كتاب المحلى بالآثار (اسم الجزء: 3)

وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ بِإِسْنَادِهِ فِي صَدْرِ كِتَابِ الصَّلَاةِ مِنْ دِيوَانِنَا هَذَا.
ثُمَّ لَوْ صَحَّ لَفْظُ صَالِحٍ لَكَانَ حُجَّةً عَلَيْهِمْ لَا لَهُمْ؛ لِأَنَّهُمْ مُخَالِفُونَ لَهُ؛ لِأَنَّ الْمَالِكِيِّينَ، وَالْحَنَفِيِّينَ مَعًا مُتَّفِقُونَ -: عَلَى أَنَّ صَلَاةَ الصُّبْحِ إذَا أُقِيمَتْ فَإِنَّ مَنْ لَمْ يَكُنْ أَوْتَرَ، وَلَا رَكَعَ رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ -: يُصَلِّيهِمَا قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ فِي الَّتِي أُقِيمَتْ فَسُبْحَانَ مَنْ يَسَّرَهُمْ لِلِاحْتِجَاجِ بِمَا لَا يَصِحُّ مِنْ الْأَخْبَارِ فِي إبْطَالِ مَا صَحَّ مِنْهَا
ثُمَّ لَا مُؤْنَةَ عَلَيْهِمْ مِنْ خِلَافِ مَا احْتَجُّوا بِهِ حَيْثُ لَا يَجُوزُ خِلَافُهُ؟ وَأَيْضًا: فَهُمْ مُصَفِّقُونَ عَلَى جَوَازِ التَّنَفُّلِ خَلْفَ مَنْ يُصَلِّي الْفَرِيضَةَ فِي الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ، فَهُمْ أَوَّلُ مُخَالِفٍ لِمَا صَحَّحُوهُ مِنْ الْبَاطِلِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي صَالِحٍ؟ وَأَمَّا نَحْنُ فَلَوْ صَحَّ هَذَا الْخَبَرُ لَقُلْنَا بِهِ، وَلَاسْتَعْمَلْنَا مَعَهُ مَا قَدْ صَحَّ مِنْ سَائِرِ الْأَخْبَارِ، مِنْ حَدِيثِ: مُعَاذٍ، وَجَابِرٍ، وَأَبِي بَكْرَةَ، وَأَبِي ذَرٍّ، وَلَمْ نَتْرُكْ مِنْهَا شَيْئًا لِشَيْءٍ آخَرَ وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ خَبَرًا: - رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى الْمَازِنِيِّ عَنْ مُعَاذِ بْنِ رِفَاعَةَ عَنْ رَجُلٍ مِنْ بَنِي سَلَمَةَ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُقَالُ لَهُ سُلَيْمٌ «أَنَّهُ أَتَى النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إنَّا نَظَلُّ فِي أَعْمَالِنَا فَنَأْتِي حِينَ نُمْسِي فَيَأْتِي مُعَاذٌ فَيُطَوِّلُ عَلَيْنَا؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَا مُعَاذُ لَا تَكُنْ فَتَّانًا؟ إمَّا أَنْ تُخَفِّفَ لِقَوْمِكَ، أَوْ تَجْعَلَ صَلَاتَكَ مَعِي» .
فَادَّعَوْا مِنْ هَذَا أَنَّ مُعَاذًا كَانَ يَجْعَلُ الَّتِي يُصَلِّي مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَافِلَةً؟ قَالَ عَلِيٌّ: وَهَذَا تَأْوِيلٌ لَا يَحِلُّ الْقَوْلُ بِهِ، لِوُجُوهٍ سِتَّةٍ -: أَحَدُهَا - أَنَّهُ كَذِبٌ وَدَعْوَى بِلَا دَلِيلٍ، وَهَذَا لَا يَعْجِزُ عَنْهُ مَنْ لَا يَحْجُزُهُ عَنْهُ تَقْوَى أَوْ حَيَاءٌ؟ وَالثَّانِي - أَنَّ هَذَا خَبَرٌ لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّهُ مُنْقَطِعٌ؛ لِأَنَّ مُعَاذَ بْنَ رِفَاعَةَ لَمْ يُدْرِكْ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَا أَدْرَكَ هَذَا الَّذِي شَكَا إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِمُعَاذٍ؟ -: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الطَّلْمَنْكِيُّ ثنا ابْنُ مُفَرِّجٍ ثنا مُحَمَّدُ بْنُ أَيُّوبَ ثنا أَحْمَدُ بْنُ

الصفحة 148