كتاب نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج (اسم الجزء: 3)

أَصْلًا لِأَنَّهُمَا غَيْرُ رِبَوِيَّيْنِ (بَلْ تُعْتَبَرُ الْمُمَاثَلَةُ فِي الْحُبُوبِ) الَّتِي يَتَنَاهَى جَفَافُهَا وَهِيَ مُنَقَّاةٌ مِنْ نَحْوِ تِبْنٍ وَزُوَانٍ (حَبًّا) لِتَحَقُّقِهَا فِيهَا وَقْتَ الْجَفَافِ

(وَ) تُعْتَبَرُ (فِي حُبُوبِ الدُّهْنِ كَالسِّمْسِمِ) بِكَسْرِ سِينِهِ (حَبًّا أَوْ دُهْنًا) أَوْ كُسْبًا خَالِصًا مِنْ نَحْوِ دُهْنٍ وَمِلْحٍ فَيُبَاعُ السِّمْسِمُ بِمِثْلِهِ وَالشَّيْرَجُ بِمِثْلِهِ، وَلَيْسَ لِلطَّحِينَةِ الْمَعْرُوفَةِ قَبْلَ اسْتِخْرَاجِ دُهْنِهَا حَالَةُ كَمَالٍ فَلَا يُبَاعُ بَعْضُهَا بِبَعْضٍ، وَلَا يُبَاعُ سِمْسِمٌ بِشَيْرَجٍ إذْ هُوَ فِي مَعْنَى بَيْعِ كُسْبٍ وَدُهْنٍ بِدُهْنٍ وَهُوَ مِنْ قَاعِدَةِ مُدِّ عَجْوَةٍ، وَالْكُسْبُ الْخَالِصُ وَالشَّيْرَجُ جِنْسَانِ. وَحَاصِلُ مَا فِي الْكُسْبِ بِالْكُسْبِ أَنَّهُ إنْ كَانَ مِمَّا يَأْكُلُهُ الدَّوَابُّ فَقَطْ كَكُسْبِ الْكَتَّانِ جَازَ مُتَفَاضِلًا وَمُتَسَاوِيًا، وَإِنْ كَانَ مِمَّا يَأْكُلُهُ النَّاسُ كَكُسْبِ السِّمْسِمِ وَاللَّوْزِ فَإِنْ كَانَ فِيهِ خَلْطٌ يَمْنَعُ التَّمَاثُلَ لَمْ يَجُزْ وَإِلَّا فَيَجُوزُ، وَالْأَدْهَانُ الْمُطَيِّبَةُ كُلُّهَا مُسْتَخْرَجَةٌ مِنْ السِّمْسِمِ، ثُمَّ إنْ رُبَّى السِّمْسِمُ فِيهَا ثُمَّ اُسْتُخْرِجَ دُهْنُهُ جَازَ بَيْعُ بَعْضِهَا بِبَعْضٍ مُتَفَاضِلًا بِشَرْطِهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا أَجْنَاسٌ كَأُصُولِهَا، وَإِنْ اُسْتُخْرِجَ الدُّهْنُ ثُمَّ طُرِحَتْ أَوْرَاقُهَا فِيهِ لَمْ يَجُزْ بَيْعُ بَعْضِهَا بِبَعْضٍ مُتَفَاضِلًا؛ لِأَنَّهَا جِنْسٌ وَاحِدٌ كَمَا ذَكَرَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ؛ لِأَنَّ أَصْلَهَا الشَّيْرَجُ، وَيُمْكِنُ حَمْلُ كَلَامِ الشَّارِحِ عَلَى الْحَالَةِ الْأُولَى كَمَا مَرَّتْ الْإِشَارَةُ إلَى حَمْلِهِ أَيْضًا. وَقَوْلُنَا لَمْ يَجُزْ بَيْعُ بَعْضِهَا بِبَعْضٍ مُتَفَاضِلًا إلَى آخِرِهِ: أَيْ وَلَا مُتَمَاثِلًا، وَلَا يُنَافِيه تَعْلِيلُهُمْ بِأَنَّهَا جِنْسٌ وَاحِدٌ، إذْ لَا يَلْزَمُ مِنْ اتِّحَادِ الْجِنْسِ جَوَازُ بَيْعِ بَعْضِهِ بِبَعْضٍ مُتَمَاثِلًا لِقِيَامِ مَانِعٍ هُنَا وَهُوَ عَدَمُ تَحَقُّقِ الْمُمَاثَلَةِ

(وَ) تُعْتَبَرُ (فِي الْعِنَبِ زَبِيبًا أَوْ خَلَّ عِنَبٍ وَكَذَا الْعَصِيرُ) مِنْ نَحْوِ عِنَبٍ وَرُطَبٍ
ـــــــــــــــــــــــــــــSمِمَّا يُتَّخَذُ مِنْهُ كَالدَّقِيقِ بِمَا يُتَّخَذُ مِنْهُ كَالْحَلْوَا الْمَعْمُولَةِ بِالنَّشَا وَالْمَصْلِ (قَوْلُهُ: وَاَلَّتِي يَتَنَاهَى جَفَافُهَا) قَدْ يُشْكِلُ اعْتِبَارُ التَّنَاهِي هُنَا بِقَوْلِهِ قَبْلُ بِخِلَافِ نَحْوِ التَّمْرِ: أَيْ فَإِنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ تَنَاهِي الْجَفَافِ؛ لِأَنَّهُ مَكِيلٌ، وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ مُرَادَهُ بِنَحْوِ التَّمْرِ الْمِشْمِشُ وَنَحْوُهُ مِمَّا لَا يَتَنَاهَى جَفَافُهُ عَادَةً بِخِلَافِ نَحْوِ الْبُرِّ، لَكِنْ يُشْكِلُ عَلَى هَذَا الْجَوَابِ مَا مَرَّ لَهُ أَيْضًا مِنْ أَنَّهُ لَا يَضُرُّ التَّفَاوُتُ وَزْنًا بَعْدَ الِاسْتِوَاءِ فِي الْكَيْلِ كَالْبُرِّ الصَّلْبِ بِالرَّخْوِ وَقَدْ يُقَالُ أَيْضًا: الْمُرَادُ بِتَنَاهِي الْجَفَافِ فِي الْحَبِّ وُصُولُهُ إلَى حَالَةٍ يَتَأَتَّى فِيهَا ادِّخَارُهُ عَادَةً. هَذَا وَعِبَارَةُ الْمَنْهَجِ: وَلَا يُعْتَبَرُ فِي التَّمْرِ وَالْحَبِّ تَنَاهِي جَفَافِهِمَا اهـ.
وَهِيَ ظَاهِرَةٌ فِي الْمُخَالَفَةِ لِمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ اهـ. وَكَتَبَ سم عَلَى مَنْهَجٍ مَا نَصُّهُ: يَنْبَغِي أَنَّ ضَابِطَ جَفَافِهِمَا أَنْ لَا يَظْهَرَ بِزَوَالِ الرُّطُوبَةِ الْبَاقِيَةِ أَثَرٌ فِي الْمِكْيَالِ اهـ. وَهُوَ صَرِيحٌ فِيمَا قُلْنَاهُ (قَوْله لِتَحَقُّقِهَا) أَيْ الْمُمَاثَلَةِ.

(قَوْلُهُ: كَكُسْبِ الْكَتَّانِ) وَفِي نُسْخَةِ الْقُرْطُمِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَ فِيهِ خَلْطٌ) أَيْ بِأَنْ بَقِيَ فِيهِ دُهْنٌ يُمْكِنُ فَصْلُهُ (قَوْلُهُ: ثُمَّ إنْ رَبَّى السِّمْسِمَ) أَيْ بِأَنْ خُلِطَ السِّمْسِمُ بِوَرَقِ الْوَرْدِ وَتُرِكَ حَتَّى تَرَوَّحَ ثُمَّ عُصِرَ مُجَرَّدًا عَنْ الْوَرْدِ (قَوْلُهُ: مُتَفَاضِلًا بِشَرْطِهِ) أَيْ مِنْ الْحُلُولِ وَالتَّقَابُضِ، وَالْمُعْتَمَدُ عَدَمُ جَوَازِهِ؛ لِأَنَّهُمَا جِنْسٌ وَاحِدٌ، أَمَّا إذَا بِيعَ بَعْضُهَا بِبَعْضٍ مُتَمَاثِلًا فِي هَذِهِ الْحَالَةِ فَلَا مَانِعَ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ مَا يَمْنَعُ الْعِلْمَ بِالْمُمَاثَلَةِ، وَمُجَرَّدُ التَّرَوُّحِ لَا أَثَرَ لَهُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ عَيْنًا (قَوْلُهُ كَأُصُولِهَا) أَيْ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا أَجْنَاسٌ، أَيْ وَالْحَقُّ أَنَّهَا جِنْسٌ وَاحِدٌ؛ لِأَنَّهَا كُلَّهَا مِنْ السِّمْسِمِ (قَوْلُهُ: وَيُمْكِنُ حَمْلُ كَلَامِ الشَّارِحِ) أَيْ الْمَذْكُورِ فِيمَا تَقَدَّمَ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَأَدِقَّةُ الْأُصُولُ إلَخْ مِنْ قَوْلِهِ وَدُهْنُ الْبَنَفْسَجِ بِدُهْنِ الْوَرْدِ كَذَلِكَ: أَيْ أَجْنَاسٌ (قَوْلُهُ: وَهُوَ عَدَمُ تَحَقُّقِ إلَخْ) أَيْ لِاخْتِلَاطِهِ بِمَا يَتَحَاتَّ مِمَّا طُيِّبَ بِهِ، وَبِهَذَا يَظْهَرُ الْفَرْقُ بَيْنَ الْقَوْلِ بِالْفَسَادِ هُنَا وَالصِّحَّةِ فِي الْحَالَةِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ إنْ رَبَّى السِّمْسِمَ فِيهَا) أَيْ مَا يَطِيبُ بِهِ الْمَفْهُومُ مِنْ الْمُطَيَّبَةِ بِاعْتِبَارِ أَفْرَادِهِ (قَوْلُهُ: بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا أَجْنَاسٌ) أَيْ وَالْحَقُّ أَنَّهَا جِنْسٌ وَاحِدٌ (قَوْلُهُ: كَمَا مَرَّتْ الْإِشَارَةُ إلَى حَمْلِهِ أَيْضًا) أَيْ عَلَى أَنَّهُ فِي دُهْنَيْنِ اخْتَلَفَ أَصْلَاهُمَا وَذَلِكَ فِي شَرْحِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ: وَأَدِقَّةُ الْأُصُولِ الْمُخْتَلِفَةِ الْجِنْسِ إلَخْ

الصفحة 437