كتاب نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج (اسم الجزء: 3)

ذَلِكَ الْكَامِلِ، بِخِلَافِهِ بِمِثْلِهِ فَإِنَّهُ مُسْتَتِرٌ فِيهِمَا فَلَا مُقْتَضَى لِتَقْدِيرِ بُرُوزِهِ، وَمَرَّ أَنَّ الْمَاءَ رِبَوِيٌّ لَكِنَّهُ بِالنِّسْبَةِ لِمَقْصُودٍ دَارٌ بِهَا بِئْرُ مَاءٍ عَذْبٍ بِيعَتْ بِمِثْلِهَا مَقْصُودٌ تَبَعًا فَلَمْ تَجْرِ فِيهِ الْقَاعِدَةُ الْآتِيَةُ لِذَلِكَ وَإِنْ كَانَ مَقْصُودًا فِي نَفْسِهِ، كَمَا ذَكَرُوا فِي بَابِ بَيْعِ الْأُصُولِ وَالثِّمَارِ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ التَّعَرُّضُ لِدُخُولِهِ فِي بَيْعِ دَارٍ بِهَا بِئْرُ مَاءٍ وَإِلَّا لَمْ يَصِحَّ لِاخْتِلَاطِ الْمَاءِ الْمَوْجُودِ لِلْبَائِعِ بِالْحَادِثِ لِلْمُشْتَرِي، وَمَنْ ادَّعَى أَنَّ كَلَامَهُمْ ثَمَّ مَفْرُوضٌ فِي بِئْرِ مَاءٍ مَبِيعَةٍ وَحْدَهَا فَيَكُونُ مَاؤُهَا حِينَئِذٍ مَقْصُودًا فَقَدْ غَلِطَ بَلْ صَرَّحُوا بِمَا ذَكَرْنَاهُ الْمَعْلُومُ مِنْهُ أَنَّ التَّابِعَ هُنَا غَيْرُ التَّابِعِ ثَمَّ وَهُوَ مَا يَكُونُ جُزْءًا أَوْ مُنَزَّلًا مَنْزِلَتَهُ، وَمِثْلُ ذَلِكَ بَيْعُ بُرٍّ بِشَعِيرٍ وَفِيهِمَا أَوْ فِي أَحَدِهِمَا حَبَّاتٌ مِنْ الْآخَرِ يَسِيرَةٌ بِحَيْثُ لَا يُقْصَدُ تَمْيِيزُهَا لِتُسْتَعْمَلَ وَحْدَهَا وَإِنْ أَثَّرَتْ فِي الْكَيْلَيْنِ، وَبَيْعُ دَارٍ فِيهَا مَعْدِنٌ ذَهَبٌ مَثَلًا جَهِلَاهُ بِذَهَبٍ لِأَنَّ الْمَعْدِنَ مَعَ الْجَهْلِ بِهِ تَابِعٌ بِالْإِضَافَةِ إلَى مَقْصُودِ الدَّارِ، فَالْمُقَابَلَةُ بَيْنَ الدَّارِ وَالذَّهَبِ خَاصَّةٌ فَصَحَّ، وَقَوْلُهُمْ لَا أَثَرَ لِلْجَهْلِ بِالْمُفْسِدِ فِي بَابِ الرِّبَا مَحِلُّهُ فِي غَيْرِ التَّابِعِ.
أَمَّا التَّابِعُ فَيُتَسَامَحُ بِجَهْلِهِ، وَالْمَعْدِنُ مِنْ تَوَابِعِ الْأَرْضِ كَالْحَمَلِ يَتْبَعُ أُمَّهُ فِي الْبَيْعِ وَغَيْرِهِ، وَلَا يُنَافِيه عَدَمُ صِحَّةِ بَيْعِ ذَاتِ لَبَنٍ بِمِثْلِهَا؛ لِأَنَّ الشَّرْعَ جَعَلَ اللَّبَنَ فِي الضَّرْعِ كَهُوَ فِي الْإِنَاءِ بِخِلَافِ الْمَعْدِنِ؛ وَلِأَنَّ ذَاتَ اللَّبَنِ الْمَقْصُودُ مِنْهَا اللَّبَنُ وَالْأَرْضُ لَيْسَ الْمَقْصُودُ مِنْهَا الْمَعْدِنُ فَلَا بُطْلَانَ.
أَمَّا لَوْ عَلِمَا بِالْمَعْدِنِ أَوْ أَحَدِهِمَا أَوْ كَانَ فِيهَا تَمْوِيهُ ذَهَبٍ يَتَحَصَّلُ مِنْهُ بِالْعَرْضِ عَلَى النَّارِ فَلَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّهُ مَقْصُودٌ بِالْمُقَابَلَةِ فَجَرَتْ فِيهِ الْقَاعِدَةُ.

(وَاخْتَلَفَ الْجِنْسُ) أَيْ جِنْسُ الْمَبِيعِ (مِنْهُمَا) جَمِيعُهُمَا بِأَنْ اشْتَمَلَ أَحَدُهُمَا عَلَى جِنْسَيْنِ اشْتَمَلَ الْآخَرُ عَلَيْهِمَا (كَمُدِّ عَجْوَةٍ وَدِرْهَمٍ بِمُدٍّ) عَجْوَةٍ (وَدِرْهَمٍ)
ـــــــــــــــــــــــــــــSضِمْنًا فِيهِمَا فَيَصِحُّ لِمَا يَأْتِي مِنْ صِحَّةِ بَيْعِ السِّمْسِمِ بِمِثْلِهِ (قَوْلُهُ: وَمَرَّ أَنَّ الْمَاءَ رِبَوِيٌّ) قَالَ سم عَلَى حَجّ: حَرَّرَ الشَّيْخُ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ أَنَّ الصَّحِيحَ جَوَازُ بَيْعِ خُبْزِ الْبُرِّ بِخُبْزِ الشَّعِيرِ وَإِنْ اشْتَمَلَ كُلٌّ مِنْهُمَا عَلَى مَاءٍ وَمِلْحٍ لِاسْتِهْلَاكِهِمَا فَلَيْسَ ذَلِكَ مِنْ هَذِهِ الْقَاعِدَةِ اهـ. أَقُولُ: قَدْ يُشْكِلُ عَلَيْهِ مَسْأَلَةُ الْخُلُولِ حَيْثُ قَالُوا فِيهَا: مَتَى كَانَ فِيهِمَا مَاءَانِ امْتَنَعَ بَيْعُ أَحَدِهِمَا بِالْآخَرِ مُطْلَقًا مِنْ جِنْسِهِ أَوْ غَيْرِ. اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّ الْمَاءَ فِي الْخُبْزِ لَا وُجُودَ لَهُ أَلْبَتَّةَ، وَالْمَقْصُودُ مِنْهُ إنَّمَا هُوَ جَمْعُ أَجْزَاءِ الدَّقِيقِ، بِخِلَافِ الْخَلِّ فَإِنَّ الْمَاءَ مَوْجُودٌ فِيهِ بِعَيْنِهِ وَإِنَّمَا تَغَيَّرَتْ صِفَتُهُ بِمَا أُضِيفَ إلَيْهِ فَلَمْ تَضْمَحِلَّ أَجْزَاؤُهُ (قَوْلُهُ: لِذَلِكَ) أَيْ التَّبَعِيَّةِ (قَوْلُهُ: لِدُخُولِهِ) أَيْ الْمَاءِ (قَوْلُهُ: أَنَّ التَّابِعَ هُنَا) وَهُوَ مَا لَا يُقْصَدُ بِالْمُقَابَلَةِ اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: وَهُوَ) أَيْ ثَمَّ (قَوْلُهُ: وَمِثْلُ ذَلِكَ) أَيْ فِي الصِّحَّةِ (قَوْلُهُ وَإِنْ أَثَّرَتْ فِي الْكَيْلَيْنِ) قَالَ سم عَلَى بَهْجَةٍ: قَوْلُهُ بِأَنْ يَكُونَ قَدْرًا لَوْ مُيِّزَ لَظَهَرَ إلَخْ لَيْسَ الْمُرَادُ مِنْ هَذَا أَنْ يَنْظُرَ إلَى مَا يَحْوِيه كُلُّ صَاعٍ مَثَلًا فَيَعْتَبِرُ ظُهُورَهُ وَعَدَمَهُ فَإِنَّ ذَلِكَ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ مَا يَحْوِيه الْمِكْيَالُ، فَتَارَةً قَدْ يَحْتَوِي عَلَى كَثِيرٍ مِنْ الْخَلِيطِ، وَتَارَةً عَلَى الْقَلِيلِ، بَلْ الْمُرَادُ النَّظَرُ لِمِقْدَارِ الْخَلِيطِ الَّذِي خُلِطَ عَلَيْهِ الْمَبِيعُ لَوْ مُيِّزَ جَمِيعُهُ هَلْ يَظْهَرُ فِي الْمِكْيَالِ نَقْصٌ لِوَكِيلِ الْخَالِصِ عَلَى انْفِرَادِهِ أَمْ لَا. قَالَ السُّبْكِيُّ: وَلَوْ كَانَ النُّقْصَانُ لَا يَتَبَيَّنُ فِي الْمِقْدَارِ وَيَتَبَيَّنُ فِي الْكَثِيرِ. قَالَ الْإِمَامُ: فَالْمُمْتَنِعُ النُّقْصَانُ فَإِنْ كَانَ مَا اشْتَمَلَ عَلَيْهِ الْعَقْدُ بِحَيْثُ لَوْ مُيِّزَ التُّرَابُ مِنْهُ لَمْ يَبِنْ النَّقْصُ صَحَّ وَإِنْ كَانَ لَوْ جُمِعَ لَمَلَأَ صَاعًا أَوْ آصُعًا فَالْبَيْعُ بَاطِلٌ اهـ بِرّ. وَكَتَبَ أَيْضًا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ: أَيْ الْقَلِيلَ مِنْ التِّبْنِ وَنَحْوِهِ لَا يَظْهَرُ فِي الْمِكْيَالِ لَوْ كَانَ يَظْهَرُ فِيهِ لَكِنْ لَا قِيمَةَ لَهُ وَكَانَ الْخَالِصُ مِنْهُ مَعْلُومَ الْمُمَاثَلَةِ فَيَنْبَغِي الصِّحَّةُ (قَوْلُهُ بَيْنَ الدَّارِ وَالذَّهَبِ خَاصَّةً) أَيْ لَا بَيْنَ الدَّارِ وَالْمَعْدِنِ بِالذَّهَبِ (قَوْلُهُ: الْمَقْصُودُ مِنْهَا اللَّبَنُ) أَيْ فَأَثَّرَ سَوَاءٌ عَلِمَاهُ أَوْ جَهِلَاهُ (قَوْلُهُ: أَوْ كَانَ فِيهَا) مُحْتَرَزٌ قَوْلُهُ غَيْرَ تَابِعٍ بِالْإِضَافَةِ (قَوْلُهُ: يَتَحَصَّلُ مِنْهُ) أَيُّ شَيْءٍ.

(قَوْلُهُ: كَمُدِّ عَجْوَةٍ) قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: هُوَ تَمْرٌ مِنْ أَجْوَدِ تَمْرِ الْمَدِينَةِ. قَالَ الْأَزْهَرِيُّ:
ـــــــــــــــــــــــــــــQأَيْ فِي أَحَدِ الْجَانِبَيْنِ فَقَطْ (قَوْلُهُ: وَهُوَ مَا يَكُونُ جُزْءًا) أَيْ كَالسَّقْفِ مَثَلًا، وَقَوْلُهُ أَوْ مُنَزَّلًا مَنْزِلَتَهُ: أَيْ كَمِفْتَاحِ الْغَلْقِ، بِخِلَافِ الْمَاءِ فَلَا يَدْخُلُ فِي مُسَمَّى الدَّارِ مَثَلًا فَلَا بُدَّ مِنْ النَّصِّ عَلَيْهِ

(قَوْلُهُ: عَجْوَةً) بَعْدَ قَوْلِ الْمَتْنِ بِمَدٍّ يُقْرَأُ بِالنَّصْبِ

الصفحة 440