كتاب المحلى بالآثار (اسم الجزء: 3)

اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَيْلًا قِبَلَ نَجْدٍ فَجَاءَتْ بِرَجُلٍ مِنْ بَنِي حَنِيفَةَ يُقَالُ لَهُ: ثُمَامَةُ بْنُ أُثَالٍ فَرَبَطُوهُ بِسَارِيَةٍ مِنْ سَوَارِي الْمَسْجِدِ، فَخَرَجَ إلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: مَا عِنْدَكَ يَا ثُمَامَةُ؟ قَالَ: عِنْدِي خَيْرٌ، يَا مُحَمَّدُ إنْ تَقْتُلْنِي تَقْتُلْ ذَا دَمٍ، وَإِنْ تُنْعِمْ تُنْعِمْ عَلَى شَاكِرٍ، وَإِنْ كُنْتَ تُرِيدُ الْمَالَ فَسَلْ مِنْهُ مَا شِئْتَ؟ وَذَكَرَ الْحَدِيثَ. وَأَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أَمَرَ بِإِطْلَاقِهِ فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ: فَانْطَلَقَ إلَى نَخْلٍ قَرِيبٍ مِنْ الْمَسْجِدِ فَاغْتَسَلَ ثُمَّ دَخَلَ الْمَسْجِدَ، فَقَالَ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، يَا مُحَمَّدُ، وَاَللَّهِ: مَا كَانَ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ وَجْهٌ أَبْغَضَ إلَيَّ مِنْ وَجْهِكَ، فَقَدْ أَصْبَحَ وَجْهُكَ أَحَبَّ الْوُجُوهِ إلَيَّ، وَاَللَّهِ مَا كَانَ مِنْ دِينٍ أَبْغَضَ إلَيَّ مِنْ دِينِكَ، فَأَصْبَحَ دِينُكَ أَحَبَّ الدِّينِ إلَيَّ» وَذَكَرَ الْحَدِيثَ فَبَطَلَ قَوْلُ مَالِكٍ؟
وَأَمَّا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ فَإِنَّهُ قَالَ: إنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدْ فَرَّقَ بَيْنَ الْمُشْرِكِينَ وَبَيْنَ سَائِرِ الْكُفَّارِ -: فَقَالَ تَعَالَى: {لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنْفَكِّينَ} [البينة: 1]
وَقَالَ تَعَالَى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئِينَ وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوسَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا إِنَّ اللَّهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ} [الحج: 17]
قَالَ: وَالْمُشْرِكُ: هُوَ مَنْ جَعَلَ لِلَّهِ شَرِيكًا، لَا مَنْ لَمْ يَجْعَلْ لَهُ شَرِيكًا؟ قَالَ عَلِيٌّ: لَا حُجَّةَ لَهُ غَيْرَ مَا ذَكَرْنَا فَأَمَّا تَعَلُّقُهُ بِالْآيَتَيْنِ فَلَا حُجَّةَ لَهُ فِيهِمَا؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ: {فِيهِمَا فَاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ} [الرحمن: 68] وَالرُّمَّانُ مِنْ الْفَاكِهَةِ.
وَقَالَ تَعَالَى: {مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِلَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ} [البقرة: 98] وَهُمَا مِنْ الْمَلَائِكَةِ؟

الصفحة 163