كتاب البناية شرح الهداية (اسم الجزء: 3)

لأن الله أعز الإسلام وأغنى عنهم وعلى ذلك انعقد الإجماع.
ـــــــــــــــــــــــــــــQفي نار جهنم.
فإن قلت: من أي المال كان يعطيهم؟
قلت: كان يعطي المؤلفة من الزكاة، والذي كان أعطى عدي بن حاتم والزبرقان من خمس الخمس، والذي أعطى من كان أقعدهم عن الجهاد الضعف من سهم الغزاة، وقيل: من سهم المؤلفة، والذي أعطى من كان يؤخذ منهم الزكاة، ويحمل إليه من الزكاة، وقيل: من سهم الغنيمة.
م: (لأن الله تعالى أعز الإسلام وأغنى عنهم) ش: أي عن المؤلفة بالقهر وقوة الإسلام، وكان سقوط ما كان يعطي للمؤلفة في خلافة أبي بكر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قال الإمام الأسبيجابي - رَحِمَهُ اللَّهُ - في " شرح الطحاوي " كان رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يعطيهم ليؤلفهم على الإسلام، فلما قبض رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جاءوا إلى أبي بكر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فاستبدلوا منه حظا لسهامهم فبدل لهم الحظ، ثم جاءوا إلى عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فأخبروه بذلك فأخذ الحظ من يدهم ومزقه وقال: إن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان يعطيكم ليؤلفكم على الإسلام، فأما اليوم فقد أعز الله دينه، فليس بيننا وبينكم إلا السيف أو الإسلام، فانصرفوا إلى أبي بكر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فقالوا: أنت الخليفة أم هو؟ قال: هو إن شاء الله، ولم ينكر عليه، بطل حقهم من ذلك اليوم، وبقى سبعة.
وعن أبي عبيدة أنه قال: جاء عيينة بن حصن والأقرع بن حابس إلى أبي بكر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وقالا: يا خليفة رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إن عندنا أرضا سبخة ليس فيها كلأ ولا منفعة، فإن رأيت أن تعطيناها فأقطعها إيانا وأشهد عمر فكتب لهما عليها كتابا وليس عمر في القوم، فانطلقا إليه، فلما سمع ما في الكتاب تناوله من أيديهما فتفل فيه فمحاه، فندموا وقالوا مقالة سيئة، فقال عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: إن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان يتألفكم والإسلام يومئذ قليل، وإن الله قد أعز الإسلام، اذهبا واجهدا جهدكما لا أدعو الله عليكما.
وروى أنهما ذكرا ذلك لأبي بكر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وقالا له: أنت الخليفة أم عمر؟ فقال: هو إن شاء الله ولم ينازعه، ولم ينكر أبو بكر ذلك من عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، وكان اتفاقا منهما على قطع ذلك وبقي للمستوجبين الاقتداء بهما حجة، وتابعهما الصحابة في ذلك، فكان إجماعا.
وأشار المصنف إلى ذلك بقوله: م: (وعلى ذلك) ش: أي على سقوط سهم المؤلفة م: (انعقد الإجماع) ش: أي إجماع الصحابة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - السكوتي حتى لا يرد عليه قول الحسن البصري والزهري ومحمد بن علي وأبي عبيد وأحمد والشافعي في قول أن سهم

الصفحة 444