كتاب نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج (اسم الجزء: 3)

جَازَ لَهُمْ النَّقْلُ إلَى مَا لَيْسَ كَذَلِكَ، وَبَحَثَ بَعْضُهُمْ، جَوَازَهُ لِأَحَدِ الثَّلَاثَةِ بَعْدَ دَفْنِهِ إذَا أَوْصَى بِهِ، وَوَافَقَهُ غَيْرُهُ فَقَالَ: هُوَ قَبْلَ التَّغَيُّرِ وَاجِبٌ، وَعَلَى كُلٍّ فَلَا حُجَّةَ فِيمَا رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ: أَنَّ يُوسُفَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى نَبِيِّنَا وَعَلَى سَائِرِ أَنْبِيَاءِ اللَّهِ وَسَلَّمَ نُقِلَ بَعْدَ سِنِينَ كَثِيرَةٍ مِنْ مِصْرَ إلَى جِوَارِ جَدِّهِ الْخَلِيلِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -، وَإِنْ صَحَّ مَا جَاءَ: أَيْ النَّاقِلُ لَهُ مُوسَى - عَلَيْهِ السَّلَامُ -؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ شَرْعِنَا، وَمُجَرَّدُ حِكَايَتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا يَجْعَلُهُ مِنْ شَرْعِهِ، هَذَا وَالْأَوْجَهُ عَدَمُ نَقْلِهِ بَعْدَ دَفْنِهِ مُطْلَقًا كَمَا قَالَهُ فِي الْعُبَابِ، وَلَا أَثَرَ لِوَصِيَّتِهِ وَلَوْ تَعَارَضَ الْقُرْبُ مِنْ الْأَمَاكِنِ الْمَذْكُورَةِ وَدَفْنُهُ بَيْنَ أَهْلِهِ فَالْأُولَى أَوْلَى كَمَا بَحَثَهُ الشَّيْخُ - رَحِمَهُ اللَّهُ -

(وَنَبْشُهُ بَعْدَ دَفْنِهِ) وَقَبْلَ بِلَاهُ عِنْدَ أَهْلِ الْخِبْرَةِ بِتِلْكَ الْأَرْضِ (لِلنَّقْلِ) وَلَوْ لِنَحْوِ مَكَّةَ (وَغَيْرِهِ) وَلَوْ لِصَلَاةٍ عَلَيْهِ أَوْ تَكْفِينِهِ كَمَا سَيَأْتِي (حَرَامٌ) لِمَا فِيهِ مِنْ هَتْكِ حُرْمَتِهِ (إلَّا لِضَرُورَةٍ بِأَنْ دُفِنَ بِلَا غُسْلٍ) وَلَا تَيَمُّمٍ بِشَرْطِهِ وَهُوَ مِمَّنْ يَجِبُ غُسْلُهُ فَيَجِبُ نَبْشُهُ لِطُهْرِهِ تَدَارُكًا لِلْوَاجِبِ مَا لَمْ يَتَغَيَّرْ أَوْ يَنْقَطِعْ ثُمَّ يُصَلَّى عَلَيْهِ (أَوْ) دُفِنَ (فِي أَرْضٍ أَوْ) فِي (ثَوْبٍ مَغْصُوبَيْنِ) وَطَلَبَهُمَا مَالِكُهُمَا فَيُنْبَشُ حَتْمًا وَإِنْ تَغَيَّرَ، وَحَصَلَ هَتْكُ حُرْمَتِهِ لِيَصِلَ الْمَالِكُ لِحَقِّهِ، وَيُكْرَهُ لَهُ ذَلِكَ كَمَا نُقِلَ عَنْ النَّصِّ، وَيُسَنُّ فِي حَقِّهِ التَّرْكُ، فَإِنْ لَمْ يَطْلُبْ الْمَالِكُ ذَلِكَ حَرُمَ النَّبْشُ كَمَا جَزَمَ بِهِ ابْنُ الْأُسْتَاذِ.
قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: مَا لَمْ يَكُنْ مَحْجُورًا عَلَيْهِ أَوْ مِمَّنْ يُحْتَاطُ لَهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ، ثُمَّ مَحَلُّ النَّبْشِ أَيْضًا فِي الْكَفَنِ الْمَغْصُوبِ إذَا وُجِدَ مَا يُكَفَّنُ فِيهِ الْمَيِّتُ، وَإِلَّا حَرُمَ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ وَغَيْرِهِ بِنَاءً عَلَى قَهْرِ مَالِكِهِ عَلَيْهِ لَوْ لَمْ يَجِدْ غَيْرَهُ وَهُوَ الْأَصَحُّ، وَلَوْ كُفِّنَ فِي حَرِيرٍ لَمْ يَجُزْ نَبْشُهُ؛ لِأَنَّهُ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى الْمُسَامَحَةِ، وَدَفْنُهُ فِي مَسْجِدٍ كَهُوَ فِي الْمَغْصُوبِ فَيُنْبَشُ وَيُخْرَجُ مُطْلَقًا فِيمَا يَظْهَرُ (أَوْ وَقَعَ فِيهِ) أَيْ الْقَبْرِ (مَالٌ) مِمَّا يُتَمَوَّلُ وَإِنْ قَلَّ كَخَاتَمٍ فَيُنْبَشُ حَتْمًا وَإِنْ تَغَيَّرَ الْمَيِّتُ؛ لِأَنَّ تَرْكَهُ فِيهِ إضَاعَةُ مَالٍ، وَسَوَاءٌ فِي ذَلِكَ طَلَبَهُ مَالِكُهُ أَوْ لَا، وَقَيَّدَ فِي الْمُهَذَّبِ بِطَلَبِهِ لَهُ.
قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: وَلَمْ يُوَافِقُوهُ عَلَيْهِ، وَاعْتَرَضَ بِمُوَافَقَةِ صَاحِبَيْ الِانْتِصَارِ وَالِاسْتِقْصَاءِ لَهُ، وَعَلَى الْإِطْلَاقِ قَدْ يُفَارِقُ مَا فِي الِابْتِلَاعِ وَفِي التَّكْفِينِ وَالدَّفْنِ فِي الْمَغْصُوبِ بِأَنَّ فِي الْأَوَّلِ
ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: جَازَ لَهُمْ النَّقْلُ) أَيْ وَلَوْ فِي بَلَدٍ آخَرَ يَسْلَمُ مِنْهُ الْمَيِّتُ مِنْ الْفَسَادِ

(قَوْلُهُ: وَقَبْلَ بِلَاهُ) عِبَارَةُ الْمُخْتَارِ: بَلِيَ الثَّوْبُ بِالْكَسْرِ بِلًى بِالْقَصْرِ فَإِنْ فَتَحْت بَاءَ الْمَصْدَرِ مَدَدْت اهـ.
وَهِيَ تُفِيدُ أَنَّ مَا هُنَا يَجُوزُ فِيهِ الْكَسْرُ مَعَ الْقَصْرِ وَالْفَتْحُ مَعَ الْمَدِّ (قَوْلُهُ: وَلَا تَيَمُّمَ بِشَرْطِهِ) أَفْهَمَ أَنَّهُ إذَا يُمِّمَ قَبْلَ الدَّفْنِ لَا يَجُوزُ نَبْشُهُ لِلْغُسْلِ وَإِنْ كَانَ تَيَمُّمُهُ فِي الْأَصْلِ لِفَقْدِ الْغَاسِلِ أَوْ لِفَقْدِ الْمَاءِ بِمَحَلٍّ يَغْلِبُ فِيهِ وُجُودُهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَطْلُبُ الْمَالِكُ ذَلِكَ) شَمِلَ مَا لَوْ سَكَتَ عَنْ الطَّلَبِ، وَلَمْ يُصَرِّحْ بِالْمُسَامَحَةِ فَيَحْرُمُ إخْرَاجُهُ، وَعِبَارَةُ حَجّ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ مَغْصُوبَيْنِ: وَإِنْ غَرِمَ الْوَرَثَةُ مِثْلَهُ أَوْ قِيمَتَهُ مَا لَمْ يُسَامِحْ الْمَالِكُ انْتَهَى.
وَمُقْتَضَاهَا وُجُوبُ نَبْشِهِ عِنْدَ سُكُوتِ الْمَالِكِ، وَقَدْ يُمْنَعُ بِأَنَّ فِي إخْرَاجِ الْمَيِّتِ إزْرَاءً وَالْمُسَامَحَةُ جَارِيَةٌ بِمِثْلِهِ، فَالْأَقْرَبُ عَدَمُ جَوَازِ نَبْشِهِ مَا لَمْ يُصَرِّحْ الْمَالِكُ بِالطَّلَبِ (قَوْلُهُ: لَوْ لَمْ يَجِدْ غَيْرَهُ وَهُوَ الْأَصَحُّ) أَيْ وَيُعْطِي قِيمَتَهُ مِنْ تَرِكَةِ الْمَيِّتِ إنْ كَانَتْ، وَإِلَّا فَمِنْ مُنْفِقِهِ إنْ كَانَ، وَإِلَّا فَمِنْ بَيْتِ الْمَالِ فَمَيَاسِيرِ الْمُسْلِمِينَ إنْ لَمْ يَكُنْ هُوَ مِنْهُمْ (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) تَغَيَّرَ أَمْ لَا (قَوْلُهُ وَسَوَاءٌ فِي ذَلِكَ طَلَبَهُ مَالِكُهُ أَوْ لَا) الْمُتَبَادَرُ مِنْ عَدَمِ الطَّلَبِ السُّكُوتُ وَهُوَ
ـــــــــــــــــــــــــــــQوَخُشِيَ عَلَيْهِ مِنْهُمْ كَمَا قَالَهُ الشِّهَابُ حَجّ، وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُ الشَّارِحِ الْآتِي وَخِفْنَا إلَخْ رَاجِعًا إلَى هَذَا أَيْضًا (قَوْلُهُ: هُوَ قَبْلَ التَّغَيُّرِ وَاجِبٌ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ بَعْدَ التَّغَيُّرِ بَاقٍ عَلَى الْجَوَازِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ لِهَذَا الْقَائِلِ فَلْيُرَاجَعْ

(قَوْلُهُ: أَوْ يَنْقَطِعُ) لَا حَاجَةَ إلَيْهِ بَعْدَ قَوْلِهِ مَا لَمْ يَتَغَيَّرْ (قَوْلُهُ: أَوْ مِمَّنْ يُحْتَاطُ لَهُ) أَيْ كَالْغَائِبِ

الصفحة 39