كتاب أسنى المطالب في شرح روض الطالب (اسم الجزء: 3)

مَنْفَعَتَهَا مُدَّةً مَجْهُولَةً سَوَاءٌ أَكَانَ لَهَا عَادَةً أَمْ لَا؛ لِأَنَّهَا قَدْ تَخْتَلِفُ وَفَرَّقُوا بَيْنَهُ مَا سَيَأْتِي مِنْ بِنَاءِ أَمْرِ الْمُضَارَبَةِ عَلَى الْأَخْذِ بِالْعَادَةِ أَوْ بِالْأَقَلِّ بِأَنَّ احْتِمَالَ الزِّيَادَةِ وَالنُّقْصَانِ يَجُرُّ إلَى جَهَالَةِ الْمَبِيعِ، وَهِيَ تَمْنَعُ صِحَّةَ الْبَيْعِ وَالْجَهَالَةُ ثَمَّ تَقَعُ فِي الْقِسْمَةِ فَلَا يَعْلَمُ كُلٌّ مِنْ الْمُسْتَحَقِّينَ أَنَّ مَا أَخَذَهُ قَدْرُ حِصَّتِهِ أَمْ لَا وَذَلِكَ لَا يَمْنَعُ صِحَّةَ الْقِسْمَةِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ ظَهَرَ غَرِيمٌ آخَرُ بَعْدَ قِسْمَةِ مَالِ الْمُفْلِسِ لَا تُنْقَضُ الْقِسْمَةُ بَلْ يُرْجَعُ عَلَى كُلٍّ مِنْ الْمَقْسُومِ عَلَيْهِمْ بِالْحِصَّةِ، وَاسْتَثْنَى الزَّرْكَشِيُّ مِنْ مَنْعِ بَيْعِ الْمَسْكَنِ مَا لَوْ كَانَ قَدْ رَهَنَهُ بِدَيْنٍ ثُمَّ حَلَّ الدَّيْنُ بَعْدَ الطَّلَاقِ وَلَمْ يُمْكِنُهُ وَفَاؤُهُ مِنْ مَحَلٍّ آخَرَ فَيَجُوزُ بَيْعُهُ فِي الدَّيْنِ لِسَبْقِهِ (فَإِنْ اعْتَدَّتْ بِهَا) أَيْ بِالْأَشْهُرِ (جَازَ) بَيْعُهُ كَمَا فِي الْمُسْتَأْجِرِ (وَلَوْ تَوَقَّعَتْ الْحَيْضَ) أَيْ مَجِيئَهُ فِي أَثْنَائِهَا كَأَنْ كَانَتْ بِنْتَ تِسْعِ سِنِينَ فَأَكْثَرَ وَلَمْ تَحِضْ نَظَرًا لِلْحَالِ (فَإِذَا حَاضَتْ فَلِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ) فَلَا يَنْفَسِخُ الْبَيْعُ كَمَا فِي اخْتِلَاطِ الثِّمَارِ الْمَبِيعَةِ بِالْحَادِثَةِ حَيْثُ لَا يَغْلِبُ فِيهِ التَّلَاحُقُ (وَلَوْ كَانَتْ تَسْكُنُ دَارَهَا تَخَيَّرَتْ بَيْنَ النَّقْلَةِ) مِنْهَا (وَالْإِقَامَةِ) فِيهَا (بِأُجْرَةٍ) أَوْ بِدُونِهَا (وَهِيَ أَوْلَى) ، وَإِنَّمَا جَازَ لَهَا النَّقْلَةُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُهَا بَذْلُ مَنْزِلِهَا بِإِعَارَةٍ وَلَا إجَارَةٍ.
(فَرْعٌ: تُقَدَّمُ الْمُعْتَدَّةُ بِحَقِّ سُكْنَى مَنْزِلٍ طَلُقَتْ) أَوْ مَاتَ عَنْهَا (فِيهِ) حَيْثُ (يَمْلِكُهُ الزَّوْجُ وَلَوْ مَنْفَعَتَهُ عَلَى الْغُرَمَاءِ وَالْوَرَثَةِ) ؛ لِأَنَّ حَقَّهَا تَعَلَّقَ بِعَيْنِ الْمَسْكَنِ كَحَقِّ الْمُكْتَرِي وَالْمُرْتَهِنِ هَذَا إنْ طَلُقَتْ قَبْلَ إفْلَاسِهِ وَالْحَجْرِ عَلَيْهِ (وَإِنْ طَلُقَتْ فِي غَيْرِ مَنْزِلِهِ) قَبْلَ الْحَجْرِ عَلَيْهِ أَوْ بَعْدَهُ (أَوْ) فِي مَنْزِلِهِ (بَعْدَ الْحَجْرِ عَلَيْهِ ضَارَبَتْ) الْغُرَمَاءَ بِأُجْرَةِ السُّكْنَى؛ لِأَنَّ حَقَّهَا مُرْسَلٌ فِي الذِّمَّةِ وَلَيْسَ ذَلِكَ فِيمَا إذَا طَلُقَتْ بَعْدَ الْحَجْرِ كَدَيْنٍ حَدَثَ بَعْدَ الْحَجْرِ حَتَّى لَا يُضَارَبَ بِهِ؛ لِأَنَّ سَبَبَ حَقِّهَا سَابِقٌ، وَهُوَ النِّكَاحُ وَالْوَطْءُ فِيهِ؛ وَلِأَنَّ الْمُفْلِسَ بِطَلَاقِهِ كَالْجَانِي وَالْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ يُضَارِبُ (وَيَسْتَأْجِرُ) وَفِي نُسْخَةٍ وَاسْتُؤْجِرَ (لَهَا الْمَسْكَنَ الَّذِي طَلُقَتْ فِيهِ) بِمَا ضَارَبَتْ بِهِ مِنْ الْأُجْرَةِ (فَإِنْ تَعَذَّرَ) اسْتِئْجَارُهُ (فَبِقُرْبِهِ) يُسْكِنُهَا (وُجُوبًا) إنْ أَمْكَنَ (ثُمَّ) إذَا انْقَضَتْ عِدَّتُهَا عَلَى وَفْقِ الْمُضَارَبَةِ (تَرْجِعُ بِالْبَاقِي) لَهَا عَلَى (الْمُفْلِسِ) إذَا أَيْسَرَ كَسَائِرِ الْغُرَمَاءِ. (وَالْحَامِلُ وَذَاتُ الْأَقْرَاءِ تُضَارِبُ) كُلٌّ مِنْهُمَا (بِالْعَادَةِ) أَيْ بِأُجْرَةِ مُدَّتِهَا إنْ كَانَ لَهَا عَادَةً مُسْتَقِرَّةً؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ وَالظَّاهِرَ اسْتِمْرَارُهَا (أَوْ بِأَقَلِّ) أَيْ بِأُجْرَةِ أَقَلِّ (مُدَّةِ الْعَادَاتِ) إنْ اخْتَلَفَتْ عَادَاتُهَا وَلَمْ يَسْتَقِرَّ؛ لِأَنَّ اسْتِحْقَاقَ الزِّيَادَةِ مَشْكُوكٌ فِيهِ. (وَإِنْ لَمْ يَكُنْ) لَهَا (عَادَةٌ فَبِأَقَلِّ) أَيْ فَتُضَارِبُ بِأُجْرَةِ أَقَلِّ (مُدَّةِ الْإِمْكَانِ) لِلْوَضْعِ وَالْأَقْرَاءِ لِذَلِكَ، وَالْمُرَادُ بِأُجْرَةِ مَا بَقِيَ مِنْ أَقَلِّ مُدَّةِ ذَلِكَ، وَأَقَلُّ مُدَّةِ الْحَمْلِ سِتَّةُ أَشْهُرٍ كَمَا مَرَّ (فَلَوْ زَادَتْ الْمُدَّةُ) أَيْ مُدَّةُ الْحَمْلِ أَوْ الْأَقْرَاءِ عَلَى أَقَلِّ مُدَّةِ الْعَادَاتِ أَوْ مُدَّةِ الْإِمْكَانِ (رَجَعَتْ) بِحِصَّةِ الْمُدَّةِ الزَّائِدَةِ (عَلَى الْغُرَمَاءِ) ؛ لِأَنَّا تَبَيَّنَّا اسْتِحْقَاقَهَا كَمَا لَوْ ظَهَرَ غَرِيمٌ (أَوْ عَلَى الْمُفْلِسِ إذَا أَيْسَرَ) لِبَقَاءِ الْحَقِّ فِي ذِمَّتِهِ (وَإِنْ نَقَضَتْ) عَنْهَا (اسْتَرَدُّوا) أَيْ الْغُرَمَاءُ مِنْهَا (مَا زَادَ عَلَى مُدَّةِ الْعِدَّةِ وَرَجَعَتْ عَلَى الْمُفْلِسِ بِحِصَّتِهَا لِلْمُدَّةِ الْمَاضِيَةِ) إذَا أَيْسَرَ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ (وَتُصَدَّقُ الْحَائِضُ) بِيَمِينِهَا (فِي تَأْخِيرِ الْحَيْضِ) وَالْوِلَادَةِ أَيْضًا كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْأَصْلِ (لَا) فِي ذَلِكَ (فِي صُورَةِ الْإِفْلَاسِ) هَذَا مِنْ تَصَرُّفِهِ وَاَلَّذِي اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْأَصْلِ أَنَّهَا تُصَدَّقُ فِيهِ عَلَى الْأَصَحِّ (وَتُضَارِبُ) الْمُطَلَّقَةُ (الرَّجْعِيَّةُ وَالْحَامِلُ) الْبَائِنُ (بِالنَّفَقَةِ) كَمَا تُضَارِبَانِ بِالسُّكْنَى لَكِنْ سَيَأْتِي أَنَّهَا لَا تُعَجَّلُ لِلْحَامِلِ، وَإِنَّمَا تُسَلَّمُ لَهَا يَوْمًا بِيَوْمٍ بَعْدَ ظُهُورِ الْحَمْلِ.

(فَصْلٌ: يَكْتَرِي الْحَاكِمُ مِنْ مَالٍ) مُطَلِّقٍ (غَائِبٍ لَا مَسْكَنَ لَهُ مَسْكَنًا لِمُعْتَدَّتِهِ) لِتَعْتَدَّ فِيهِ (إنْ فُقِدَ مُتَطَوِّعٌ بِهِ) ، وَإِنْ كَانَ لَهُ مَسْكَنٌ هِيَ فِيهِ اعْتَدَّتْ فِيهِ كَمَا مَرَّ (ثُمَّ) إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ (يَقْتَرِضُ) عَلَيْهِ الْحَاكِمُ (لَهُ) أَيْ لِلْمَسْكَنِ أَيْ لِتَحْصِيلِهِ (وَحُكْمُهَا كَهَرَبِ الْجَمَّالِ) فَإِذَا حَضَرَ قَضَى مَا اقْتَرَضَهُ الْحَاكِمُ عَلَيْهِ فَإِذَا أَذِنَ لَهَا أَنْ تَقْتَرِضَ عَلَيْهِ أَوْ تَكْتَرِيَ الْمَسْكَنَ مِنْ مَالِهَا جَازَ وَتَرْجِعُ وَلَوْ فَعَلَتْهُ بِقَصْدِ الرُّجُوعِ عَلَيْهِ بِلَا إذْنِ الْحَاكِمِ فَإِنْ قَدَرَتْ عَلَى اسْتِئْذَانِهِ أَوْ لَمْ تَقْدِرْ وَلَمْ تُشْهِدْ لَمْ تَرْجِعْ، وَإِنْ أَشْهَدَتْ رَجَعَتْ (فَإِنْ مَضَتْ الْمُدَّةُ) أَيْ مُدَّةُ الْعِدَّةِ (أَوْ بَعْضُهَا وَلَمْ تُطَالِبْ) بِالسُّكْنَى (سَقَطَتْ السُّكْنَى) وَلَمْ تَصِرْ دَيْنًا فِي الذِّمَّةِ (لَا النَّفَقَةُ) فَلَا تَسْقُطُ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ النَّفَقَةَ فِي مُقَابَلَةِ التَّمْكِينِ، وَقَدْ وُجِدَ فَلَا تَسْقُطُ بِتَرْكِ الطَّلَبِ وَالسُّكْنَى لِتَحْصِينِ مَائِهِ عَلَى مُوجِبِ نَظَرِهِ وَاحْتِيَاطِهِ وَلَمْ تَحْصُلْ؛ وَلِأَنَّ النَّفَقَةَ عَيْنٌ تُمْلَكُ وَتَثْبُتُ فِي الذِّمَّةِ وَالْمَسْكَنُ لَا تَمْلِكُهُ الْمَرْأَةُ، وَإِنَّمَا تَمْلِكُ الِانْتِفَاعَ بِهِ فِي وَقْتٍ، وَقَدْ مَضَى. (وَكَذَا) حُكْمُهَا (فِي صُلْبِ النِّكَاحِ) .
ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَاسْتَثْنَى الزَّرْكَشِيُّ إلَخْ) قَالَ شَيْخُنَا قِيَاسُ مَا مَرَّ مِنْ صِحَّةِ بَيْعِ الرَّقَبَةِ لِلْمُوصَى لَهُ بِالْمَنْفَعَةِ أَبَدًا صِحَّةُ بَيْعِ الدَّارِ لِلْمُعْتَدَّةِ بِالْأَقْرَاءِ أَوْ الْحَمْلِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ تَعَذَّرَ فَبِقُرْبِهِ وُجُوبًا) إنْ أَمْكَنَ كَمَا فِي نَقْلِ الزَّكَاةِ عِنْدَ عَدَمِ الْمُسْتَحِقِّينَ فِي بَلَدِ الْوُجُوبِ حَتَّى لَوْ كَانَ مَسْكَنُ الْفِرَاقِ صَغِيرًا، وَأَمْكَنَ أَنْ يُضَافَ إلَيْهِ بَيْتَانِ لَزِمَ الزَّوْجَ (قَوْلُهُ: لَا فِي صُورَةِ الْإِفْلَاسِ) فِي بَعْضِ النُّسَخِ، وَلَوْ فِي صُورَةِ الْإِفْلَاسِ

الصفحة 408