كتاب البناية شرح الهداية (اسم الجزء: 3)

والفقير من له أدنى شيء، والمسكين من لا شيء له، وهذا مروى عن أبي حنيفة - رَحِمَهُ اللَّهُ -
ـــــــــــــــــــــــــــــQوالثاني: أنهم لا يعطون، ومن أي شيء يعطون فيه قولان، أحدهما من الصدقات، والثاني من خمس الغنيمة، وقوم بإزاء الكفار، ولهم قوة وشوكة إن أعطوا قاتلوهم، وقوم على طرف دار الإسلام، ويقرب منهم قوم من المسلمين لا يؤدون الزكاة إلا خوفا من جيرانهم ففيهم له أربعة أقوال:
أحدها: أنهم يعطون سهما من المصالح.
والثاني: أنهم يعطون من سهم المؤلفة من الزكاة.
والثالث: من سهم الغزاة.
والرابع: من سهم الغزاة ومن سهم المؤلفة، كذا في "تتمتهم".
وفي " التحفة ": اختلف أصحابه في سهم المؤلفة، قال بعضهم: منسوخ، وقال بعضهم: يصرف سهمهم إلى من كان حديث عهد بالإسلام، ممن هو في مثل حالهم من الشوكة والقوة، لئلا يكون ذلك حائلا لأمثالهم عن الدخول في الإسلام.
م: (والفقير من له أدنى شيء) ش: شرع في تفسير الأصناف المذكورة في الآية الكريمة، فبدأ بالفقير اتباعا لما في الآية الكريمة، وفسره بقوله: الفقير من له أدنى شيء.
م: (والمسكين من لا شيء له وهذا مروي عن أبي حنيفة - رَحِمَهُ اللَّهُ -) ش: وبه قال مالك وأبو إسحاق المروزي من أصحاب الشافعي - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، وبه قال من أصحاب اللغة الأخفش وثعلب والفراء، وفي " الكامل ": عن أبي يوسف - رَحِمَهُ اللَّهُ - عن أبي حنيفة الفقير الذي لا يسأل، والمسكين الذي يسأل، وقيل: الفقير الزمن المحتاج والمسكين الصحيح المحتاج وللشافعي - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فيهما قولان في قول يشترط في الفقراء الزمانة وعدم السؤال، وفي قول: لا يشترط كلاهما بل من له حاجة قوية وفي المسكين قولان في القديم: المسكين هو السائل أو من له حرفة، وفي الجديد: السؤال ليس بشرط، المعتبر فيه وجود شيء من المال والقدرة على تحصيله كذا في "تتمتهم".
وروى الحسن عن أبي حنيفة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أن الفقير الذي يسأل ويظهر الفقارة وحاجته إلى الناس، والمسكين هو الذي يسأل ولا يعطى وبه زمانة، قال تعالى: {أَوْ مِسْكِينًا ذَا مَتْرَبَةٍ} [البلد: 16] (البلد: آية 16) ، أي لاصق بالتراب من الجوع والعري.
وفي " الينابيع ": قال أبو حنيفة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: الفقير المذكور في الآية هو المحتاج الذي لا يسأل ولا يطوف على الأبواب، والمسكين الذي يسأل، وفي المرغيناني: الفقير والمسكين الذي لا يملك نصابا غير أن المسكين يسأل والفقير لا يسأل، وروى ابن سماعة -رحمه

الصفحة 446