كتاب نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج (اسم الجزء: 3)

تَفَرَّقَا قَبْلَ التَّقَابُضِ. وَلَا يُقَالُ: تَصَرُّفُ الْبَائِعِ فِيمَا قَبَضَهُ مِنْ الثَّمَنِ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ بَاطِلٌ؛ لِأَنَّ مَحَلَّهُ مَعَ الْأَجْنَبِيِّ، أَمَّا مَعَ الْعَاقِدِ فَصَحِيحٌ، وَعَلَى الْمُتَعَاقِدَيْنِ إثْمُ تَعَاطِي عَقْدِ الرِّبَا إنْ تَفَرَّقَا عَنْ تَرَاضٍ، فَإِنْ فَارَقَ أَحَدُهُمَا أَثِمَ فَقَطْ

(وَالطَّعَامُ) الَّذِي هُوَ بِاعْتِبَارِ قِيَامِ الطُّعْمِ بِهِ أَحَدُ الْعِلَّتَيْنِ فِي الرِّبَا لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «الطَّعَامُ بِالطَّعَامِ مِثْلًا بِمِثْلٍ» وَتَعَلُّقُ الْحُكْمِ بِمُشْتَقٍّ يَدُلُّ عَلَى تَعَلُّقِهِ بِمَا مِنْهُ الِاشْتِقَاقُ (مَا قُصِدَ لِلطُّعْمِ) بِضَمِّ أَوَّلِهِ مَصْدَرُ طَعِمَ بِكَسْرِ الْعَيْنِ: أَيْ لِطُعْمِ الْآدَمِيِّ بِأَنْ يَكُونَ أَظْهَرُ مَقَاصِدِهِ تَنَاوُلُ الْآدَمِيِّ لَهُ وَحْدَهُ أَوْ مَعَ غَيْرِهِ
ـــــــــــــــــــــــــــــSمَضْمُونًا عَلَيْهِ فِي يَدِهِ ضَمَانَ يَدٍ؛ لِأَنَّهُ كَانَ مَقْبُوضًا بِعَقْدٍ صَحِيحٍ ثُمَّ فَسَدَ وَلَيْسَ أَمَانَةً كَمَا فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى (قَوْلُهُ: قَبْلَ التَّقَابُضِ) أَيْ فِيمَا يُقَابِلُ النِّصْفَ الثَّانِي (قَوْلُهُ: بَاطِلٌ) أَيْ فَلَا يَصِحُّ شِرَاءُ النِّصْفِ الثَّانِي فِي الْأُولَى وَلَا يَمْلِكُ التَّصَرُّفَ فِي الْخَمْسَةِ الَّتِي قَبَضَهَا فِي الثَّانِيَةِ لِعَدَمِ صِحَّةِ الْقَرْضِ (قَوْلُهُ: إثْمُ تَعَاطِي عَقْدِ الرِّبَا) يَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّهُ بِالنِّسْبَةِ لِلْمُشْتَرِي مَا لَمْ يُضْطَرَّ إلَيْهِ، فَإِنْ اُضْطُرَّ إلَيْهِ كَانَ الْإِثْمُ عَلَى الْبَائِعِ فَقَطْ وَلَا يَلْزَمُ الْمُشْتَرِيَ الزِّيَادَةُ (قَوْلُهُ: إنْ تَفَرَّقَا عَنْ تَرَاضٍ) أَيْ مَعَ التَّذَكُّرِ وَالْعِلْمِ، وَهَلَّا جَعَلَ التَّفَرُّقَ قَائِمًا مَقَامَ التَّلَفُّظِ بِالْفَسْخِ حَيْثُ تَرَتَّبَ عَلَيْهِ انْفِسَاخُ الْعَقْدِ فَيَكُونُ فَسْخًا حُكْمًا اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ: تَفَرُّقُهُمَا عَلَى تِلْكَ الْحَالَةِ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُمَا تَفَرَّقَا عَلَى نِيَّةِ بَقَاءِ الْعَقْدِ قَائِمًا لِذَلِكَ، بِخِلَافِ مَا لَوْ تَفَرَّقَا أَوْ أَحَدُهُمَا بِقَصْدِ الْفَسْخِ فَلَا إثْمَ وَيُصَدَّقُ فِي ذَلِكَ.

(قَوْلُهُ: وَتَعَلَّقَ الْحُكْمُ بِمُشْتَقٍّ إلَخْ) إذْ الطَّعَامُ بِمَعْنَى الْمَطْعُومِ اهـ حَجّ. وَبِهِ يَنْدَفِعُ مَا يُقَالُ الطَّعَامُ اسْمُ عَيْنٍ فَلَا يَكُونُ مُشْتَقًّا (قَوْلُهُ بِكَسْرِ الْعَيْنِ) قَالَ عِ أَيْ فَالطُّعْمُ بِالضَّمِّ الْأَكْلُ، وَأَمَّا بِالْفَتْحِ فَهُوَ مَا يُدْرَكُ بِالذَّوْقِ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: بِأَنْ يَكُونَ إلَخْ) تَفْسِيرٌ لِقَصْدٍ وَبِهِ يَنْدَفِعُ مَا يُقَالُ مِنْ أَيْنَ
ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: بِأَنْ يَكُونَ أَظْهَرَ مَقَاصِدِهِ تَنَاوُلُ الْآدَمِيِّ) فَهُوَ مِنْهُ بِالْأَوْلَى مَا إذَا لَمْ يُقْصَدْ إلَّا لِتَنَاوُلِ الْآدَمِيِّ، وَسَيَأْتِي فِي كَلَامِهِ أَنَّهُ مِثْلُ ذَلِكَ مَا إذَا قَصَدَ لِلنَّوْعَيْنِ بِشَرْطِهِ الْآتِي، وَخَرَجَ بِذَلِكَ مَا إذَا قُصِدَ لِطُعْمِ الْبَهَائِمِ: أَيْ بِأَنْ كَانَ أَظْهَرَ مَقَاصِدِهِ طُعْمُهَا نَظِيرَ مَا فَسَّرَ بِهِ هُنَا طُعْمَ الْآدَمِيِّ وَحِينَئِذٍ فَيَشْمَلُ صُورَتَيْنِ مَا إذَا لَمْ يُقْصَدْ إلَّا لِطُعْمِهَا وَمَا إذَا كَانَ أَظْهَرَ مَقَاصِدِهِ ذَلِكَ وَكُلٌّ مِنْ الصُّورَتَيْنِ غَيْرُ رِبَوِيٍّ لِشَرْطِهِ الْآتِي فِي كَلَامِهِ فَهَذِهِ خَمْسُ صُوَرٍ بِالنَّظَرِ إلَى الْقَصْدِ، وَيَأْتِي مِثْلُهَا بِالنَّظَرِ إلَى التَّنَاوُلِ كَمَا لَا يَخْفَى بِأَنْ لَا يَتَنَاوَلَهُ إلَّا الْآدَمِيُّونَ أَوْ يَغْلِبَ تَنَاوُلُهُمْ لَهُ أَوْ يَسْتَوِيَ الْأَمْرَانِ أَوْ لَا يَتَنَاوَلَهُ إلَّا الْبَهَائِمُ أَوْ يَغْلِبَ تَنَاوُلُهَا لَهُ، فَيَتَلَخَّصُ خَمْسٌ وَعِشْرُونَ صُورَةً حَاصِلَةً مِنْ ضَرْبِ خَمْسَةِ الْقَصْدِ فِي خَمْسَةِ التَّنَاوُلِ وَكُلُّهَا تُعْلَمُ مِنْ كَلَامِهِ إمَّا بِالْمَنْطُوقِ أَوْ بِمَفْهُومِ الْمُوَافَقَةِ أَوْ الْمُخَالَفَةِ كَمَا أَشَرْنَا إلَيْهِ وَكُلُّهَا يَثْبُتُ فِيهَا الرِّبَا إلَّا فِي سِتِّ صُوَرٍ. وَإِيضَاحُ ذَلِكَ أَنَّهُ أَطْلَقَ فِيمَا يَكُونُ أَظْهَرَ مَقَاصِدِهِ تَنَاوُلُ الْآدَمِيِّ لَهُ أَنَّهُ رِبَوِيٌّ وَقَدْ قَدَّمْنَا أَنَّهُ يُفْهَمُ مِنْهُ بِالْأَوْلَى مَا إذَا لَمْ يُقْصَدْ إلَّا لِتَنَاوُلِ الْآدَمِيِّ فَهُمَا صُورَتَانِ بِالنَّظَرِ إلَى الْقَصْدِ تَحْتَهُمَا عَشْرُ صُوَرٍ بِالنَّظَرِ إلَى التَّنَاوُلِ وَكُلُّهَا فِيهِ الرِّبَا، وَذَكَرَ فِيمَا يَسْتَوِي فِيهِ النَّوْعَانِ مِنْ حَيْثُ الْقَصْدُ أَنَّهُ رِبَوِيٌّ بِشَرْطِ عَدَمِ غَلَبَةِ تَنَاوُلِ الْبَهَائِمِ لَهُ فَدَخَلَ فِيهِ مِنْ خَمْسَةِ التَّنَاوُلِ مَا إذَا لَمْ يَتَنَاوَلْهُ غَيْرُ الْآدَمِيِّ وَمَا إذَا غَلَبَ تَنَاوُلُهُ وَمَا إذَا اسْتَوَى الْأَمْرَانِ فَتَبْلُغُ صُوَرُ الرِّبَا ثَلَاثَةَ عَشَرَ، وَخَرَجَ بِالشَّرْطِ الْمَذْكُورِ فِيهِ مَا إذَا غَلَبَ تَنَاوُلُ الْبَهَائِمِ لَهُ وَمَا إذَا لَمْ يَتَنَاوَلْهُ إلَّا الْبَهَائِمُ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى، فَهَاتَانِ صُورَتَانِ لَا رِبَا فِيهِمَا، وَذَكَرَ فِي مَطْعُومِ الْبَهَائِمِ أَنَّهُ غَيْرُ رِبَوِيٍّ بِشَرْطِ غَلَبَةِ تَنَاوُلِهَا لَهُ، وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ قَوْلَهُ فِيهِ إنْ قُصِدَ لِطُعْمِهَا مُنْطَوٍ عَلَى صُورَتَيْنِ مَا إذَا لَمْ يُقْصَدْ إلَّا لَهَا، وَمَا إذَا كَانَ أَظْهَرَ مَقَاصِدِهِ تَنَاوُلُهَا نَظِيرَ مَا مَرَّ لَهُ فِي مَطْعُومِ الْآدَمِيِّ، فَدَخَلَ فِي كُلٍّ مِنْ الصُّورَتَيْنِ مَا إذَا غَلَبَ تَنَاوُلُ الْبَهَائِمِ لَهُ وَمَا إذَا لَمْ يَتَنَاوَلْهُ إلَّا الْبِهَامُ بِالْأَوْلَى، فَهِيَ أَرْبَعُ صُوَرٍ حَاصِلَةٌ مِنْ ضَرْبِ اثْنَيْنِ فِي اثْنَيْنِ تُضَافُ إلَى الصُّورَتَيْنِ الْمُتَقَدِّمَتَيْنِ فَتَصِيرُ صُوَرُ عَدَمِ الرِّبَا سِتًّا، وَخَرَجَ فِي صُورَتَيْ مَطْعُومِ الْبَهَائِمِ مَا إذَا لَمْ يَتَنَاوَلْهُ إلَّا الْآدَمِيُّ وَمَا إذَا غَلَبَ تَنَاوُلُهُ لَهُ وَمَا إذَا اسْتَوَى الْأَمْرَانِ. فَيَحْصُلُ سِتُّ صُوَرٍ حَاصِلَةٌ مِنْ ضَرْبِ ثَلَاثَةٍ فِي اثْنَيْنِ

الصفحة 428