كتاب نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج (اسم الجزء: 3)

فَلَا عِبْرَةَ بِمَا أُحْدِثَ بَعْدَهُ (وَمَا) لَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ الْعَهْدِ أَوْ كَانَ وَ (جُهِلَ) حَالُهُ وَلَوْ لِنِسْيَانٍ أَوْ كَانَ وَلَمْ يَكُنْ بِالْحِجَازِ أَوْ اُسْتُعْمِلَ الْكَيْلُ وَالْوَزْنُ فِيهِ سَوَاءٌ أَوْ لَمْ يُسْتَعْمَلَا فِيهِ أَوْ غَلَبَ أَحَدُهُمَا وَلَمْ يَتَعَيَّنْ يُعْتَبَرُ فِيهِ عُرْفُ الْحِجَازِ عَلَى مَا قَالَهُ الْمُتَوَلِّي، لَكِنَّ تَعْلِيلَ الْأَصْحَابِ السَّابِقَ يُخَالِفُهُ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ فِيهِ عُرْفٌ فَإِنْ كَانَ أَكْبَرَ مِنْ التَّمْرِ الْمُعْتَدِلِ فَمَوْزُونٌ جَزْمًا إذْ لَمْ يُعْهَدْ فِي ذَلِكَ الْعَهْدِ الْكَيْلُ فِي ذَلِكَ، وَإِلَّا فَإِنْ كَانَ مِثْلَهُ كَاللَّوْزِ، أَوْ دُونَهُ فَأَمْرُهُ مُحْتَمَلٌ، لَكِنَّ قَاعِدَةَ أَنَّ مَا لَمْ يُحَدُّ شَرْعًا يُحَكَّمُ فِيهِ الْعُرْفُ قَاضِيَةٌ بِأَنَّهُ (تُرَاعَى فِيهِ عَادَةُ بَلَدِ الْبَيْعِ) حَالَةَ الْبَيْعِ فَإِنْ اخْتَلَفَ اُعْتُبِرَ فِيهِ الْأَغْلَبُ فِيمَا يَظْهَرُ، فَإِنْ فُقِدَ الْأَغْلَبُ أُلْحِقَ بِالْأَكْثَرِ بِهِ شَبَهًا، فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ جَازَ فِيهِ الْكَيْلُ وَالْوَزْنُ (وَقِيلَ الْكَيْلُ) إذْ أَغْلَبُ مَا وَرَدَ فِيهِ النَّصُّ مَكِيلٌ (وَقِيلَ الْوَزْنُ) لِأَنَّهُ أَحْصَرُ وَأَقَلُّ تَفَاوُتًا (وَقِيلَ يَتَخَيَّرُ) لِلتَّسَاوِي (وَقِيلَ إنْ كَانَ لَهُ أَصْلٌ) مَعْلُومُ الْمِعْيَارِ (اُعْتُبِرَ أَصْلُهُ) فَعَلَيْهِ دُهْنُ السِّمْسِمِ مَكِيلٌ وَدُهْنُ اللَّوْزِ مَوْزُونٌ، كَذَا قَالَهُ الشَّارِحُ وَهُوَ تَفْرِيعٌ عَلَى الْمَرْجُوحِ وَإِنْ كَانَ مُوهِمًا إذْ الْأَصَحُّ أَنَّ اللَّوْزَ مَكِيلٌ فَدُهْنُهُ كَذَلِكَ

(وَالنَّقْدُ بِالنَّقْدِ) أَيْ الذَّهَبُ وَالْفِضَّةُ وَإِنْ كَانَا غَيْرَ مَضْرُوبَيْنِ، وَعِلَّةُ الرِّبَا فِيهِ جَوْهَرِيَّةُ الثَّمَنِ فَلَا رِبَا فِي الْفُلُوسِ وَلَوْ رَاجَتْ (كَطَعَامٍ بِطَعَامٍ) فِي جَمِيعِ مَا مَرَّ فَفِي ذَهَبٍ بِمِثْلِهِ أَوْ فِضَّةٍ بِمِثْلِهَا تُعْتَبَرُ الثَّلَاثَةُ وَفِي أَحَدِهِمَا بِالْآخَرِ يُعْتَبَرُ شَرْطَانِ وَهَذَا يُسَمَّى صَرْفًا، وَقُدِّمَ الْكَلَامُ عَلَى الطَّعَامِ عَلَى الْكَلَامِ عَلَى النَّقْدِ عَكْسُ الْوَارِدِ فِي الْخَبَرِ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي الطَّعَامِ أَكْثَرُ فَقُدِّمَ لِذَلِكَ، وَأَمَّا قَوْلُهُمْ إنَّ تَقْدِيمَ مَا يَقِلُّ عَلَيْهِ الْكَلَامُ أَوْلَى فَإِنَّمَا هُوَ بِحَسَبِ الْمَقَاصِدِ، وَلَا فَرْقَ هُنَا وَفِيمَا مَرَّ بَيْنَ كَوْنِ الْعِوَضَيْنِ مُعَيَّنَيْنِ أَوْ فِي الذِّمَّةِ أَوْ أَحَدِهِمَا مُعَيَّنًا وَالْآخَرُ فِي الذِّمَّةِ كَبِعْتُكَ هَذَا بِمَا صِفَتُهُ كَذَا ثُمَّ يُعَيِّنُ وَيَقْبِضُ قَبْلَ التَّفَرُّقِ، وَيَجُوزُ إطْلَاقُ الدِّينَارِ وَالدِّرْهَمِ إذَا كَانَ فِي الْبَلَدِ غَالِبٌ مُنْضَبِطٌ

(وَلَوْ) (بَاعَ) طَعَامًا أَوْ نَقْدًا بِجِنْسِهِ وَقَدْ سَاوَاهُ فِي مِيزَانٍ وَنَقَصَ عَنْهُ فِي أُخْرَى أَوْ (جِزَافًا) بِتَثْلِيثِ الْجِيمِ وَاقْتِصَارُ الشَّارِحِ هُنَا عَلَى كَسْرِهَا لِأَنَّهُ أَفْصَحُ وَإِلَّا فَقَدْ ضَبَطَهَا بِالتَّثْلِيثِ فِي الشُّفْعَةِ
ـــــــــــــــــــــــــــــSالْجِزْيَةِ (قَوْلُهُ: وَمَا لَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ الْعَهْدِ) أَيْ لَا فِي الْحِجَازِ وَلَا غَيْرِهَا بَلْ حَدَثٌ لَا يُنَافِي قَوْلَهُ أَوْ كَانَ وَلَمْ يَكُنْ بِالْحِجَازِ (قَوْلُهُ: يُعْتَبَرُ فِيهِ عُرْفُ الْحِجَازِ) يَعْنِي الْآنَ فَلَا يُنَافِي أَنَّ مِنْ جُمْلَةِ صُوَرِهِ كَوْنُهُ غَيْرَ مَوْجُودٍ فِي زَمَنِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَمْ يُقَيِّدْ هَذَا وَلَا مَا عُهِدَ فِيهِ شَيْءٌ فِي عَهْدِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِقَدْرٍ مِنْ التَّمْرِ وَلَا غَيْرِهِ، وَلَكِنَّ قَوْلَهُ بَعْدَ إذْ لَمْ يُعْلَمْ فِي ذَلِكَ الْعَهْدِ إلَخْ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مَا كِيلَ فِي عَهْدِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوْ كَانَ عُرْفَ الْحِجَازِ فِيهِ ذَلِكَ لَا يَزِيدُ عَلَى قَدْرِ التَّمْرِ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: تَعْلِيلُ الْأَصْحَابِ السَّابِقِ) أَيْ فِي قَوْلِهِ لِظُهُورِ أَنَّهُ إلَخْ (قَوْلُهُ: فَمَوْزُونٌ جَزْمًا) وَمِنْهُ اللَّيْمُونُ فَالْعِبْرَةُ فِيهِ بِالْوَزْنِ (قَوْلُهُ: يَحْكُمُ فِيهِ الْعُرْفُ) ظَاهِرٌ فِي أَنَّ اللُّغَةَ مُؤَخَّرَةٌ عَنْ الْعُرْفِ، وَهُوَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ جَازَ فِيهِ الْكَيْلُ وَالْوَزْنُ) وَيَظْهَرُ فِي مُتَبَايِعَيْنِ بِطَرَفَيْ بَلَدَيْنِ مُخْتَلِفَيْ الْعَادَةِ التَّخْيِيرُ أَيْضًا اهـ حَجّ.
وَكَتَبَ عَلَيْهِ سم: لَوْ تَبَايَعَا كَذَلِكَ شَيْئًا بِنَقْدٍ مَعَ اخْتِلَافِ نَقْدِ الْبَلَدَيْنِ فَهَلْ يُعْتَبَرُ نَقْدُ بَلَدِ الْإِيجَابِ أَوْ الْقَبُولِ أَوْ يَجِبُ التَّعْيِينُ اهـ - رَحِمَهُ اللَّهُ -؟ أَقُولُ: الْأَقْرَبُ وُجُوبُ التَّعْيِينِ، وَيُحْتَمَلُ اعْتِبَارُ بَلَدِ الْمُبْتَدِئِ بِالصِّيغَةِ مُوجِبًا كَانَ أَوْ قَابِلًا؛ لِأَنَّ لَفْظَهُ يُحْمَلُ عَلَى عُرْفِهِ الْمُطَّرِدِ فَيَكُونُ الْجَوَابُ لِمَا سَبَقَ مِنْ الصِّيغَةِ.

(قَوْلُهُ جَوْهَرِيَّةُ الثَّمَنِ) أَيْ عِزَّتُهُ وَشَرَفُهُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ رَاجَتْ) أَيْ فَيَجُوزُ بَيْعُ بَعْضِهَا
ـــــــــــــــــــــــــــــQ [الْمُمَاثَلَةُ تُعْتَبَرُ فِي الْمَكِيلِ]
(قَوْلُهُ: فَلَا عِبْرَةَ بِمَا أُحْدِثَ بَعْدَهُ) أَيْ مِنْ أَصْلِ مِعْيَارٍ أَوْ غَلَبَتِهِ (قَوْلُهُ: عَلَى مَا قَالَهُ الْمُتَوَلِّي) اُنْظُرْ مَا مُعْتَمَدُ الشَّارِحِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بَعْدَ هَذَا التَّبَرِّي هَلْ هُوَ مَا ذَكَرَهُ الْمَتْنُ فِي صُورَةِ الْجَهْلِ أَوْ غَيْرُهُ (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ فِيهِ عُرْفٌ) هَذَا مَفْهُومُ قَوْلِ الْمُتَوَلِّي: يُعْتَبَرُ فِيهِ عُرْفُ الْحِجَازِ فَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى كَلَامِ الْمُتَوَلِّي الَّذِي تَبَرَّأَ مِنْهُ، بَلْ هُوَ مِنْ جُمْلَةِ كَلَامِ الْمُتَوَلِّي كَمَا يُعْلَمُ مِنْ كَلَامِ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: كَاللَّوْزِ) الْمَقْصُودُ مِنْهُ مُجَرَّدُ التَّمْثِيلِ لِمَا جِرْمُهُ مُمَاثِلٌ لِجِرْمِ التَّمْرِ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ الشِّهَابُ حَجّ، وَإِلَّا فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ مَكِيلٌ كَمَا سَيَأْتِي فِي كَلَامِ الشَّارِحِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ) أَيْ كَوْنُ اللَّوْزِ مَوْزُونًا

(قَوْلُهُ: فَإِنَّمَا هُوَ بِحَسَبِ الْمَقَاصِدِ) عِبَارَةٌ قَاصِرَةٌ

الصفحة 433