {إِن يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظن} [الأنعام: 148] {وَلَئِن زَالَتَآ إِنْ أَمْسَكَهُمَا} [فاطر: 41] . أي: ما يمسكهما. وزائدة كقوله: ما إن رأيت زيداً] ، والقراءة المشهورة نصب «كبيرة» على خبر «كان» ، واسم كان مضمر فيها يعود على التولية، أو الصلاة، أو القبلة المدلول عليها بسياق الكلام.
وقرأ اليزيدي عن أبي عمرو: برفعها.
وفيه تأويلان:
أحدهما - وذكره الزمخشري -: أن «كان» زائدة، وفي زيادتها عاملةً نظر لا يخفى؛ وقد استدلّ الزمخشري على ذلك بقوله: [الوافر] .
825 - فَكَيْفَ إذَا مَرَرْتَ بِدَارِ قَوْمٍ ... وَجِيرَانٍ لَنَا كَانُوا كِرَامِ

الصفحة 24