كتاب المحلى بالآثار (اسم الجزء: 3)

وَمِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ: ثنا إسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ أَبِيهِ وَابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «إنْ قَاءَ أَحَدُكُمْ فِي صَلَاتِهِ أَوْ رَعَفَ أَوْ قَلَسَ فَلْيَنْصَرِفْ وَيَتَوَضَّأْ وَلْيَبْنِ عَلَى مَا مَضَى مِنْ صَلَاتِهِ»
وَمِنْ طَرِيقِ الْأَنْصَارِيِّ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ أَبِيهِ مُرْسَلًا وَالثَّانِي - مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زِيَادِ بْنِ أَنْعُمٍ
وَكِلَاهُمَا لَا حُجَّةَ فِيهِ؛ لِأَنَّ إسْمَاعِيلَ بْنَ عَيَّاشٍ ضَعِيفٌ، لَا سِيَّمَا فِيمَا رَوَى عَنْ الْحِجَازِيِّينَ فَمُتَّفَقٌ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ بِحُجَّةٍ - وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زِيَادٍ فِي غَايَةِ السُّقُوطِ؟ وَأَثَرٌ سَاقِطٌ مِنْ طَرِيقِ عُمَرَ بْنِ رِيَاحٍ الْبَصْرِيِّ - وَهُوَ سَاقِطٌ - عَنْ ابْنِ طَاوُسٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ إذَا رَعَفَ فِي الصَّلَاةِ تَوَضَّأَ وَبَنَى عَلَى مَا مَضَى مِنْ صَلَاتِهِ»
وَأَمَّا الْحَنَفِيُّونَ فَإِنَّهُمْ تَنَاقَضُوا فَقَاسُوا عَلَى مَا ذُكِرَ فِي هَذَيْنِ الْخَبَرَيْنِ جَمِيعَ الْأَحْدَاثِ الَّتِي لَمْ تُذْكَرْ فِيهِمَا.
وَلَمْ يَقِيسُوا الِاحْتِلَامَ عَلَى ذَلِكَ، وَهَذَا تَنَاقُضٌ وَمَا جَاءَ قَطُّ أَثَرٌ - صَحِيحٌ وَلَا سَقِيمٌ - فِي الْبِنَاءِ مِنْ الْأَحْدَاثِ، كَالْبَوْلِ وَالرَّجِيعِ وَالرِّيحِ وَالْمَذْيِ؟ وَأَمَّا أَصْحَابُنَا فَاحْتَجُّوا بِأَنَّهُ قَدْ صَحَّ مَا صَلَّى فَلَا يَجُوزُ إبْطَالُهُ إلَّا بِنَصٍّ قَالَ عَلِيٌّ: وَهَذَا احْتِجَاجٌ صَحِيحٌ، وَلَوْلَا النَّصُّ الْوَارِدُ بِإِبْطَالِ مَا مَضَى مِنْهَا مَا أَبْطَلْنَاهُ
وَلَكِنَّ الْبُرْهَانَ عَلَى بُطْلَانِ مَا صَلَّى: أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ رَبِيعٍ حَدَّثَنَا قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ السُّلَيْمِ ثنا ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ ثنا أَبُو دَاوُد ثنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَنْبَلٍ ثنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَنَا مَعْمَرٌ عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَا يَقْبَلُ اللَّهُ صَلَاةَ أَحَدِكُمْ إذَا أَحْدَثَ حَتَّى يَتَوَضَّأَ»
قَالَ عَلِيٌّ: وَرُوِّينَاهُ مِنْ طُرُقٍ، فَإِذْ صَحَّ أَنَّ الصَّلَاةَ مِمَّنْ أَحْدَثَ لَا يَقْبَلُهَا اللَّهُ حَتَّى يَتَوَضَّأَ، وَقَدْ صَحَّ بِلَا خِلَافٍ وَبِالنَّصِّ: أَنَّ الصَّلَاةَ لَا تُجْزِئُ إلَّا مُتَّصِلَةً، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُفَرَّقَ بَيْنَ أَجْزَائِهَا بِمَا لَيْسَ صَلَاةً: فَنَحْنُ نَسْأَلُ مَنْ يَرَى الْبِنَاءَ لِلْمُحْدِثِ فَنَقُولُ: أَخْبَرُونَا عَنْ الْمُحْدِثِ الَّذِي أَمَرْتُمُوهُ بِالْبِنَاءِ، مُذْ يُحْدِثُ فَيَخْرُجُ فَيَمْشِي فَيَأْخُذُ الْمَاءَ فَيَغْسِلُ حَدَثَهُ أَوْ يَسْتَنْجِي فَيَتَوَضَّأُ فَيَنْصَرِفُ إلَى أَنْ يَأْخُذَ فِي عَمَلِ الصَّلَاةِ، أَهُوَ عِنْدَكُمْ فِي صَلَاةٍ؟ أَمْ هُوَ فِي غَيْرِ صَلَاةٍ، وَلَا سَبِيلَ لَهُمْ إلَى قِسْمٍ ثَالِثٍ فَإِنْ قَالُوا: هُوَ فِي صَلَاةٍ أَكْذَبَهُمْ قَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إنَّ اللَّهَ لَا يَقْبَلُ صَلَاةَ مَنْ أَحْدَثَ حَتَّى يَتَوَضَّأَ»

الصفحة 67