كتاب نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج (اسم الجزء: 3)

كَالْبَلُّوطِ أَوْ شَارَكَهُ فِيهِ الْبَهَائِمُ (اقْتِيَاتًا) كَبُرٍّ وَحِمَّصٍ وَمَاءٍ عَذْبٍ إذْ هُوَ مَطْعُومٌ، قَالَ تَعَالَى {وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي} [البقرة: 249] بِخِلَافِ الْمَاءِ الْمِلْحِ فَلَا يَكُونُ رِبَوِيًّا، وَالْأَوْجَهُ إنَاطَةُ مُلُوحَتِهِ وَعُذُوبَتِهِ بِالْعُرْفِ (أَوْ تَفَكُّهًا) كَتِينٍ وَزَبِيبٍ وَتَمْرٍ وَغَيْرِهَا مِمَّا يُقْصَدُ بِهِ تَأَدُّمٌ أَوْ تَحَلٍّ أَوْ تَحَرُّفٌ أَوْ تَحَمُّضٌ مِمَّا يَأْتِي كَثِيرٌ مِنْهُ فِي الْأَيْمَانِ فَلَا يُرَدُّ عَلَيْهِ الْحَلْوَا (أَوْ تَدَاوِيًا) كَمِلْحٍ وَكُلُّ مَا يَصْلُحُ مِنْ الْبَهَارَاتِ وَالْأَبَازِيرِ وَالْأَدْوِيَةِ كَطِينٍ أَرْمَنِيٍّ وَدُهْنٍ نَحْوُ خِرْوَعٍ وَوَرْدٍ وَلُبَانٍ وَصَمْغٍ وَحَبِّ حَنْظَلٍ وَزَعْفَرَانٍ وَسَقَمُونْيَا لِلْخَبَرِ الْمَارِّ فَإِنَّهُ نَصَّ فِيهِ عَلَى الْبُرِّ وَالشَّعِيرِ وَالْمَقْصُودُ مِنْهُمَا التَّقَوُّتُ فَأَلْحَقَ بِهِمَا مَا فِي مَعْنَاهُمَا كَالْأَرُزِّ وَالذُّرَةِ وَعَلَى التَّمْرِ، وَالْمَقْصُودُ مِنْهُ التَّفَكُّهُ وَالتَّأَدُّمُ فَأُلْحِقَ بِهِ مَا فِي مَعْنَاهُ كَالتِّينِ وَالزَّبِيبِ وَعَلَى الْمِلْحِ وَالْمَقْصُودُ مِنْهُ الْإِصْلَاحُ فَأُلْحِقَ بِهِ مَا فِي مَعْنَاهُ
ـــــــــــــــــــــــــــــSفِي الْعِلْمِ بِكَوْنِ أَظْهَرَ مَقَاصِدِهِ الطُّعْمَ حَيْثُ لَمْ يَتَنَاوَلْهُ الْآدَمِيُّ إلَّا نَادِرًا أَوْ لَمْ يَتَنَاوَلْهُ أَصْلًا مِنْ أَيْنَ يُؤْخَذُ إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّهُ يُؤْخَذُ مِنْ حَيْثُ الْمَنَافِعُ الَّتِي اشْتَمَلَ عَلَيْهَا كَكَوْنِهِ قُوتَا، فَيُعْلَمُ أَنَّ الِاقْتِيَاتَ مِنْهُ هُوَ الْمَقْصُودُ فَلَا يَضُرُّ فِي كَوْنِهِ مَقْصُودًا لِلْآدَمِيِّ اخْتِصَاصُ الْبَهَائِمِ بِهِ أَوْ غَلَبَةُ تَنَاوُلِهِمْ لَهُ (قَوْلُهُ كَالْبَلُّوطِ) وَهُوَ الْمَعْرُوفُ الْآنَ بِتَمْرِ الْفُؤَادِ، وَهُوَ يُشْبِهُ الْبَلَحَ فِي الصُّورَةِ (قَوْلُهُ: إذْ هُوَ مَطْعُومٌ) أَيْ لُغَةً فَفِي الْمِصْبَاحِ وَيَقَعُ: أَيْ الطُّعْمُ بِمَعْنَى الْمَطْعُومِ عَلَى كُلِّ مَا يُسَاغُ حَتَّى عَلَى الْمَاءِ وَذَوْقِ الشَّيْءِ. ثُمَّ قَالَ: وَفِي الْعُرْفِ الطَّعَامُ: اسْمٌ لِمَا يُؤْكَلُ مِثْلُ الشَّرَابِ اسْمٌ لِمَا يُشْرَبُ (قَوْلُهُ بِالْعُرْفِ) الْمُرَادُ بِالْعُرْفِ عُرْفُ بَلَدِ الْعَقْدِ حَجّ، وَالْمُرَادُ بِبَلَدِ الْعَقْدِ مَحَلَّتُهُ بَلَدًا كَانَ أَوْ غَيْرَهَا. وَقَالَ سم عَلَيْهِ: قَوْلُهُ بَلَدِ الْعَقْدِ: أَيْ وَإِنْ لَزِمَ أَنَّ الشَّيْءَ قَدْ يَكُونُ رِبَوِيًّا فِي بَلَدٍ وَغَيْرَ رِبَوِيٍّ فِي آخَرَ، وَلَا يَخْلُو مِنْ غَرَابَةٍ وَنَظَرٍ اهـ.
أَيْ فَالْأَوْلَى مَا قَالَهُ مَرَّ مِنْ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْعُرْفِ الْعُرْفُ الْعَامُّ كَأَنْ يُقَالَ: الْعَذْبُ: مَا يُسَاغُ عَادَةً مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ إلَى مَحَلَّةٍ دُونَ أُخْرَى (قَوْلُهُ: الْحَلْوَا) بِالْقَصْرِ وَالْمَدِّ، وَعِبَارَةُ الْمِصْبَاحِ: الْحَلْوَا الَّتِي تُؤْكَلُ تُمَدُّ وَتُقْصَرُ، وَجَمْعُ الْمَمْدُودِ حَلَاوِي مِثْلُ صَحَارِي وَصَحَارِيٌّ بِالتَّشْدِيدِ، وَجَمْعُ الْمَقْصُورِ حَلَاوَى بِفَتْحِ الْوَاوِ. قَالَ الْأَزْهَرِيُّ: الْحَلْوَا اسْمٌ لِمَا يُؤْكَلُ مِنْ الطَّعَامِ إذَا كَانَ مُعَالَجًا بِحَلَاوَةٍ اهـ (قَوْلُهُ: كَمِلْحٍ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ مَائِيًّا أَوْ جَبَلِيًّا؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يُقْصَدُ لِلْإِصْلَاحِ فَهُمَا كَالْبُرِّ الْبُحَيْرِيِّ وَالصَّعِيدِيِّ (قَوْلُهُ: وَكُلُّ مَا يُصْلِحُ) أَيْ الْبَدَنَ (قَوْلُهُ: مِنْ الْبَهَارَاتِ) فِي الْمِصْبَاحِ: وَالْبَهَارُ وَازِنُ سَلَامٍ الطِّيبُ، وَمِنْهُ قِيلَ لِأَزْهَارِ الْبَادِيَةِ بَهَارٌ. قَالَ ابْنُ سَيِّدَهُ: وَالْبُهَارُ بِالضَّمِّ: شَيْءٌ يُوزَنُ بِهِ اهـ. وَفِي الْمُخْتَارِ: وَالْبَهَارُ بِالْفَتْحِ: الْعَرَارُ الَّذِي يُقَالُ لَهُ عَيْنُ الْبَقَرِ، وَهُوَ بَهَارُ الْبُرِّ، وَهُوَ نَبْتٌ جَعْدٌ وَتُفَّاحَةٌ صَفْرَاءُ يَنْبُتُ أَيَّامَ الرَّبِيعِ يُقَالُ لَهُ الْعَرَارَةُ اهـ. وَمِنْهُمَا يُعْلَمُ أَنَّ الزَّنْجَبِيلَ لَا يُسَمَّى بَهَارًا، وَهُوَ خِلَافُ مَا عَلَيْهِ عُرْفُ النَّاسِ (قَوْلُهُ: والْأَبَارِيزِ) وَمِنْهَا الْحُلْبَةُ الْيَابِسَةُ بِخِلَافِ الْحُلْبَةِ الْخَضْرَاءِ كَذَا بِهَامِشٍ، وَعَلَيْهِ فَمِثْلُهَا الْكَبَرُ فِيمَا ذُكِرَ مِنْ التَّفْصِيلِ فِيمَا يَظْهَرُ، لَكِنَّ عِبَارَةَ الشَّارِحِ فِي أَوَاخِرِ بَيْعِ الْأُصُولِ وَالثِّمَارِ قُبَيْلَ وَيُرَخَّصُ فِي بَيْعِ الْعَرَايَا نَصُّهَا: وَلِهَذَا لَوْ بَاعَ زَرْعًا غَيْرَ رِبَوِيٍّ قَبْلَ ظُهُورِ الْحَبِّ بِحَبٍّ أَوْ بُرًّا صَافِيًا بِشَعِيرٍ وَتَقَابَضَا فِي الْمَجْلِسِ جَازَ إذْ لَا رِبًا، وَيُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ إذَا كَانَ رِبَوِيًّا كَأَنْ اُعْتِيدَ أَكْلُهُ كَالْحُلْبَةِ امْتَنَعَ بَيْعُهُ بِحَبِّهِ وَبِهِ جَزَمَ الزَّرْكَشِيُّ، وَمِثْلُ الْبَهَارَاتِ وَالْأَبَازِيرِ غَيْرُهُمَا بِدَلِيلِ مَا مَثَّلَ بِهِ مِنْ الطِّينِ وَمَا مَعَهُ فَإِنَّهُ لَيْسَ مِنْ الْبَهَارَاتِ وَلَا الْأَبَازِيرِ مَعَ كَوْنِهِ رِبَوِيًّا لَكِنَّهُ مِنْ الْأَدْوِيَةِ (قَوْلُهُ: خِرْوَعٍ) وَازِنُ مِقْوَدٍ اهـ مِصْبَاحٌ (قَوْلُهُ: وَوَرْدٍ) أَيْ وَدُهْنِ وَرْدٍ. أَمَّا الْخِرْوَعُ وَالْوَرْدُ وَمَاؤُهُ فَلَيْسَتْ رِبَوِيَّةً؛ لِأَنَّهَا لَمْ تُقْصَدْ لِلطَّعْمِ اهـ حَجّ وَلَمْ يُنَبِّهْ عَلَى حُكْمِ بَقِيَّةِ الْمِيَاهِ. وَالظَّاهِرُ أَنَّهَا رِبَوِيَّةٌ؛ لِأَنَّهَا تُقْصَدُ لِلتَّدَاوِي (قَوْلُهُ فَأُلْحِقَ بِهِ مَا فِي مَعْنَاهُ) .
ـــــــــــــــــــــــــــــQمِنْ الضَّمِيرِ الْمَجْرُورِ فِي لَهُ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ عِبَارَةِ الرَّوْضِ وَغَيْرِهَا.

الصفحة 430