كتاب المحلى بالآثار (اسم الجزء: 3)

مُحَمَّدٍ ثنا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ ثنا مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ ثنا إِسْحَاقُ بْنُ إبْرَاهِيمَ ثنا جَرِيرٌ هُوَ ابْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ - عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ رَبّ الْكَعْبَة: أَنَّهُ سَمِعَ عَبْد اللَّه بْن عَمْرِو بْن العاص قَالَ: - اجْتَمَعْنَا إلَى رَسُول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: «إنَّهُ لَمْ يَكُنْ نَبِيٌّ قَبْلِي إلَّا كَانَ حَقًّا عَلَيْهِ أَنْ يَدُلَّ أُمَّتَهُ عَلَى خَيْرِ مَا يَعْلَمُهُ لَهُمْ، وَيُنْذِرَهُمْ شَرَّ مَا يَعْلَمُهُ لَهُمْ» ؟ قَالَ عَلِيٌّ: وَاحْتَجَّ مَنْ خَالَفَ الْحَقَّ فِي هَذَا بِخَبَرٍ مَوْضُوعٍ عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ الْمُنْذِرِ الْأَنْصَارِيِّ عَنْ عَمَّتِهِ أَوْ جَدَّتِهِ أُمِّ حُمَيْدٍ: أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «إنَّ صَلَاتَكِ فِي بَيْتِكِ أَفْضَلُ مِنْ صَلَاتِكِ مَعِي» ؟ قَالَ عَلِيٌّ: عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ الْمُنْذِرِ مَجْهُولٌ لَا يَدْرِيهِ أَحَدٌ.
وَذَكَرُوا أَيْضًا - مَا رُوِّينَاهُ عَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - مِنْ قَوْلِهَا: لَوْ أَدْرَكَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَا أَحْدَثَ النِّسَاءُ لَمَنَعَهُنَّ مِنْ الْخُرُوجِ كَمَا مَنَعَهُ نِسَاءَ بَنِي إسْرَائِيلَ؟ وَهَذَا لَا حُجَّةَ فِيهِ لِوُجُوهٍ ثَمَانِيَةٍ -: أَوَّلُهَا: أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى بَاعِثُ مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالْحَقِّ مُوجِبٌ دِينَهُ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ الْمُوحِي إلَيْهِ بِأَنْ لَا يَمْنَعَ النِّسَاءَ - حَرَائِرَهُنَّ وَإِمَاءَهُنَّ، ذَوَاتِ الْأَزْوَاجِ وَغَيْرَهُنَّ - مِنْ الْمَسَاجِدِ لَيْلًا وَنَهَارًا - قَدْ عَلِمَ مَا يُحْدِثُ النِّسَاءُ، فَلَمْ يُحْدِثْ تَعَالَى لِذَلِكَ مَنْعًا لَهُنَّ، وَلَا قَالَ لَهُ: إذَا أَحْدَثْنَ فَامْنَعُوهُنَّ؟ وَالثَّانِي: أَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -، لَوْ صَحَّ أَنَّهُ لَوْ أَدْرَكَ أَحْدَاثَهُنَّ لَمَنَعَهُنَّ - لَمَا كَانَ ذَلِكَ مُبِيحًا مَنَعَهُنَّ، لِأَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - لَمْ يُدْرِكْ فَلَمْ يَمْنَعْ، فَلَا يَحِلُّ الْمَنْعُ، إذْ لَمْ يَأْمُرْ بِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - وَالثَّالِثُ: أَنَّ مِنْ الْكَبَائِرِ نَسْخُ شَرِيعَةٍ مَاتَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - وَلَمْ يَنْسَخْهَا، بَلْ هُوَ كُفْرٌ مُجَرَّدٌ وَالرَّابِعُ: أَنَّهُ لَا حُجَّةَ فِي قَوْلِ أَحَدٍ بَعْدَهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -؟ وَالْخَامِسُ: أَنَّ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - لَمْ تَقُلْ: إنَّ مَنَعَهُنَّ لَكُمْ مُبَاحٌ، بَلْ مَنَعَتْ مِنْهُ وَإِنَّمَا أَخْبَرَتْ ظَنًّا مِنْهَا بِأَمْرٍ لَمْ يَكُنْ وَلَا تَمَّ، فَهُمْ مُخَالِفُونَ لَهَا فِي ذَلِكَ؟ وَالسَّادِسُ: أَنَّهُ لَا حَدَثَ مِنْهُنَّ أَعْظَمُ مِنْ الزِّنَى، وَقَدْ كَانَ فِيهِنَّ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ

الصفحة 115