كتاب نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج (اسم الجزء: 3)

بَشَاعَةً بِشَقِّ نَحْوِ جَوْفِهِ، وَالْأَخِيرَيْنِ ضَرُورِيَّانِ لَهُ فَاحْتِيطَ لَهُمَا بِالطَّلَبِ بِخِلَافِ هَذَا.
قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَلَمْ يُبَيِّنْ هَلْ كَلَامُهُ هُنَا فِي وُجُوبِ النَّبْشِ أَوْ جَوَازِهِ، وَيُحْتَمَلُ حَمْلُ كَلَامِ الْمُطْلِقِينَ عَلَى الْجَوَازِ وَكَلَامِ الْمُهَذَّبِ عَلَى الْوُجُوبِ عِنْدَ الطَّلَبِ فَلَا يَكُونُ مُخَالِفًا لِإِطْلَاقِهِمْ انْتَهَى، وَلَوْ بَلَعَ مَالَ غَيْرِهِ وَطَلَبَهُ مَالِكُهُ، وَلَمْ يَضْمَنْ بَدَلَهُ أَحَدٌ مِنْ وَرَثَتِهِ أَوْ غَيْرِهِمْ كَمَا نَقَلَهُ فِي الرَّوْضَةِ عَنْ صَاحِبِ الْعُدَّةِ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ نُبِشَ وَشُقَّ جَوْفُهُ وَأُخْرِجَ مِنْهُ وَدُفِعَ لِمَالِكِهِ، فَإِنْ ابْتَلَعَ مَالَ نَفْسِهِ فَلَا يُنْبَشُ وَلَا يُشَقُّ لِاسْتِهْلَاكِهِ لَهُ حَالَ حَيَاتِهِ (أَوْ دُفِنَ لِغَيْرِ الْقِبْلَةِ) وَإِنْ كَانَ رِجْلَاهُ إلَيْهَا فِيمَا يَظْهَرُ خِلَافًا لِلْمُتَوَلِّي فَيُنْبَشُ حَتْمًا مَا لَمْ يَتَغَيَّرْ وَيُوَجَّهُ لِلْقِبْلَةِ، فَإِنْ تَغَيَّرَ فَلَا (لَا لِلتَّكْفِينِ فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّ غَرَضَ التَّكْفِينِ السِّتْرُ، وَقَدْ حَصَلَ بِالتُّرَابِ مَعَ مَا فِي نَبْشِهِ مِنْ هَتْكِهِ.
وَالثَّانِي: يُنْبَشُ قِيَاسًا عَلَى الْغُسْلِ بِجَامِعِ الْوُجُوبِ، وَيُنْبَشُ أَيْضًا فِي صُوَرٍ كَمَا لَوْ دُفِنَتْ امْرَأَةٌ حَامِلٌ بِجَنِينٍ تُرْجَى حَيَاتُهُ بِأَنْ يَكُونَ لَهُ سِتَّةُ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرَ فَيُشَقُّ جَوْفُهَا وَيُخْرَجُ إذْ شَقُّهُ لَازِمٌ قَبْلَ دَفْنِهَا أَيْضًا، فَإِنْ لَمْ تُرْجَ حَيَاتُهُ فَلَا لَكِنْ يُتْرَكُ دَفْنُهَا إلَى مَوْتِهِ، ثُمَّ تُدْفَنُ، وَقَوْلُ التَّنْبِيهِ تُرِكَ عَلَيْهِ شَيْءٌ حَتَّى يَمُوتَ ضَعِيفٌ بَلْ غَلَطٌ فَاحِشٌ فَلْيُحْذَرْ، أَوْ بُشِّرَ بِمَوْلُودٍ فَقَالَ إنْ كَانَ ذَكَرًا فَعَبْدِي حُرٌّ أَوْ أُنْثَى فَأَمَتِي حُرَّةٌ، وَدُفِنَ الْمَوْلُودُ قَبْلَ الْعِلْمِ بِحَالِهِ فَيُنْبَشُ لِيُعْلَمَ مَنْ وُجِدَتْ صِفَتُهُ، أَوْ قَالَ: إنْ وَلَدْت ذَكَرًا فَأَنْتِ طَالِقٌ طَلْقَةً أَوْ أُنْثَى فَطَلْقَتَيْنِ فَوَلَدَتْ مَيِّتًا وَدُفِنَ وَجُهِلَ حَالُهُ فَالْأَصَحُّ فِي الزَّوَائِدِ نَبْشُهُ، أَوْ ادَّعَى شَخْصٌ عَلَى مَيِّتٍ بَعْدَ دَفْنِهِ أَنَّهُ امْرَأَتُهُ، وَأَنَّ هَذَا الْوَلَدَ وَلَدُهُ مِنْهَا، وَطَلَبَ إرْثَهُ مِنْهَا وَادَّعَتْ امْرَأَةٌ أَنَّهُ زَوْجُهَا، وَأَنَّ هَذَا وَلَدُهَا مِنْهُ وَطَلَبَتْ إرْثَهَا مِنْهُ، وَأَقَامَ كُلٌّ بَيِّنَةً فَإِنَّهُ يُنْبَشُ، فَإِنْ وُجِدَ خُنْثَى قُدِّمَتْ بَيِّنَةُ الرَّجُلِ أَوْ لَحِقَ الْمَيِّتَ سَيْلٌ أَوْ نَدَاوَةٌ فَيُنْبَشُ لِنَقْلِهِ، أَوْ قَالَ: إنْ رَزَقَنِي اللَّهُ وَلَدًا ذَكَرًا فَلِلَّهِ عَلَيَّ كَذَا وَدُفِنَ قَبْلَ الْعِلْمِ بِحَالِهِ فَيُنْبَشُ قَطْعًا لِلنِّزَاعِ، أَوْ شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ عَلَى شَخْصِهِ وَاشْتَدَّتْ الْحَاجَةُ وَلَمْ تَتَغَيَّرْ صُورَتُهُ فَيُنْبَشُ لِيُعْرَفَ عَلَى مَا قَالَهُ الْغَزَالِيُّ، وَالْأَصَحُّ خِلَافُهُ،
أَوْ اخْتَلَفَ الْوَرَثَةُ فِي أَنَّ الْمَدْفُونَ ذَكَرٌ أَوْ أُنْثَى لِيَعْلَمَ كُلٌّ مِنْ الْوَرَثَةِ قَدْرَ حِصَّتِهِ، وَتَظْهَرُ ثَمَرَةُ ذَلِكَ فِي الْمُنَاسَخَاتِ، أَوْ زَعَمَ الْجَانِي شَلَلَ الْعُضْوِ وَلَوْ أُصْبُعًا فَإِنَّهُ يُنْبَشُ لِيُعْلَمَ، ذَكَرَهُ ابْنُ كَجٍّ، أَوْ دُفِنَ فِي ثَوْبٍ مَرْهُونٍ وَطَلَبَ الْمُرْتَهِنُ إخْرَاجَهُ، قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: فَالْقِيَاسُ غُرْمُ الْقِيمَةِ فَإِنْ تَعَذَّرَ
ـــــــــــــــــــــــــــــSيَقْتَضِي أَنَّهُ لَوْ نُهِيَ عَنْهُ لَمْ يُنْبَشْ وَهُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: وَالْأَخِيرَيْنِ ضَرُورِيَّانِ) أَيْ وَبِأَنَّ الْأَخِيرَيْنِ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَضْمَنْ بَدَلَهُ) أَيْ أَمَّا لَوْ ضَمِنَهُ أَحَدٌ مِنْ الْوَرَثَةِ أَوْ غَيْرِهِمْ أَوْ يَدْفَعُ لِصَاحِبِ الْمَالِ بَدَلَهُ حَرُمَ نَبْشُهُ وَشَقُّ جَوْفِهِ لِقِيَامِ بَدَلِهِ مَقَامَهُ وَصَوْنًا لِلْمَيِّتِ مِنْ انْتِهَاكِ حُرْمَتِهِ (قَوْلُهُ: وَدُفِعَ لِمَالِكِهِ) أَيْ وَإِنْ تَغَيَّرَ (قَوْلُهُ: لِاسْتِهْلَاكِهِ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يُشَقُّ وَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ لِإِهْلَاكِهِ قَبْلَ تَعَلُّقِ الْغُرَمَاءِ بِهِ، وَهُوَ كَذَلِكَ حَيْثُ كَانَ الْقَبْرُ مَحْفُورًا عَلَى مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ رِجْلَاهُ إلَيْهَا) ظَاهِرُهُ وَإِنْ رُفِعَ رَأْسُهُ، وَتَقَدَّمَ عَنْ الشَّيْخِ عَمِيرَةَ وحج التَّصْرِيحُ بِالْحُرْمَةِ وَإِنْ رُفِعَ رَأْسُهُ (قَوْلُهُ: لَكِنْ يُتْرَكُ دَفْنُهَا إلَى مَوْتِهِ) أَيْ وَلَوْ تَغَيَّرَتْ لِئَلَّا يُدْفَنَ الْحَمْلُ حَيًّا (قَوْلُهُ: بَلْ غَلَطٌ فَاحِشٌ) أَيْ وَمَعَ ذَلِكَ لَا ضَمَانَ فِيهِ مُطْلَقًا بَلَغَ سِتَّةَ أَشْهُرٍ أَوْ لَا لِعَدَمِ تَيَقُّنِ حَيَاتِهِ (قَوْلُهُ: خُنْثَى قُدِّمَتْ بَيِّنَةُ الرَّجُلِ) أَيْ لِأَنَّ بَيِّنَتَهُ تَشْهَدُ عَلَى خُرُوجِ الْوَلَدِ مِنْ فَرْجِهَا وَبَيِّنَةُ الْمَرْأَةِ تَشْهَدُ لِظَنِّهَا حُصُولَ الْوَلَدِ مِنْهُ مُسْتَنِدَةً لِمُجَرَّدِ الزَّوْجِيَّةِ (قَوْلُهُ: أَوْ نَدَاوَةٌ) أَيْ وَلَوْ قَبْلَهَا عِنْدَ ظَنِّ حُصُولِهَا ظَنَّا قَوِيًّا، وَلَوْ عَلِمَ قَبْلَ دَفْنِهِ حُصُولَ ذَلِكَ لَهُ وَجَبَ اجْتِنَابُهُ حَيْثُ أَمْكَنَ وَلَوْ بِمَحَلٍّ بَعِيدٍ (قَوْلُهُ: وَالْأَصَحُّ خِلَافُهُ) وَلَعَلَّ الْفَرْقَ بَيْنَ هَذِهِ وَمَسْأَلَةِ النَّذْرِ أَنَّ النَّذْرَ لِكَوْنِهِ حَقًّا لِلَّهِ تَعَالَى وَإِنْشَاءِ النَّاذِرِ الْتِزَامَهُ
ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَلَمْ يُبَيِّنْ هَلْ كَلَامُهُ) أَيْ وَلَمْ يُبَيِّنْ فِي الْمَجْمُوعِ هَلْ كَلَامُ الْمُهَذَّبِ (قَوْلُهُ: وَالْأَصَحُّ فِي الزَّوَائِدِ نَبْشُهُ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ كَانَ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: وَأَنَّ هَذَا الْوَلَدَ وَلَدُهُ مِنْهَا) إنَّمَا قَيَّدَ بِهِ لِأَجْلِ مَا يَأْتِي فِي الْخُنْثَى لِتُقَدَّمَ فِيهِ بَيِّنَةُ الرَّجُلِ أَيْ لِأَنَّ بَيِّنَتَهُ مَعَهَا زِيَادَةُ عِلْمٍ بِمُشَاهَدَةِ الْوِلَادَةِ

الصفحة 40