كتاب المحلى بالآثار (اسم الجزء: 3)

وَأَمَّا أَبُو حَنِيفَةَ وَمَنْ قَلَّدَهُ فَقَالُوا: لَا يَقْنُتُ فِي شَيْءٍ مِنْ الصَّلَوَاتِ كُلِّهَا، إلَّا فِي الْوِتْرِ، فَإِنَّهُ يَقْنُتُ فِيهِ قَبْلَ الرُّكُوعِ: السَّنَةَ كُلَّهَا، فَمَنْ تَرَكَ الْقُنُوتَ فِيهِ فَلْيَسْجُدْ سَجْدَتَيْ السَّهْوِ؟ وَأَمَّا مَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ فَإِنَّهُمَا قَالَا: لَا يَقْنُتُ فِي شَيْءٍ مِنْ الصَّلَوَاتِ الْمَفْرُوضَةِ كُلِّهَا إلَّا فِي الصُّبْحِ خَاصَّةً وَقَالَ مَالِكٌ: قَبْلَ الرُّكُوعِ
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: بَعْدَ الرُّكُوعِ
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: فَإِنْ نَزَلَتْ بِالْمُسْلِمِينَ نَازِلَةٌ قَنَتَ فِي جَمِيعِ الصَّلَوَاتِ، وَلَا يَقْنُتُ فِي الْوِتْرِ إلَّا فِي لَيْلَةِ النِّصْفِ مِنْ رَمَضَانَ خَاصَّةً بَعْدَ الرُّكُوعِ؟ قَالَ عَلِيٌّ: أَمَّا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ: فَمَا وَجَدْنَاهُ كَمَا هُوَ عَنْ أَحَدٍ مِنْ الصَّحَابَةِ - نَعْنِي النَّهْيَ عَنْ الْقُنُوتِ فِي شَيْءٍ مِنْ الصَّلَوَاتِ حَاشَا الْوِتْرِ فَإِنَّهُ يُقْنَتُ فِيهِ، وَعَلَى مَنْ تَرَكَهُ سُجُودُ السَّهْوِ.
وَكَذَلِكَ قَوْلُ مَالِكٍ فِي تَخْصِيصِهِ الصُّبْحَ خَاصَّةً بِالْقُنُوتِ، مَا وَجَدْنَاهُ عَنْ أَحَدٍ مِنْ الصَّحَابَةِ، وَلَا عَنْ أَحَدٍ مِنْ التَّابِعِينَ؟ وَكَذَلِكَ تَفْرِيقُ الشَّافِعِيِّ بَيْنَ الْقُنُوتِ فِي الصُّبْحِ وَبَيْنَ الْقُنُوتِ فِي سَائِرِ الصَّلَوَاتِ؟ وَهَذَا مِمَّا خَالَفُوا فِيهِ كُلَّ شَيْءٍ رُوِيَ فِي هَذَا الْبَابِ عَنْ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -، مَعَ تَشْنِيعِهِمْ عَلَى مَنْ خَالَفَ بَعْضَ الرِّوَايَةِ عَنْ صَاحِبٍ لِسُنَّةٍ صَحَّتْ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؟ قَالَ عَلِيٌّ: وَقَوْلُنَا هُوَ قَوْلُ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ؟ وَرُوِيَ عَنْ ابْنِ أَبِي لَيْلَى: مَا كُنْت لِأُصَلِّيَ خَلْفَ مَنْ لَا يَقْنُتُ، وَأَنَّهُ كَانَ يَقْنُتُ فِي صَلَاةِ الصُّبْحِ قَبْلَ الرُّكُوعِ
وَعَنْ اللَّيْثِ كَرَاهَةُ الْقُنُوتِ جُمْلَةً؟ وَرُوِيَ عَنْهُ أَيْضًا: أَنَّهُ كَانَ يَقْنُتُ فِي صَلَاةِ الصُّبْحِ؟ وَعَنْ أَشْهَبَ: تَرْكُ الْقُنُوتِ جُمْلَةً؟ قَالَ عَلِيٌّ: وَأَمَّا مَنْ رَأَى الْقُنُوتَ قَبْلَ الرُّكُوعِ فَإِنَّهُمْ ذَكَرُوا أَثَرًا رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ يَزِيدَ بْنِ زُرَيْعٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ عَزْرَةَ عَنْ ابْنِ أَبْزَى؟

الصفحة 60