كتاب المحلى بالآثار (اسم الجزء: 3)

بِاسْتِخْلَافِ إمَامِهِمْ، وَإِمَّا بِاسْتِخْلَافِهِمْ أَحَدَهُمْ، وَإِمَّا بِتَقَدُّمِ أَحَدِهِمْ؟ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: إنْ أَحْدَثَ الْإِمَامُ وَهُوَ سَاجِدٌ فَرَفَعَ رَأْسَهُ وَلَمْ يُكَبِّرْ وَاسْتَخْلَفَ: جَازَ ذَلِكَ.
وَصَلَاتُهُمْ كُلُّهُمْ تَامَّةٌ.
فَلَوْ كَبَّرَ ثُمَّ اسْتَخْلَفَ بَطَلَتْ صَلَاةُ الْجَمِيعِ.
فَلَوْ خَرَجَ مِنْ الْمَسْجِدِ قَبْلَ أَنْ يَسْتَخْلِفَ بَطَلَتْ صَلَاةُ الْجَمِيعِ؟ قَالَ عَلِيٌّ: وَهَذِهِ أَقْوَالٌ فِي غَايَةِ الْفَسَادِ وَالتَّخْلِيطِ، وَلَيْسَ عَلَيْهَا مِنْ بَهْجَةِ الْحَقِّ أَثَرٌ؟ وَلَيْتَ شِعْرِي إذَا أَحْدَثَ سَاجِدًا فَرَفَعَ رَأْسَهُ وَلَمْ يُكَبِّرْ: فِي صَلَاةٍ هُوَ أَمْ فِي غَيْرِ صَلَاةٍ؟ وَهَلْ إمَامَتُهُ لَهُمْ بَاقِيَةٌ أَوْ لَا؟ وَلَا بُدَّ مِنْ أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ -: فَإِنْ قَالُوا: هُوَ فِي صَلَاةٍ وَإِمَامَتُهُ بَاقِيَةٌ، جَعَلُوهُ مُصَلِّيًا بِلَا وُضُوءٍ، وَإِمَامًا بِلَا وُضُوءٍ، وَهَذَا خِلَافُ أَصْلِهِمْ الْآخَر الْفَاسِدِ فِي بُطْلَانِ صَلَاةِ مَنْ ائْتَمَّ بِإِمَامٍ هُوَ عَلَى غَيْرِ طَهَارَةٍ نَاسِيًا أَوْ ذَاكِرًا؟ ثُمَّ نَقُولُ لَهُمْ: إذْ هُوَ فِي صَلَاةٍ وَهُوَ بَعْدُ بَاقٍ عَلَى إمَامَتِهِ لَهُمْ؟ فَمَا ذَنْبُهُ إذْ كَبَّرَ فَأَبْطَلَ صَلَاةَ نَفْسِهِ وَصَلَاتَهُمْ؟ هَذِهِ عَدَاوَةٌ مِنْكُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى وَأَخِيَّةُ قَوْلِكُمْ: مَنْ عَطَسَ فِي صَلَاتِهِ فَقَالَ بِلِسَانِهِ " الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ " بَطَلَتْ صَلَاتُهُ؟ وَلَوْ قَعَدَ مِقْدَارَ التَّشَهُّدِ فَقَذَفَ مُحْصَنَةً، أَوْ ضَرَطَ عَامِدًا لَمْ تَبْطُلْ صَلَاتُهُ تَعَالَى اللَّهُ، مَا أَوْحَشَ هَذِهِ الْأَقْوَالَ الَّتِي لَا يَحِلُّ قَبُولُهَا؟ إلَّا لَوْ قَالَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَحْدَهُ، الَّذِي لَمْ نَأْخُذْ الصَّلَاةَ، وَلَا الدِّينَ، وَلَا ذِكْرَ اللَّهِ تَعَالَى إلَّا عَنْهُ، فَلَا يَحِلُّ لَنَا إذَنْ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ إلَّا كَمَا أَمَرَنَا وَإِنْ قَالُوا: بَلْ لَيْسَ فِي صَلَاةٍ، وَلَا هُمْ بَعْدُ فِي إمَامَتِهِ؟ قُلْنَا لَهُمْ: فَإِذْ قَدْ خَرَجَ بِالْحَدَثِ مِنْ إمَامَتِهِمْ وَعَنْ الطَّهَارَةِ الَّتِي لَا صَلَاةَ إلَّا بِهَا -: فَمَا الَّذِي وَلَّدَ عَلَيْهِ تَكْبِيرُهُ مِنْ الضَّرَرِ، حَتَّى أَحْدَثَ عَلَيْهِ قَوْلُهُ " اللَّهُ أَكْبَرُ ": بُطْلَانَ صَلَاتِهِ، وَكَذَلِكَ خُرُوجُهُ مِنْ الْمَسْجِدِ؟

الصفحة 138