كتاب نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج (اسم الجزء: 3)

شِئْتُمْ إنْ كَانَ يَدًا بِيَدٍ» أَيْ مُقَابَضَةً وَمِنْ لَازِمِهَا الْحُلُولُ كَمَا مَرَّ، وَمَا اقْتَضَاهُ مِنْ اشْتِرَاطِ الْمُقَابَضَةِ وَإِنْ اخْتَلَفَتْ الْعِلَّةُ أَوْ كَانَ أَحَدُ الْعِوَضَيْنِ غَيْرَ رِبَوِيٍّ فَغَيْرُ مُرَادٍ بِالْإِجْمَاعِ، وَالْأَوَّلَانِ شَرْطَانِ لِلصِّحَّةِ ابْتِدَاءً وَالتَّقَابُضُ شَرْطٌ لَهَا دَوَامًا وَمِنْ ثَمَّ ثَبَتَ فِيهِ خِيَارُ الْمَجْلِسِ، وَمَحَلُّ الْبُطْلَانِ بِالتَّفَرُّقِ إذَا وَقَعَ بِالِاخْتِيَارِ فَلَا أَثَرَ لَهُ مَعَ الْإِكْرَاهِ عَلَى الْأَصَحِّ لِأَنَّ تَفَرُّقَهُمَا حِينَئِذٍ كَالْعَدَمِ، خِلَافًا لِمَا نَقَلَهُ السُّبْكِيُّ عَنْ الصَّيْمَرِيِّ، وَالتَّخَايُرُ قَبْلَ الْقَبْضِ وَهُوَ إلْزَامُ الْعَقْدِ كَالتَّفَرُّقِ فِي الْبُطْلَانِ هُنَا وَإِنْ حَصَلَ الْقَبْضُ بَعْدَهُ فِي الْمَجْلِسِ كَمَا صَحَّحَاهُ هُنَا، وَمَا ذَكَرَهُ فِي بَابِ الْخِيَارِ مِنْ أَنَّهُمَا لَوْ تَقَابَضَا قَبْلَ التَّفَرُّقِ لَمْ يَبْطُلْ ضَعِيفٌ، إذْ هُوَ مُفَرَّعٌ عَلَى رَأْيِ ابْنِ سُرَيْجٍ وَهُوَ لَا يَرَى أَنَّ التَّخَايُرَ بِمَنْزِلَةِ التَّفَرُّقِ، وَمَا جَمَعَ بِهِ بَعْضُهُمْ بَيْنَ الْكَلَامَيْنِ لَيْسَ بِصَحِيحٍ وَإِنَّمَا هُوَ تَضْعِيفٌ لِكَلَامِهِمَا هُنَا؛ وَلَوْ اشْتَرَى مِنْ غَيْرِهِ نِصْفًا شَائِعًا مِنْ دِينَارٍ قِيمَتُهُ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ بِخَمْسَةِ دَرَاهِمَ صَحَّ، وَيُسَلِّمُهُ الْبَائِعُ لَهُ لِيَقْبِضَ النِّصْفَ وَيَكُونُ نِصْفُهُ الثَّانِي أَمَانَةً فِي يَدِهِ بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ بِهِ عَلَيْهِ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ فَأَعْطَاهُ عَشَرَةً فَوُجِدَتْ زَائِدَةَ الْوَزْنِ ضَمِنَ الزَّائِدَ الْمُعْطِي؛ لِأَنَّهُ قَبَضَهُ لِنَفْسِهِ، فَإِنْ أَقْرَضَهُ الْبَائِعُ فِي صُورَةِ الشِّرَاءِ تِلْكَ الْخَمْسَةَ بَعْدَ أَنْ قَبَضَهَا مِنْهُ فَاشْتَرَى بِهَا النِّصْفَ الْآخَرَ مِنْ الدِّينَارِ جَازَ كَغَيْرِهَا، وَإِنْ اشْتَرَى كُلَّ الدِّينَارِ مِنْ غَيْرِهِ بِعَشَرَةٍ وَسَلَّمَهُ مِنْهَا خَمْسَةً ثُمَّ اسْتَقْرَضَهَا ثُمَّ رَدَّهَا إلَيْهِ عَنْ الثَّمَنِ بَعْدَ الْعَقْدِ فِي الْخَمْسَةِ الْبَاقِيَةِ كَمَا رَجَّحَهُ ابْنُ الْمُقْرِي فِي رَوْضِهِ لِأَنَّ التَّصَرُّفَ مَعَ الْعَاقِدِ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ إجَازَةٌ وَهِيَ مُبْطِلَةٌ كَمَا مَرَّ، فَكَأَنَّهُمَا
ـــــــــــــــــــــــــــــSالْمُخَصِّصَةِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا اُحْتُمِلَتْ الْمُمَاثَلَةُ الْمُرَادُ وَغَيْرُهُ كَانَ قَوْلُهُ " سَوَاءٌ " كَالنَّعْتِ الْمُخَصِّصِ (قَوْلُهُ أَيْ مُقَابَضَةً) مِنْ كَلَامِ الشَّارِحِ (قَوْلُهُ وَمَا اقْتَضَاهُ) أَيْ الْحَدِيثُ (قَوْلُهُ: غَيْرَ رِبَوِيٍّ) فِي اقْتِضَائِهِ هَذَا نَظَرٌ؛ لِأَنَّ جَمِيعَ الْأَجْنَاسِ الْمُشَارِ إلَيْهَا بِهَذِهِ الْأَجْنَاسِ رِبَوِيَّةٌ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: فَغَيْرُ مُرَادٍ) هَذَا دَلِيلٌ قَاطِعٌ عَلَى أَنَّ شُمُولَ الْعِبَارَةِ لِغَيْرِ الْمُرَادِ لَا يَقْدَحُ فِي صِحَّتِهَا وَهَذَا مِمَّا يَنْفَعُ الْمُصَنِّفِينَ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: وَالْأَوَّلَانِ) الْحُلُولُ وَالْمُمَاثَلَةُ (قَوْلُهُ: وَمِنْ ثَمَّ ثَبَتَ فِيهِ) أَيْ عَقْدُ الرِّبَا (قَوْلُهُ: فَلَا أَثَرَ لَهُ مَعَ الْإِكْرَاهِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ يَضُرُّ مَعَ النِّسْيَانِ وَالْجَهْلِ، وَبِهِ جَزَمَ سم عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ قَبْلَ التَّفَرُّقِ حَيْثُ قَالَ قَوْلُهُ قَبْلَ التَّفَرُّقِ شَامِلٌ لِلتَّفَرُّقِ سَهْوًا أَوْ جَهْلًا (قَوْلُهُ: عَلَى الْأَصَحِّ) عِبَارَةُ حَجّ: نَعَمْ التَّفَرُّقُ هُنَا مَعَ الْإِكْرَاهِ مُبْطِلٌ لِضِيقِ بَابِ الرِّبَا، قَالَ سم: قَوْلُهُ مَعَ الْإِكْرَاهِ مُبْطِلٌ، قَالَ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ: وَكَالْإِكْرَاهِ النِّسْيَانُ كَمَا فِي الْأُمِّ وَالْجَهْلُ كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ، وَهَذَا مُوَافِقٌ لِمَا تَقَدَّمَ عَنْ سم فِي النِّسْيَانِ وَالْجَهْلِ، لَكِنْ مَا تَقَدَّمَ لَا يُفِيدُهُ؛ لِأَنَّ مُحَصِّلَهُ أَنَّ قَوْلَهُ قَبْلَ التَّفَرُّقِ شَامِلٌ لَهُ، وَمُجَرَّدُ قَوْلِهِ شَامِلٌ إلَخْ لَا يَقْتَضِي اعْتِمَادَهُ وَلَا أَنَّهُ الْمَنْقُولُ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ تَفَرُّقَهُمَا) أَيْ ثَمَّ إذَا زَالَ الْإِكْرَاهُ اُعْتُبِرَ مَوْضِعُهُ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: وَالتَّخَايُرُ) أَيْ وَلَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ وَهُوَ إلَخْ (قَوْلُهُ: قَبْلَ التَّفَرُّقِ) أَيْ وَبَعْدَ التَّخَايُرِ (قَوْلُهُ: لَيْسَ بِصَحِيحٍ) مَشَى عَلَيْهِ حَجّ (قَوْلُهُ: بِخَمْسَةِ دَرَاهِمَ) أَيْ مَثَلًا (قَوْلُهُ: لِيَقْبِضَ) أَيْ الْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ أَمَانَةً فِي يَدِهِ) أَيْ الْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ: ضَمِنَ الزَّائِدَ) أَيْ الْقَابِضُ (قَوْلُهُ: ثُمَّ اسْتَقْرَضَهَا) خَرَجَ مَا لَوْ اسْتَقْرَضَ مِنْهُ غَيْرَهَا ثُمَّ رَدَّهَا إلَيْهِ فَلَا يَبْطُلُ؛ لِأَنَّهُ صَدَقَ عَلَيْهِ أَنَّهُ قَبَضَ جَمِيعَ الدَّرَاهِمِ قَبْلَ التَّفَرُّقِ (قَوْلُهُ: بَطَلَ الْعَقْدُ) وَفَارَقَتْ هَذِهِ مَا قَبْلَهَا بِأَنَّ الْمَبِيعَ فِيهَا ثَمَّ نِصْفُ الدِّينَارِ فَقَطْ وَقَدْ قَبَضَ مُقَابِلَهُ، فَإِقْرَاضُهُ لِصَاحِبِهِ وَقَعَ بَعْدَ تَمَامِ الْقَبْضِ لِلْمَبِيعِ فَلَمْ تُؤَثِّرْ الْإِجَازَةُ فِي الْأَوَّلِ وَالثَّانِي عَقْدٌ مُسْتَقِلٌّ، وَلَا كَذَلِكَ الثَّانِيَةُ فَإِنَّ الْإِجَازَةَ فِيهَا قَبْلَ قَبْضِ مَا يُقَابِلُ النِّصْفَ الثَّانِي (قَوْلُهُ: فِي الْخَمْسَةِ الْبَاقِيَةِ) أَيْ فِيمَا يُقَابِلُهَا مِنْ الدِّينَارِ وَهُوَ النِّصْفُ وَيَصِيرُ النِّصْفُ الثَّانِي
ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَمِنْ لَازِمِهَا الْحُلُولُ) أَيْ غَالِبًا كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: أَوْ كَانَ أَحَدُ الْعِوَضَيْنِ غَيْرَ رِبَوِيٍّ) لَك أَنْ تَمْنَعَ كَوْنَ هَذَا قَضِيَّةَ الْخَبَرِ مَعَ أَنَّ الْإِشَارَةَ فِيهِ إنَّمَا هِيَ لِخُصُوصِ هَذِهِ الْأَجْنَاسِ. ثُمَّ رَأَيْت الشِّهَابَ سم سَبَقَ إلَى هَذَا الْمَنْعِ

الصفحة 427