كتاب نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج (اسم الجزء: 3)

فَتَتَحَقَّقُ الْمُفَاضَلَةُ بِمُقَابَلَةِ ثُلُثَيْ مُدٍّ بِنِصْفِ مُدٍّ وَإِنْ اسْتَوَتْ قِيمَةُ الْمُدِّ مِنْ الطَّرَفَيْنِ فَالْمُمَاثَلَةُ غَيْرُ مُحَقَّقَةٍ؛ لِأَنَّهَا تَعْتَمِدُ التَّقْوِيمَ وَهُوَ تَخْمِينٌ قَدْ يُخْطِئُ، وَلَا فَرْقَ فِي الْجِنْسِ الْمَضْمُومِ إلَى الرِّبَوِيِّ الْمُتَّحِدِ الْجِنْسِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ رِبَوِيًّا أَمْ لَا، وَمَا قَدَّرَهُ بَعْضُ الشُّرَّاحِ فِي الْجِنْسِ هُنَا بِالرِّبَوِيِّ يُوهِمُ الصِّحَّةَ فِي بَيْعِ دِرْهَمٍ وَثَوْبٍ بِمِثْلِهِمَا؛ لِأَنَّ جِنْسَ الرِّبَوِيِّ غَيْرُ مُخْتَلِفٍ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ إذْ هُوَ حِينَئِذٍ مِنْ الْقَاعِدَةِ؛ لِأَنَّ جِنْسَ الْمَبِيعِ اخْتَلَفَ وَمَحَلُّ مَا تَقَرَّرَ فِي الْمُعَيَّنِ لِيَخْرُجَ بِهِ مَا فِي الذِّمَّةِ فَلَا يَأْتِي جَمِيعُ مَا فِي غَيْرِهِ فِيهِ فَلَا يُشْكِلُ بِمَا سَيَأْتِي فِي الصُّلْحِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ كَانَ لَهُ عَلَى غَيْرِهِ أَلْفُ دِرْهَمٍ وَخَمْسُونَ دِينَارًا فَصَالَحَ عَنْهَا بِأَلْفَيْ دِرْهَمٍ جَازَ، وَخَرَجَ بِالصُّلْحِ مَا لَوْ عَوَّضَ دَائِنَهُ عَنْ دَيْنِهِ النَّقْدِ نَقْدًا مِنْ جِنْسِهِ وَغَيْرِهِ أَوْ وَفَّاهُ بِهِ غَيْرَ لَفْظِ تَعْوِيضٍ لَكِنْ بِمَعْنَاهُ مَعَ الْجَهْلِ بِالْمُمَاثَلَةِ فَلَا يَصِحُّ، وَفَارَقَ صِحَّةَ الصُّلْحِ عَنْ أَلْفٍ بِخَمْسِمِائَةٍ بِأَنَّ لَفْظَهُ يَقْتَضِي قَنَاعَةَ الْمُسْتَحِقِّ بِالْقَلِيلِ عَنْ الْكَثِيرِ فَيَتَضَمَّنُ الْإِبْرَاءَ عَنْ الْبَاقِي وَبِأَنَّ الْمَأْخُوذَ فِيهِ بِصِفَةِ الدَّيْنِ بِخِلَافِهِ هُنَا فِيهِمَا.
وَاعْلَمْ أَنَّهُ قَدْ يَغْفُلُ عَنْ دَقِيقِهِ فَلَا بَأْسَ بِالتَّفَطُّنِ لَهَا، وَهِيَ أَنَّهُ عَلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ بُطْلَانَ بَيْعِ نَحْوِ دِينَارٍ فِيهِ ذَهَبٌ وَفِضَّةٌ بِمِثْلِهِ أَوْ بِأَحَدِهِمَا وَلَوْ خَالِصًا وَإِنْ قَلَّ الْخَلِيطُ؛ لِأَنَّهُ يُؤَثِّرُ فِي الْوَزْنِ مُطْلَقًا، فَإِنْ فُرِضَ عَدَمُ تَأْثِيرِهِ فِيهِ وَلَمْ يَظْهَرْ بِهِ تَفَاوُتٌ فِي الْقِيمَةِ صَحَّ، وَيُؤْخَذُ مِنْهُ بِالْأَوْلَى بُطْلَانُ مَا عَمَّتْ بِهِ الْبَلْوَى مِنْ دَفْعِ دِينَارٍ مَغْرِبِيٍّ
ـــــــــــــــــــــــــــــSذَلِكَ بَلْ يَكْفِي التَّفْصِيلُ فِي الْعَقْدِ كَمَا مَرَّ، وَيُمْكِنُ شُمُولُ الْحَدِيثِ لِذَلِكَ بِأَنْ يُحْمَلَ قَوْلُهُ لَا حَتَّى يُمَيِّزَ عَلَى الْأَعَمِّ مِنْ التَّفْصِيلِ فِي الْعَقْدِ وَفِي الْخَارِجِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ تَخْمِينٌ قَدْ يُخْطِئُ) وَيُقَالُ مِثْلُ ذَلِكَ فِيمَا لَوْ اخْتَلَفَ النَّوْعُ أَوْ الصِّفَةُ (قَوْلُهُ: لِيَخْرُجَ بِهِ مَا فِي الذِّمَّةِ فَلَا يَأْتِي إلَخْ) يَعْنِي مَا فِي الذِّمَّةِ فِيهِ تَفْصِيلٌ، وَحَاصِلُهُ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي أَنَّهُ يَصِحُّ الصُّلْحُ دُونَ غَيْرِهِ هَذَا وَكَانَ يُمْكِنُ إجْرَاءُ الْكَلَامِ عَلَى عُمُومِهِ وَتُجْعَلُ صُورَةُ الصُّلْحِ مُسْتَثْنَاةً فَلَا تُرَدُّ (قَوْلُهُ: فَصَالِحٌ عَنْهَا) أَيْ الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ (قَوْلُهُ لَكِنْ بِمَعْنَاهُ) كَأَنْ قَالَ: خُذْهَا عَنْ دَيْنِك (قَوْلُهُ: بِأَنَّ لَفْظَهُ) أَيْ الصُّلْحِ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ يُؤَثِّرُ فِي الْوَزْنِ) قَدْ يُشْكِلُ عَلَى هَذَا مَا مَرَّ مِنْ جَوَازِ الْمُعَامَلَةِ بِالْمَغْشُوشِ وَإِنْ جَهِلَ قَدْرَ الْغِشِّ وَكَوْنُهُ مِثْلِيًّا وَثُبُوتُهُ فِي الذِّمَّةِ حَيْثُ ضُمِنَ بِمُعَامَلَةٍ أَوْ إتْلَافٍ فَلْيُتَأَمَّلْ، إلَّا أَنْ يُقَالَ: مَا هُنَاكَ لَيْسَ فِيهِ تَصْرِيحٌ بِبَيْعِ الْمَغْشُوشِ بِمِثْلِهِ بَلْ يَجُوزُ تَصْوِيرُهُ بِبَيْعِهِ بِغَيْرِ جِنْسِهِ بِخِلَافِهِ هُنَا.
(قَوْلُهُ: وَلَمْ يَظْهَرْ بِهِ تَفَاوُتٌ فِي الْقِيمَةِ) مَفْهُومُهُ أَنَّهُمَا لَوْ تَفَاوَتَا فِي الْقِيمَةِ لَمْ يَصِحَّ وَهُوَ مُشْكِلٌ عَلَى مَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ لَا نَظَرَ لِتَفَاوُتِ الْقِيمَتَيْنِ عِنْدَ الِاسْتِوَاءِ فِي الْكَيْلِ أَوْ الْوَزْنِ: لَا يُقَالُ: إنَّمَا نَظَرَ لِاخْتِلَافِ الْقِيمَتَيْنِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: وَمَحَلُّ مَا تَقَرَّرَ فِي الْمُعَيَّنِ إلَخْ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْمُصَالَحُ عَلَيْهِ فِي مَسْأَلَةِ الصُّلْحِ الْآتِيَةِ مُعَيَّنًا لَا يَصِحُّ الصُّلْحُ الْمَذْكُورُ وَهُوَ مَا جَرَى عَلَيْهِ ابْنُ الْمُقْرِي، لَكِنْ سَيَأْتِي فِي بَابِ الْمَبِيعِ قَبْلَ قَبْضِهِ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ الصِّحَّةُ، وَعَلَيْهِ فَيَجُوزُ أَنْ يُقَالَ فِي قَوْلِ الشَّارِحِ مَا فِي الذِّمَّةِ: أَيْ وَلَوْ بِالنِّسْبَةِ لِأَحَدِ الطَّرَفَيْنِ لِيُوَافِقَ الْمُعْتَمَدَ الْآتِيَ (قَوْلُهُ: فَلَا يَتَأَتَّى فِيهِ جَمِيعُ مَا فِي غَيْرِهِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ يَتَأَتَّى فِيهِ بَعْضُ مَا فِي غَيْرِهِ وَلَيْسَ مُرَادًا، فَفِي الْعِبَارَةِ مُسَامَحَةٌ لَا تَخْفَى (قَوْلُهُ: نَقْدًا مِنْ جِنْسِهِ) لَعَلَّهُ سَقَطَ عَقِبَهُ لَفْظُ وَغَيْرِهِ مِنْ النُّسَّاخِ لِيَكُونَ مِنْ الْقَاعِدَةِ الَّتِي الْكَلَامُ فِيهَا، وَهَذِهِ الْعِبَارَةُ بِلَفْظِهَا فِي حَاشِيَةِ الزِّيَادِيِّ وَفِيهَا لَفْظُ وَغَيْرِهِ وَكَذَلِكَ مَعْنَاهَا فِي التُّحْفَةِ إلَّا أَنَّهُ قَالَ فِيهَا بِالصِّحَّةِ (قَوْلُهُ: مَعَ الْجَهْلِ بِالْمُمَاثَلَةِ) قَضِيَّتُهُ الصِّحَّةُ عِنْدَ الْعِلْمِ بِالْمُمَاثَلَةِ، هَذَا إنْ كَانَ لَفْظُ وَغَيْرِهِ الَّذِي نَبَّهْنَا عَلَيْهِ أَسْقَطَهُ الشَّارِحُ قَصْدًا وَإِنْ لَزِمَ عَلَيْهِ خُرُوجُ الْمَسْأَلَةِ عَنْ الْقَاعِدَةِ، فَإِنْ كَانَ إسْقَاطُهُ مِنْ النُّسَّاخِ فَقَوْلُهُ مَعَ الْجَهْلِ بِالْمُمَاثَلَةِ قَيْدٌ لِبَيَانِ الْوَاقِعِ إذْ لَا يَتَأَتَّى الْعِلْمُ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: وَفَارَقَ صِحَّةَ الصُّلْحِ إلَخْ) هَذَا لَا تَعَلُّقَ لَهُ بِمَا نَحْنُ فِيهِ مِنْ الْقَاعِدَةِ عَلَى أَنَّهُ مَعْلُومٌ مِنْ قَوْلِهِ فِيمَا مَرَّ، وَمَحَلُّ مَا تَقَرَّرَ فِي الْمُعَيَّنِ لِيَخْرُجَ بِهِ مَا فِي الذِّمَّةِ إلَخْ

الصفحة 443