كتاب نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج (اسم الجزء: 3)

وَكَذَا قَبْضُ الْوَارِثِ بَعْدَ مَوْتِ مُوَرِّثِهِ فِي الْمَجْلِسِ: أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْوَارِثُ مَعَهُ فِي مَجْلِسِ الْعَقْدِ؛ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى الْمُكْرَهِ كَمَا قَالَهُ الشَّيْخُ أَبُو عَلِيٍّ فِي آخِرِ كَلَامٍ لَهُ بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ الْعَاقِدُ عَبْدًا مَأْذُونًا لَهُ فَقَبَضَ سَيِّدُهُ أَوْ وَكِيلًا فَقَبْضُ مُوَكِّلِهِ لَا يَكْفِي (قَبْلَ التَّفَرُّقِ) وَلَوْ فِي دَارِ الْحَرْبِ حَتَّى لَوْ كَانَ الْعِوَضُ مُعَيَّنًا كَفَى الِاسْتِقْلَالُ بِقَبْضِهِ وَلَوْ قَبَضَا الْبَعْضَ صَحَّ فِيهِ تَفْرِيقًا لِلصَّفْقَةِ (أَوْ جِنْسَيْنِ كَحِنْطَةٍ وَشَعِيرٍ جَازَ التَّفَاضُلُ) بَيْنَهُمَا (وَاشْتُرِطَ الْحُلُولُ) مِنْ الْجَانِبَيْنِ كَمَا مَرَّ (وَالتَّقَابُضُ) يَعْنِي الْقَبْضَ كَمَا تَقَرَّرَ لِمَا صَحَّ مِنْ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ وَالْفِضَّةُ بِالْفِضَّةِ وَالْبُرُّ بِالْبُرِّ وَالشَّعِيرُ بِالشَّعِيرِ وَالتَّمْرُ بِالتَّمْرِ وَالْمِلْحُ بِالْمِلْحِ مِثْلًا بِمِثْلٍ سَوَاءً بِسَوَاءٍ يَدًا بِيَدٍ، فَإِذَا اخْتَلَفَتْ هَذِهِ الْأَجْنَاسُ فَبِيعُوا كَيْفَ
ـــــــــــــــــــــــــــــSالْفَرْقَ بَيْنَهُمَا أَنَّ الْمُوَرِّثَ بِالْمَوْتِ خَرَجَ عَنْ أَهْلِيَّةِ الْخِطَابِ مِنْ الْقَبْضِ وَعَدَمِهِ وَالْتَحَقَ بِالْجَمَادَاتِ بِخِلَافِ الْآذِنِ (قَوْلُهُ: وَكَذَا قَبْضُ الْوَارِثِ) أَيْ ثُمَّ إنْ اتَّحَدَ فَظَاهِرٌ وَإِنْ تَعَدَّدَ اُعْتُبِرَ مُفَارَقَةُ آخِرِهِمْ، وَلَا يَضُرُّ مُفَارَقَةُ بَعْضِهِمْ لِقِيَامِ الْجُمْلَةِ مَقَامَ الْمُوَرِّثِ فَمُفَارَقَةُ بَعْضِهِمْ كَمُفَارَقَةِ بَعْضِ أَعْضَاءِ الْمُوَرِّثِ لِمَجْلِسِهِ، وَلَا بُدَّ مِنْ حُصُولِ الْإِقْبَاضِ مِنْ الْكُلِّ وَلَوْ بِإِذْنِهِمْ لِوَاحِدٍ يَقْبِضُ عَنْهُمْ، فَلَوْ أَقْبَضَ الْبَعْضَ دُونَ الْبَعْضِ، فَيَنْبَغِي الْبُطْلَانُ فِي حِصَّةِ مَنْ لَمْ يَقْبِضْ كَمَا لَوْ أَقْبَضَ الْمُوَرِّثُ بَعْضَ عِوَضِهِ وَتَفَرَّقَ قَبْلَ قَبْضِ الْبَاقِي (قَوْلُهُ: فِي الْمَجْلِسِ) مُتَعَلِّقٌ بِمَوْتٍ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ) أَيْ الْوَارِثُ فِي مَعْنَى الْمُكْرَهِ: أَيْ بِمَوْتِ مُوَرِّثِهِ (قَوْلُهُ: فِي آخِرِ كَلَامٍ لَهُ) فِي نُسْخَةٍ بَعْدَ مَا ذَكَرَ وَيَكُونُ مَحَلُّ بُلُوغِهِ الْخَبَرَ بِمَنْزِلَةِ مَجْلِسِ الْعَقْدِ، فَإِمَّا أَنْ يُحْضِرَ الْمَبِيعَ لَهُ فِيهِ أَوْ يُوَكِّلَ مَنْ يَقْبِضُهُ قَبْلَ مُفَارَقَتِهِ اهـ. وَنَقَلَ سم عَلَى حَجّ عَنْ مَرَّ مَا يُوَافِقُ هَذِهِ النُّسْخَةَ وَفَرَّقَ وَأَطَالَ فَلْيُرَاجَعْ. وَقَوْلُهُ فِي هَذِهِ النُّسْخَةِ وَيَكُونُ إلَخْ: أَيْ وَأَمَّا الْحَيُّ فَيُعْتَبَرُ بَقَاؤُهُ فِي مَجْلِسِهِ الَّذِي وَقَعَ فِيهِ الْعَقْدُ، وَقَوْلُهُ بِمَنْزِلَةِ مَجْلِسِ الْعَقْدِ مُعْتَمَدٌ، وَقَوْلُهُ فَإِمَّا أَنْ يُحْضِرَ الْمَبِيعَ هُوَ ظَاهِرٌ إنْ كَانَ حَاضِرًا فَإِنْ كَانَ غَائِبًا عَنْ الْبَلَدِ فَمَا حُكْمُهُ رَاجِعْهُ (قَوْلُهُ: فَقَبَضَ سَيِّدُهُ) أَيْ بِغَيْرِ إذْنٍ مِنْهُ عَلَى مَا أَفْهَمَهُ كَلَامُ حَجّ السَّابِقُ وَلَوْ كَانَ حَاضِرًا مَجْلِسَ الْعَقْدِ (قَوْلُهُ فَقَبَضَ مُوَكِّلُهُ) أَيْ بِغَيْرِ إذْنِهِ، وَقَوْلُهُ لَا يَكْفِي: أَيْ؛ لِأَنَّهُ يَقْبِضُ عَنْ نَفْسِهِ لَا عَنْ الْعَاقِدِ، ثُمَّ إنْ حَصَلَ الْقَبْضُ مِنْ الْوَكِيلِ وَالْعَبْدِ فِي الْمَجْلِسِ اسْتَمَرَّتْ الصِّحَّةُ وَإِنْ تَفَرَّقَا قَبْلَ التَّقَابُضِ بَطَلَ الْعَقْدُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ فِي دَارِ الْحَرْبِ) يُتَأَمَّلُ أَخْذُ هَذِهِ غَايَةً، وَلَعَلَّهُ دَفَعَ مَا قَدْ يُتَوَهَّمُ أَنَّ دَارَ الْحَرْبِ يَتَسَامَحُ فِيهَا لِجَوَازِ الِاسْتِيلَاءِ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَنَحْوِهَا (قَوْلُهُ: حَتَّى لَوْ كَانَ) غَايَةً مُرَتَّبَةً عَلَى التَّقَابُضِ الْمُفَسَّرِ بِمَا مَرَّ مِنْ قَوْلِهِ يَعْنِي الْقَبْضَ الْحَقِيقِيَّ إلَخْ (قَوْلُهُ: كَمَا تَقَرَّرَ) أَيْ فِي قَوْلِهِ يَعْنِي الْقَبْضَ الْحَقِيقِيَّ إلَخْ (قَوْلُهُ: سَوَاءٌ إلَخْ) يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ تَأْكِيدًا وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ إشَارَةً إلَى أَنَّ الْمُسَاوَاةَ فِي الْمِقْدَارِ حَقِيقَةٌ؛ لِأَنَّ الْمُمَاثَلَةَ تَصْدُقُ بِهَا فِي الْجُمْلَةِ وَبِحَسَبِ الْحَزْرِ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. أَقُولُ: قَوْلُ سم وَيَجُوزُ إلَخْ وَجْهُ الْمُغَايَرَةِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا قَبْلَهُ أَنَّ التَّأْكِيدَ الْغَرَضُ مِنْهُ تَحْقِيقُ الْأَوَّلِ وَإِثْبَاتُهُ، وَقَوْلُهُ وَيَجُوزُ بِمَنْزِلَةِ الصِّفَةِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: فَقَبَضَ مُوَكِّلُهُ لَا يَكْفِي) وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحَلَّهُ كَاَلَّذِي قَبْلَهُ مَا لَمْ يُوَكِّلْهُمَا الْعَبْدَ وَالْوَكِيلَ حَيْثُ كَانَ لَهُمَا التَّوْكِيلُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ فِي دَارِ الْحَرْبِ) أَيْ وَلَا يُقَالُ: إنَّهُمَا مَأْمُورَانِ بِالْخُرُوجِ مِنْهَا فَهُمَا مُكْرَهَانِ شَرْعًا عَلَى التَّفَرُّقِ وَيُحْتَمَلُ مَا قَالَهُ الشَّيْخُ فِي الْحَاشِيَةِ أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ التَّقَابُضِ وَلَوْ كَانَ الْعَاقِدُ مَعَ حَرْبِيٍّ فِي دَارِ الْحَرْبِ، وَلَا يُقَالُ: إنَّهُ يَجُوزُ لَنَا الِاسْتِيلَاءُ عَلَى أَمْوَالِهِمْ فَلَا عَقْدَ فِي الْحَقِيقَةِ وَعَلَيْهِ فَهُوَ خَاصٌّ بِمَا إذَا كَانَ الْعَقْدُ مَعَ حَرْبِيٍّ، وَعِبَارَةُ الرَّوْضَةِ: يَجْرِي الرِّبَا فِي دَارِ الْحَرْبِ جَرَيَانَهُ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ سَوَاءٌ فِيهِ الْكَافِرُ وَالْمُسْلِمُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ قَبَضَا الْبَعْضَ) يَظْهَرُ أَنَّ مِنْهُ مَا لَوْ قَبَضَ أَحَدُهُمَا جَمِيعَ الْبَدَلِ وَالْآخَرُ بَعْضَهُ فَيَصِحُّ فِي ذَلِكَ الْبَعْضِ بِنَظِيرِهِ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي فِي مَسْأَلَةِ الدِّينَارِ

الصفحة 426