كتاب نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج (اسم الجزء: 3)

أَوْ فِي الْأَحْكَامِ، وَسَيَأْتِي هَكَذَا وَضَابِطُ الْأَوَّلِ أَنْ يَشْتَمِلَ الْعَقْدُ عَلَى مَا يَصِحُّ بَيْعُهُ وَمَا لَا يَصِحُّ فَإِذَا (بَاعَ) فِي صَفْقَةٍ مُتَّحِدَةٍ (خَلًّا وَخَمْرًا) أَوْ خِنْزِيرًا وَشَاةً (أَوْ) بَاعَ (عَبْدَهُ وَحُرًّا أَوْ عَبْدَهُ وَعَبْدَ غَيْرِهِ) (أَوْ) بَاعَ (مُشْتَرَكًا بِغَيْرِ إذْنِ الْآخَرِ) أَيْ الشَّرِيكِ كَمَا قَالَ الشَّارِحُ، وَإِنَّمَا قَصَرَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ عَلَيْهِ لِئَلَّا يَعُودَ إلَى مَسْأَلَةِ بَيْعِ عَبْدِهِ وَعَبْدِ غَيْرِهِ، وَقَدْ يُقَالُ بِصِحَّةِ رُجُوعِهِ لَهُمَا أَيْضًا لِيُفِيدَ الصِّحَّةَ فِيهِمَا بِإِذْنِ الْآخَرِ، لَكِنَّ مَحَلَّهُ إنْ فَصَّلَ الثَّمَنَ وَحِينَئِذٍ فَقَدْ تَعَدَّدَ الْعَقْدُ وَذَلِكَ لَا يَضُرُّ فِي الْمَفْهُومِ، فَإِنْ لَمْ يُفَصِّلْهُ لَمْ يَصِحَّ فِي شَيْءٍ لِلْجَهْلِ بِمَا يَخُصُّ كُلًّا مِنْهُمَا عِنْدَ الْعَقْدِ (صَحَّ فِي مِلْكِهِ فِي الْأَظْهَرِ) وَبَطَلَ فِي الْآخَرِ إعْطَاءً لِكُلٍّ مِنْهُمَا حُكْمَهُ سَوَاءٌ أَقَالَ هَذَيْنِ أَمْ هَذَيْنِ الْخَلَّيْنِ أَمْ الْقِنَّيْنِ أَمْ الْخَلُّ وَالْخَمْرُ وَالْقِنُّ وَالْحُرُّ، أَمَّا
ـــــــــــــــــــــــــــــSقَالَ الْإِسْنَوِيُّ: لَكِنْ لَمَّا كَانَ فِي الْحُكْمِ بِالْبُطْلَانِ لِأَجْلِ افْتِرَاقِهِمَا فِي الْحُكْمِ قَوْلَانِ عَبَّرَ عَنْهُمَا بِقَوْلَيْ تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ، وَفِيهِ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ الْإِسْنَوِيُّ إنَّمَا يَتَّجِهُ عَلَى مَنْ جَعَلَ التَّفْرِيقَ مِنْ حَيْثُ الْخِلَافُ الْمُشْتَمِلُ عَلَى قَوْلَيْنِ أَحَدُهُمَا بِالصِّحَّةِ، وَالْآخَرُ بِالْفَسَادِ. وَأَمَّا عَلَى مِثْلِ هَذِهِ الْعِبَارَةِ فَقَدْ يُقَالُ: لَا يُرَدُّ مِثْلُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ مَا ذَكَرَهُ مِنْ الْجَمْعِ بَيْنَ الْحَلَالِ وَالْحَرَامِ يَصْدُقُ عَلَيْهِ أَنَّ فِيهِ تَفْرِيقَ الصَّفْقَةِ إمَّا بِصِحَّةِ أَحَدِ الْعَقْدَيْنِ وَبُطْلَانِ الْآخَرِ، أَوْ بِالنَّظَرِ لِمَا يَتَرَتَّبُ عَلَى الْعَقْدَيْنِ الْمَشْمُولَيْنِ لِلْعَقْدِ الَّذِي أَتَى بِهِ الْمُتَعَاقِدَانِ مِنْ الْأَحْكَامِ الْمُخْتَلِفَةِ.
(قَوْلُهُ: أَوْ فِي الْأَحْكَامِ) أَيْ بِأَنْ اخْتَلَفَتْ، وَلَوْ عَبَّرَ بِهِ كَمَا فَعَلَ الشَّيْخُ كَانَ أَوْضَحَ لِمَا عَبَّرَ بِهِ الْمُصَنِّفُ بَعْدُ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ: أَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّ الصَّفْقَةَ تَتَفَرَّقُ وَإِنْ اتَّفَقَا فِي الْحُكْمِ كَالشَّرِكَةِ وَالْقِرَاضِ، ثُمَّ رَأَيْت فِي نُسْخَةٍ أَوْ فِي اخْتِلَافٍ، وَعَلَيْهَا فَلَا يَتَوَجَّهُ السُّؤَالُ (قَوْلُهُ: وَضَابِطُ الْأَوَّلِ) هُوَ قَوْلُهُ أَمَّا فِي الِابْتِدَاءِ (قَوْلُهُ: أَوْ بَاعَ مُشْتَرِكًا) شَامِلٌ لِمَا إذَا جَهِلَ قَدْرَ حِصَّتِهِ حَالَ الْبَيْعِ وَهُوَ مُوَافِقٌ لِمَا يَأْتِي عَنْ الرُّويَانِيِّ اهـ سم عَلَى حَجّ. وَظَاهِرُهُ سَوَاءٌ بَاعَ الْكُلَّ أَوْ الْبَعْضَ، وَهُوَ بِعُمُومِهِ مُنَافٍ لِمَا سَبَقَ لِلشَّارِحِ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ الْخَامِسِ الْعِلْمُ مِنْ قَوْلِهِ وَهَلْ لَوْ بَاعَ حِصَّةً فَبَانَ أَكْثَرُ مِنْ حِصَّتِهِ صَحَّ فِي حِصَّتِهِ كَمَا لَوْ بَاعَ الدَّارَ كُلَّهَا إلَخْ حَيْثُ اسْتَقْرَبَ فِيهِ عَدَمُ الصِّحَّةِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ بَاعَ الدَّارَ كُلَّهَا فِي صُورَةِ الْجَهْلِ، وَقَدْ يُحْمَلُ مَا هُنَا عَلَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ الصِّحَّةِ فِي بَيْعِ الْكُلِّ دُونَ الْبَعْضِ فَلَا مُخَالَفَةَ بَيْنَهُمَا، وَعِبَارَةُ سم فِي أَثْنَاءِ كَلَامٍ طَوِيلٍ بَعْدَ نَقْلِهِ عِبَارَةَ الرُّويَانِيِّ الَّتِي أَحَالَ عَلَيْهَا نَصُّهَا: وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَا يَصِحُّ فِيهِ الْبَيْعُ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ مَعْلُومًا حَالَ الْعَقْدِ وَإِلَّا لَمْ يَصِحَّ فِيهِ الْبَيْعُ، وَأَمَّا الْآخَرُ فَيَكْفِي الْعِلْمُ بِهِ وَلَوْ بَعْدَ ذَلِكَ، فَالشَّرْطُ فِيهِ إمْكَانُ عِلْمِهِ وَلَوْ بَعُدَ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا قَصَرَ) أَيْ الْمَحَلِّيُّ (قَوْلَهُ عَلَيْهِ) أَيْ الشَّرِيكِ (قَوْلُهُ: لَهُمَا) أَيْ الْعَبْدَيْنِ (قَوْلُهُ: لِلْجَهْلِ) هَذَا الْمَعْنَى مَوْجُودٌ فِيمَا إذَا لَمْ يَأْذَنْ مَعَ أَنَّهُ صَحَّ فِي أَحَدِهِمَا إلَّا أَنْ يُفَرِّقَ بِشِدَّةِ الْجَهْلِ إذَا أَذِنَ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ فِي ثَمَنَيْنِ وَهُنَا فِي وَاحِدٍ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ.
وَسَيَأْتِي الْجَوَابُ عَنْهُ فِي قَوْلِ الشَّارِحِ لِظُهُورِ الْفَرْقِ إذْ الْجَهْلُ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَالْقِنُّ) وَبَقِيَ مِمَّا يَقْتَضِيه التَّعْمِيمُ مَا لَوْ قَالَ بِعْتُك هَذَيْنِ الْخَمْرَيْنِ أَوْ الْحُرَّيْنِ وَأَشَارَ إلَى الْخَلِّ، وَعَبَّرَ عَنْهُ بِالْخَمْرِ أَوْ إلَى الْخَمْرِ وَعَبَّرَ عَنْهُ بِالْخَلِّ، وَكَذَا فِي مَسْأَلَةِ الْحُرِّ وَالْعَبْدِ فَانْظُرْ هَلْ يَصِحُّ فِي هَذِهِ الصُّوَرِ أَوْ لَا، وَظَاهِرُ قَوْلِ شَيْخِنَا الزِّيَادِيِّ فِي حَاشِيَتِهِ أَوْ وَصْفِهِ بِغَيْرِ صِفَتِهِ الصِّحَّةَ، وَتُوَجَّهُ بِأَنَّ الْعِبْرَةَ بِمَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ وَذِكْرِ الْمُبْطِلِ فِي اللَّفْظِ حَيْثُ خَالَفَهُ مُلْغًى، لَكِنْ يَرُدُّ عَلَيْهِ مَا مَرَّ بِالْهَامِشِ فِي الشَّرْطِ الْخَامِسِ عَنْ سم عَلَى حَجّ مِنْ أَنَّهُ لَوْ سَمَّى الْمَبِيعَ بِغَيْرِ اسْمِ جِنْسِهِ لَمْ يَصِحَّ اهـ. إلَّا أَنْ يُقَالَ: لَمَّا كَانَ مَا هُنَا كَالْجِنْسِ الْوَاحِدِ وَإِنَّمَا اخْتَلَفَا بِصِيغَةِ الْحُرِّيَّةِ وَالرَّقَبَةِ وَالْخَمْرِ وَالْخَلِّ مَعَ اتِّحَادِ الْأَصْلِ وَهُوَ
ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: لِئَلَّا يَعُودَ إلَى مَسْأَلَةِ بَيْعِ عَبْدِهِ وَعَبْدِ غَيْرِهِ) أَيْ وَالْمَفْهُومُ لَا يَصِحُّ فِيهَا بِإِطْلَاقِهِ بِقَرِينَةِ مَا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: وَقَدْ يُقَالُ بِصِحَّةِ رُجُوعِهِ لَهُمَا) كَذَا فِي كَثِيرٍ مِنْ النُّسَخِ بِضَمِيرِ التَّثْنِيَةِ، وَلَعَلَّ الْمِيمَ زَائِدَةٌ مِنْ الْكَتَبَةِ وَهِيَ سَاقِطَةٌ فِي بَعْضِ النُّسَخِ (قَوْلُهُ: لَكِنَّ مَحَلَّهُ) أَيْ فِي الْأُولَى

الصفحة 478