كتاب نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج (اسم الجزء: 3)

بِذِكْرِ النَّعَمِ صِحَّةَ تَسْمِيَةِ الثَّلَاثِ نَعَمًا، وَالْإِبِلُ اسْمُ جَمْعٍ لَا وَاحِدَ لَهُ مِنْ لَفْظِهِ، وَيَجُوزُ تَسْكِينُ بَائِهِ لِلتَّخْفِيفِ، وَالْبَقَرُ اسْمُ جِنْسٍ الْوَاحِدُ مِنْهُ بَقَرَةٌ، وَالْغَنَمُ اسْمُ جِنْسٍ أَيْضًا يُطْلَقُ عَلَى الذُّكُورِ وَالْإِنَاثِ وَلَا وَاحِدَ لَهُ مِنْ لَفْظِهِ (لَا الْخَيْلَ) مُؤَنَّثٌ يُطْلَقُ عَلَى الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى وَهُوَ اسْمُ جَمْعٍ لَا وَاحِدَ لَهُ مِنْ لَفْظِهِ، سُمِّيَتْ خَيْلًا لِاخْتِيَالِهَا فِي مَشْيِهَا (وَ) لَا (الرَّقِيقَ) يُطْلَقُ عَلَى الْوَاحِدِ وَالْجَمْعِ وَالذَّكَرِ وَغَيْرِهِ لِخَبَرِ الشَّيْخَيْنِ «لَيْسَ عَلَى الْمُسْلِمِ فِي عَبْدِهِ وَلَا فَرَسِهِ صَدَقَةٌ» أَيْ مَا لَمْ يَكُونَا لِلتِّجَارَةِ كَمَا سَيَأْتِي (وَ) لَا (الْمُتَوَلِّدَ مِنْ غَنَمٍ وَظِبَاءٍ) لِعَدَمِ تَسْمِيَتِهَا غَنَمًا وَلِهَذَا لَمْ يُكْتَفَ بِهَا فِي الْأُضْحِيَّةِ، وَكَذَا مُتَوَلِّدٌ بَيْنَ زَكَوِيٍّ وَغَيْرِهِ عَمَلًا بِالْقَاعِدَةِ السَّابِقَةِ أَنَّ الْفَرْعَ يَتَّبِعُ أَخَفَّ أَصْلَيْهِ فِي عَدَمِ وُجُوبِهَا، وَلَا يُنَافِيهِ إيجَابُ الْجَزَاءِ عَلَى الْمُحْرِمِ بِقَتْلِهِ لِلِاحْتِيَاطِ؛ لِأَنَّ الزَّكَاةَ مُوَاسَاةٌ فَنَاسَبَهَا التَّخْفِيفُ وَالْجَزَاءَ غَرَامَةُ الْمُتَعَدِّي فَنَاسَبَهُ التَّغْلِيظُ.
أَمَّا الْمُتَوَلِّدُ مِنْ نَحْوِ إبِلٍ وَبَقَرٍ فَتَجِبُ فِيهِ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمْ.
وَقَالَ الْعِرَاقِيُّ: يَنْبَغِي الْقَطْعُ بِهِ، وَالظَّاهِرُ كَمَا قَالَهُ أَنَّهُ يُزَكَّى زَكَاةَ أَخَفِّهِمَا.
فَالْمُتَوَلِّدُ بَيْنَ إبِلٍ وَبَقَرٍ يُزَكَّى زَكَاةَ الْبَقَرِ لِأَنَّهُ الْمُتَيَقَّنُ، وَالظِّبَاءُ بِالْمَدِّ جَمْعُ ظَبْيٍ وَهُوَ الْغَزَالُ.

ثُمَّ أَشَارَ لِلشَّرْطِ الثَّانِي وَهُوَ النِّصَابُ، فَقَالَ (وَلَا شَيْءَ فِي الْإِبِلِ حَتَّى تَبْلُغَ خَمْسًا فَفِيهَا شَاةٌ) وَلَوْ ذَكَرًا لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسٍ مِنْ الْإِبِلِ صَدَقَةٌ» وَإِيجَابُ الْغَنَمِ فِي الْإِبِلِ عَلَى خِلَافِ الْقَاعِدَةِ رِفْقًا بِالْفَرِيقَيْنِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ وَجَبَ لَأَضَرَّ أَرْبَابَ الْأَمْوَالِ، وَلَوْ وَجَبَ جُزْءٌ لَأَضَرَّ بِالْفَرِيقَيْنِ بِالتَّشْقِيصِ (وَفِي عَشْرٍ شَاتَانِ) يَعْنِي فِي كُلِّ خَمْسٍ شَاةٌ (وَ) فِي (فِي خَمْسَ عَشْرَةَ ثَلَاثٌ وَ) فِي (عِشْرِينَ أَرْبَعٌ وَ) فِي (خَمْسٍ وَعِشْرِينَ بِنْتُ مَخَاضٍ وَ) فِي (سِتٍّ وَثَلَاثِينَ بِنْتُ لَبُونٍ وَ) فِي (سِتٍّ وَأَرْبَعِينَ حِقَّةٌ وَ) فِي (إحْدَى وَسِتِّينَ جَذَعَةٌ) بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ (وَ) فِي (سِتٍّ وَسَبْعِينَ بِنْتَا لَبُونٍ وَ) فِي (إحْدَى وَتِسْعِينَ حِقَّتَانِ وَ) فِي (مِائَةٍ وَإِحْدَى وَعِشْرِينَ ثَلَاثُ بَنَاتِ لَبُونٍ ثُمَّ) فِي (كُلِّ أَرْبَعِينَ بِنْتُ لَبُونٍ وَ) فِي (كُلِّ خَمْسِينَ حِقَّةٌ) .
لِمَا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ كَتَبَ لَهُ هَذَا الْكِتَابَ لَمَّا وَجَّهَهُ إلَى الْبَحْرَيْنِ عَلَى الزَّكَاةِ " بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، هَذِهِ فَرِيضَةُ الصَّدَقَةِ الَّتِي فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى الْمُسْلِمِينَ وَاَلَّتِي أَمَرَ اللَّهُ بِهَا رَسُولَهُ، فَمَنْ سُئِلَهَا مِنْ الْمُسْلِمِينَ عَلَى وَجْهِهَا فَلْيُعْطِهَا، وَمَنْ سُئِلَ فَوْقَهَا فَلَا يُعْطِ،
ـــــــــــــــــــــــــــــSوَأَسْمَاءُ الْجُمُوعِ الَّتِي لَا وَاحِدَ لَهَا مِنْ لَفْظِهَا إذَا كَانَتْ لِغَيْرِ الْآدَمِيِّ لَزِمَهَا التَّأْنِيثُ اهـ.
وَمَعَ ذَلِكَ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ هُوَ الصَّحِيحُ عِنْدَهُمْ (قَوْلُهُ: يُزَكَّى زَكَاةَ الْبَقَرِ) هَلْ الْمُرَادُ أَنَّهُ يُكَمَّلُ بِهِ نِصَابُ الْبَقَرِ إذَا نَقَصَ فَيَكُونُ حُكْمُهُ حُكْمَهَا مُطْلَقًا، أَوْ الْمُرَادُ أَنَّهُ كَالْبَقَرِ فِي الْعَدَدِ بِمَعْنَى أَنَّهُ لَا تَجِبُ الزَّكَاةُ فِيهِ إلَّا إذَا بَلَغَ ثَلَاثِينَ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَعِبَارَةُ حَجّ: وَيُعْتَبَرُ بِأَخَفِّهِمَا عَلَى الْأَوْجَهِ؛ لِأَنَّهُ الْمُتَيَقَّنُ، لَكِنْ بِالنِّسْبَةِ لِلْعَدَدِ لَا لِلسِّنِّ كَأَرْبَعِينَ مُتَوَلِّدَةً بَيْنَ ضَأْنٍ وَمَعْزٍ فَيُعْتَبَرُ بِالْأَكْثَرِ، كَمَا بَيَّنْته فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ وَعِبَارَتُهُ: ثُمَّ كَمَا يَأْتِي فِي الْأُضْحِيَّةِ فَلَا يُخْرِجُ هُنَا إلَّا مَا لَهُ سَنَتَانِ اهـ.
وَالْمُتَبَادَرُ مِنْهُ أَنَّهُ جِنْسٌ مُسْتَقِلٌّ فَلَا يُكَمَّلُ بِهِ أَحَدُهُمَا (قَوْلُهُ: جَمْعُ ظَبْيٍ وَهُوَ الْغَزَالُ) قَالَ فِي الْقَامُوسِ: الْغَزَالُ كَسَحَابِ الشَّادِنِ: أَيْ الْقَوِيُّ حَيْثُ يَتَحَرَّكُ وَيَمْشِي، أَوْ مِنْ حِينِ يُولَدُ إلَى أَنْ يَبْلُغَ أَشُدَّ الْإِحْضَارِ جَمْعُهُ غِزْلَةٌ وَغِزْلَانٌ بِكَسْرِهِمَا، وَقَالَ فِي مَادَّةِ شَدَنَ: شَدَنَ الظَّبْيُ وَجَمِيعُ وَلَدِ الْخُفِّ وَالظِّلْفِ وَالْحَافِرِ شُدُونًا قَوِيَ وَاسْتَغْنَى عَنْ أُمِّهِ اهـ

(قَوْلُهُ: لَمَّا وَجَّهَهُ إلَى الْبَحْرَيْنِ) هِيَ بِلَفْظِ التَّثْنِيَةِ اسْمٌ لِإِقْلِيمٍ مَخْصُوصٍ مِنْ الْيَمَنِ وَقَاعِدَتُهُ هَجَرٌ (قَوْلُهُ: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) أَيْ وَصُورَةُ الْكِتَابِ بِسْمِ اللَّهِ إلَخْ (قَوْلُهُ: فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) قَدَّمَهُ عَلَى مَا بَعْدَهُ مِنْ قَوْلِهِ وَاَلَّتِي أَمَرَ اللَّهُ بِهَا؛ لِأَنَّهُ الْمُشْتَمِلُ
ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَأَفَادَ بِذِكْرِ النَّعَمِ صِحَّةَ تَسْمِيَةِ الثَّلَاثَةِ نَعَمًا) أَيْ فَهَذَا نُكْتَةُ ذِكْرِ الْمُصَنِّفِ لَهُ فَلَا يُقَالُ إنَّهُ لَا حَاجَةَ إلَيْهِ (قَوْلُهُ: فِي عَدَمِ وُجُوبِهَا) إنَّمَا قَيَّدَ بِهِ لِأَنَّهُ الْمَنْصُوصُ عَلَيْهِ فِي كَلَامِهِ.
وَأَمَّا وُجُوبُ الْأَخَفِّ فِيمَا إذَا كَانَا زَكَوِيَّيْنِ فَلَيْسَ مَنْصُوصًا عَلَيْهِ بِدَلِيلِ مَا سَيَأْتِي مِنْ بَحْثِ الشَّارِعِ لَهُ تَبَعًا لِلْعِرَاقِيِّ.

الصفحة 45