كتاب البناية شرح الهداية (اسم الجزء: 3)

محمول على الزيادة تطوعا، ولهما في الزبيب أنه والتمر يتقاربان في المقصود، وله أنه والبر يتقاربان في المعنى لأنه يؤكل كل واحد منهما بجميع أجزائه، بخلاف الشعير والتمر لأن كل واحد منهما يؤكل ويلقى من التمر ومن الشعير النخالة، ولهذا ظهر التفاوت بين البر والتمر، ومراده من الدقيق والسويق ما يتخذ من البر. أما دقيق الشعير كالسعير والأولى أن يراعي فيهما القدر والقيمة احتياطا،
ـــــــــــــــــــــــــــــQالله عنه- م: (محمول على الزيادة تطوعا) ش: أي على الزيادة على قدر الواجب من حيث التطوع بدليل أنه قال: كنا أو كنت، ولم يقل أمر النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وكان الناس في ذلك الزمان حرصا على التطوعات، فكرهوا أداء الشقص وليس البر كالتمر والشعير، فإن التمر والشعير مشتمل بما ليس بمأكول، وهو النواة والنخالة، وعلى ما هو مأكول. وأما البر فلكله مأكول فإن الفقير يأكل دقيق الحنطة بنخالته بخلاف الشعير فلا يمكن قياس البر عليها.
م: (ولهما) ش: أي لأبي يوسف ومحمد -رحمهما الله- م: (في الزبيب أنه والتمر يتقاربان في المقصود) ش: وهو التفكه والاستحلاء، فالزبيب يشبه التمر من حيث أنه حلو مأكول وله عجم كما للتمر نواة.
م: (وله) ش: أي ولأبي حنيفة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - م: (أنه) ش: أي الزبيب م: (والبر يتقاربان في المعنى) ش: هو الأكل م: (لأنه) ش: أي لأن الشأن م: (يؤكل كل واحد منهما بجميع أجزائه) ش: أما الزبيب فإنه لا يرمى منه شيء ولا يرمى نواه إلا من يتأنق في المأكول، وأما البر فإن الفقراء لا يرمون منه شيئا م: (ويلقى من التمر النواة ومن الشعير النخالة) ش: هذا جواب عن قولهما إن الزبيب بمنزلة الشعير، وأن الزبيب والتمر يتقاربان.
فأجاب: بأن الزبيب ليس بمتقارب من التمر يلقى منه النواة، ولا هو بمنزلة الشعير والشعير يلقى منه النخالة م: (ولهذا) ش: أي ولكون البر مأكول كله، ولكون التمر يلقى منه النواة م: (ظهر التفاوت بين التمر والبر) ش: فوجبت الفطرة من التمر صاعا ومن البر نصف صاع م: (ومراده) ش: أي محمد - رَحِمَهُ اللَّهُ -.
وقال الكاكي: والشيخ أبو الحسن القدوري - رَحِمَهُ اللَّهُ - م: (من الدقيق والسويق ما يتخذ من البر) ش: يعني دقيق الحنطة وسويقها.
م: (أما دقيق الشعير كالشعير) ش: يعني مثل عين الشعير، وذكر في " المبسوط ": دقيق الحنطة كالحنطة، ودقيق الشعير كعينه عندنا، وبه قال الأنماطي من أصحاب الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ -، وقد مر عن الشافعي أنه لا يجوز الدقيق والسويق في الفطرة م: (والأولى أن يراعى فيهما) ش: أي في الدقيق والسويق م: (القدر والقيمة احتياطا) ش: حتى إذا كان منصوصا عليهما يتأدى باعتبار القدر. وإن لم يكونا باعتبار القيمة، وتفسيره أن يؤدي نصف صاع من دقيق البر،

الصفحة 497