كتاب المحلى بالآثار (اسم الجزء: 3)

وَمَنْ أَبَى مِنْ هَذَا لَمْ يَحْصُلْ عَلَى مَا يُرِيدُ، وَوَجَبَ الِاضْطِرَابُ فِي الرِّوَايَةِ عَنْهُمْ وَلَمْ يَكُنْ بَعْضُ ذَلِكَ أَوْلَى مِنْ بَعْضٍ، وَوَجَبَ سُقُوطُ الرِّوَايَتَيْنِ مَعًا، وَصَحَّ مَا جَاءَ فِي ذَلِكَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَبَطَلَ الِاعْتِرَاضُ عَلَيْهِ بِرِوَايَاتٍ اضْطَرَبَ عَلَى أَصْحَابِهَا بِمَا يَحْتَمِلُ التَّأْوِيلَ مِمَّا يَدَّعِيهِ الْمُخَالِفُ، وَبِمَا لَا يَحْتَمِلُ التَّأْوِيلَ مِمَّا يُوَافِقُ قَوْلَنَا، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ.
وَأَمَّا الْقِرَاءَةُ بِهَذِهِ الزِّيَادَةِ فَلَا تَحِلُّ، وَمَعَاذَ اللَّهِ أَنْ تَزِيدَ أُمَّهَاتُ الْمُؤْمِنِينَ، وَأُبَيٌّ، وَابْنُ عَبَّاسٍ فِي الْقُرْآنِ مَا لَيْسَ فِيهِ؟ وَالْقَوْلُ فِي هَذَا: هُوَ أَنَّ تِلْكَ اللَّفْظَةَ كَانَتْ مُنَزَّلَةً ثُمَّ نُسِخَ لَفْظُهَا -: كَمَا حَدَّثَنَا حُمَامٌ ثنا ابْنُ مُفَرِّجٍ ثنا ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ ثنا الدَّبَرِيُّ ثنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ ثنا ابْنُ جُرَيْجٍ أَخْبَرَنِي عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عَبِدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أُمِّهِ «أُمِّ حُمَيْدٍ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَتْ: سَأَلْتُ عَائِشَةَ أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ عَنْ الصَّلَاةِ الْوُسْطَى؟ فَقَالَتْ: كُنَّا نَقْرَؤُهَا فِي الْحَرْفِ الْأَوَّلِ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى - وَصَلَاةِ الْعَصْرِ وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ»
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ ثنا أَحْمَدُ بْنُ فَتْحٍ ثنا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عِيسَى ثنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ ثنا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ ثنا مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ ثنا إِسْحَاقُ بْنُ إبْرَاهِيمَ هُوَ ابْنُ رَاهْوَيْهِ - أَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ ثنا الْفُضَيْلُ بْنُ مَرْزُوقٍ عَنْ شَقِيقِ بْنِ عُقْبَةَ عَنْ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَالَ " نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ: حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَصَلَاةِ الْعَصْرِ فَقَرَأْنَاهَا مَا شَاءَ اللَّهُ، ثُمَّ نَسَخَهَا اللَّهُ تَعَالَى فَنَزَلَتْ: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى} [البقرة: 238] فَقَالَ رَجُلٌ كَانَ جَالِسًا عِنْدَ شَقِيقٍ لَهُ: هِيَ إذَنْ صَلَاةُ الْعَصْرِ، فَقَالَ الْبَرَاءُ: قَدْ أَخْبَرْتُك كَيْفَ نَزَلَتْ؟ وَكَيْفَ نَسَخَهَا اللَّهُ؟ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ "
قَالَ عَلِيٌّ: فَصَحَّ نَسْخُ هَذِهِ اللَّفْظَةِ، وَبَقِيَ حُكْمُهَا كَآيَةِ الرَّجْمِ، وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.
وَقَدْ يُثْبِتُهَا مَنْ ذَكَرْنَا مِنْ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَعْنَى التَّفْسِيرِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ؟
قَالَ عَلِيٌّ: وَقَالَ بِهَذَا مِنْ السَّلَفِ طَائِفَةٌ -: كَمَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْقَطَّانِ عَنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ عَنْ أَبِي صَالِحٍ السَّمَّانِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ قَالَ: الصَّلَاةُ الْوُسْطَى صَلَاةُ الْعَصْرِ.

الصفحة 178