كتاب نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج (اسم الجزء: 3)

بِمِثْلِ الثَّمَنِ أَوْ أَقَلَّ أَوْ يُعْرِضُهُ عَلَيْهِ بِذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يَأْمُرْهُ بَلْ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: يَحْرُمُ طَلَبُ السِّلْعَةِ مِنْ الْمُشْتَرِي بِأَكْثَرَ وَالْبَائِعُ حَاضِرٌ قَبْلَ اللُّزُومِ: أَيْ لِأَدَائِهِ إلَى الْفَسْخِ أَوْ النَّدَمِ.

(وَالشِّرَاءُ عَلَى الشِّرَاءِ بِأَنْ يَأْمُرَ الْبَائِعُ) قَبْلَ اللُّزُومِ (بِالْفَسْخِ لِيَشْتَرِيَهُ) بِأَكْثَرَ مِنْ ثَمَنِهِ لِعُمُومِ خَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «لَا يَبِعْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَيْعِ بَعْضٍ» زَادَ النَّسَائِيّ «حَتَّى يَبْتَاعَ أَوْ يَذَرَ» وَفِي مَعْنَاهُ الشِّرَاءُ عَلَى الشِّرَاءِ، وَالْمَعْنَى فِيهِمَا الْإِيذَاءُ، وَمَحَلُّ مَا تَقَرَّرَ مَا لَمْ يَأْذَنْ مَنْ يَلْحَقُهُ الضَّرَرُ، فَإِنْ أَذِنَ جَازَ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُ، وَلَا فَرْقَ فِي حُرْمَةِ مَا ذُكِرَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْمَبِيعُ بَلَغَ قِيمَتَهُ أَوْ نَقَصَ عَنْهَا عَلَى الْأَصَحِّ.
نَعَمْ تَعْرِيفُ الْمَغْبُونِ بِغَبْنِهِ لَا مَحْذُورَ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ النَّصِيحَةِ الْوَاجِبَةِ، وَمَوْضِعُ الْجَوَازِ مَعَ الْإِذْنِ إذَا دَلَّتْ الْحَالُ عَلَى الرِّضَا بَاطِنًا، فَإِنْ دَلَّتْ عَلَى عَدَمِهِ وَإِنَّمَا أَذِنَ ضَجَرًا وَحَنَقًا فَلَا، قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ، وَالْأَوْجَهُ كَمَا أَفَادَهُ الشَّيْخُ عَدَمُ اشْتِرَاطِ تَحَقُّقِ مَا وَعَدَ بِهِ مِنْ الشِّرَاءِ لِلتَّحْرِيمِ لِوُجُودِ الْإِيذَاءِ بِكُلِّ تَقْدِيرٍ خِلَافًا لِابْنِ النَّقِيبِ فِي اشْتِرَاطِهِ ذَلِكَ، وَعُلِمَ مِمَّا قَرَّرْنَاهُ أَنَّ الْأَمْرَ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ لَيْسَ بِشَرْطٍ وَإِنَّمَا هُوَ تَصْوِيرٌ.

(وَالنَّجْشُ بِأَنْ يَزِيدَ فِي الثَّمَنِ) لِسِلْعَةٍ مُعْرَضَةٍ لِلْبَيْعِ (لَا لِرَغْبَةٍ)
ـــــــــــــــــــــــــــــS «دَعُوا النَّاسَ» لِإِمْكَانِ حَمْلِهِ عَلَى النَّهْيِ عَنْ بَيْعِ الْحَاضِرِ لِلْبَادِي دُونَ هَذَا (قَوْلُهُ: بِمِثْلِ الثَّمَنِ أَوْ أَقَلَّ) إنْ كَانَ نَشْرًا غَيْرَ مُرَتَّبٍ فَوَاضِحٌ، وَكَذَا إنْ رَجَعَ الثَّانِي لِكُلٍّ مِنْهُمَا وَهُوَ أَقَلُّ وَإِلَّا فَمُشْكِلٌ مُخَالِفٌ لِعِبَارَتِهِمْ اهـ سم عَلَى حَجّ: أَيْ لِاقْتِضَائِهِ أَنَّهُ إذَا قَالَ لَهُ افْسَخْ لِأَبِيعَك مِثْلَهُ بِمِثْلِ الثَّمَنِ يَحْرُمُ، وَلَا وَجْهَ لَهُ، وَلَا نَظَرَ إلَى أَنَّهُ قَدْ يَكُونُ لَهُ غَرَضٌ كَتَخَلُّصِهِ مِنْ يَمِينٍ أَوْ لِرِفْقٍ بِهِ لِكَوْنِهِ صَدِيقَهُ مَثَلًا؛ لِأَنَّ مِثْلَ هَذَا لَيْسَ مِمَّا يَتَرَتَّبُ عَلَى الزِّيَادَةِ فِي الثَّمَنِ أَوْ عَدَمِهِ وَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَوْ قَالَ بِأَكْثَرَ لَا يَحْرُمُ وَلَعَلَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ بَلْ الْمَدَارُ عَلَى مَا يَحْمِلُ عَلَى الرَّدِّ (قَوْلُهُ: أَوْ يُعْرِضُهُ عَلَيْهِ) مِثْلُهُ مَا لَوْ أَخْرَجَ مَتَاعًا مِنْ جِنْسِ مَا يُرِيدُ شِرَاءَهُ وَقَلَّبَهُ عَلَى وَجْهٍ يَفْهَمُ مِنْهُ الْمُشْتَرِي أَنَّ هَذَا خَيْرٌ مِمَّا يُرِيدُ شِرَاءَهُ. .

(قَوْلُهُ: حَتَّى يَبْتَاعَ) أَيْ يَخْتَارَ لُزُومَ الْعَقْدِ (قَوْلُهُ: أَوْ يَذَرَ) أَيْ يَتْرُكَ (قَوْلُهُ: فَإِنْ أَذِنَ إلَخْ) عِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ: إلَّا إنْ أَذِنَ لَهُ الْبَائِعُ فِي الْأَوَّلِ وَالْمُشْتَرِي فِي الثَّانِي. هَذَا إنْ كَانَ الْآذِنُ مَالِكًا، فَإِنْ كَانَ وَالِيًا أَوْ وَصِيًّا أَوْ وَكِيلًا أَوْ نَحْوَهُ فَلَا عِبْرَةَ بِإِذْنِهِ إنْ كَانَ فِيهِ ضَرَرٌ عَلَى الْمَالِكِ. ذَكَرَهُ الْأَذْرَعِيُّ اهـ الْمَقْصُودُ نَقَلَهُ اهـ سم (قَوْلُهُ: فَإِنْ أَذِنَ جَازَ) وَلَوْ لَمْ يَأْذَنْ وَلَكِنَّهُ عَقَدَ عَلَى مُقْتَضَى الزِّيَادَةِ صَحَّ الْعَقْدُ كَمَا قَالَهُ بَعْضُهُمْ، وَقَضِيَّتُهُ الْإِثْمُ بِالْعَقْدِ لِمَا فِيهِ مِنْ الْإِيذَاءِ وَهُوَ ظَاهِرٌ إنْ ظَنَّ أَنَّ صَاحِبَ السِّلْعَةِ يَتْرُكُهَا لِلْأَوَّلِ إذَا لَمْ يَشْتَرِهَا مَنْ دَفَعَ لَهُ الزِّيَادَةَ، فَلَوْ عَلِمَ مِنْ حَالِ الْمَالِكِ أَنَّهُ لَا يَسْمَحُ لِلْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ بِمَا وَقَعَ الِاتِّفَاقُ عَلَيْهِ احْتَمَلَ أَنْ يُقَالَ بِجَوَازِ الْعَقْدِ؛ لِأَنَّهُ وَإِنْ تَرَكَهُ لَا يَصِلُ لِلْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ بِمَا تَوَافَقَا عَلَيْهِ.
[فَرْعٌ] هَلْ يَجُوزُ فَتْحُ بَابِ السِّلَعِ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْجَوَازُ لِلْعَارِفِ بِذَلِكَ، وَيَنْبَغِي أَنَّ لَهُ أَنْ يُنْقِصَ شَيْئًا عَنْ قِيمَتِهَا لِتَنْتَهِي إلَيْهِ الرَّغَبَاتُ (قَوْلُهُ: أَوْ نَقَصَ عَنْهَا) وَلَا بَيْنَ كَوْنِهِ لِيَتِيمٍ أَوْ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: لَا مَحْذُورَ فِيهِ) بَلْ قَضِيَّةُ التَّعْلِيلِ وُجُوبُهُ وَإِنْ نَشَأَ الْغَبْنُ مِنْ مُجَرَّدِ تَقْصِيرِ الْمَغْبُونِ لِعَدَمِ بَحْثِهِ، وَيُوَافِقُهُ فِي هَذِهِ الْقَضِيَّةِ قَوْلُهُ السَّابِقُ وَالنَّصِيحَةُ الْوَاجِبَةُ تَحْصُلُ بِالتَّعْرِيفِ إلَخْ لَكِنْ قَالَ حَجّ: نَعَمْ تَعْرِيفُ الْمَغْبُونِ بِغَبْنِهِ لَا مَحْذُورَ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ النَّصِيحَةِ الْوَاجِبَةِ، وَيَظْهَرُ أَنَّ مَحَلَّهُ فِي غَبْنٍ نَشَأَ عَنْ غِشٍّ لِإِثْمِهِ حِينَئِذٍ فَلَمْ يُبَالِ بِإِضْرَارِهِ، بِخِلَافِ مَا إذَا نَشَأَ لَا عَنْ تَقْصِيرٍ؛ لِأَنَّ الْفَسْخَ ضَرَرٌ عَلَيْهِ وَالضَّرَرُ لَا يُزَالُ بِالضَّرَرِ اهـ. وَالْأَقْرَبُ مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الشَّارِحِ مِنْ عَدَمِ اعْتِبَارِ هَذَا الْقَيْدِ (قَوْلُهُ وَحَنَقًا) عَطْفُ تَفْسِيرٍ (قَوْلُهُ: لِلتَّحْرِيمِ) مُتَعَلِّقٌ بِاشْتِرَاطٍ: أَيْ لَا يُشْتَرَطُ لِلتَّحْرِيمِ تَحَقُّقُ مَا ذُكِرَ (قَوْلُهُ: وَعُلِمَ مِمَّا قَرَّرْنَاهُ) أَيْ فِي قَوْلِهِ أَوْ يَعْرِضُهُ عَلَيْهِ بِذَلِكَ إلَخْ.

(قَوْلُهُ: وَالنَّجْشُ) فِعْلُهُ نَجَشَ كَنَصَرَ مُخْتَارٌ، وَفِي شَرْحِ مُسْلِمٍ لِلنَّوَوِيِّ: وَأَمَّا النَّجْشُ فَبِنُونٍ مَفْتُوحَةٍ ثُمَّ جِيمٍ سَاكِنَةٍ ثُمَّ شِينٍ مُعْجَمَةٍ، وَأَصْلُ النَّجْشِ الِاسْتِثَارَةُ، وَمِنْهُ نَجَشْتُ الصَّيْدَ أَنْجُشُهُ بِضَمِّ الْجِيمِ إذَا
ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

الصفحة 469