كتاب نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج (اسم الجزء: 3)

عَكْسُهُ كَبِعْتُكَ الْحُرَّ وَالْعَبْدَ فَبَاطِلٌ فِي الْكُلِّ، قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ؛ لِأَنَّ الْعَطْفَ عَلَى الْمُمْتَنِعِ مُمْتَنِعٌ.
وَمِنْ ثَمَّ لَوْ قَالَ نِسَاءُ الْعَالَمِينَ طَوَالِقُ وَأَنْت يَا زَوْجَتِي لَمْ تَطْلُقْ لِعَطْفِهَا عَلَى مَنْ لَمْ تَطْلُقْ، قَالَ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: وَلَيْسَ هَذَا الْقِيَاسُ بِصَحِيحٍ وَإِنَّمَا قِيَاسُهُ أَنْ يَقُولَ هَذَا الْحُرُّ مَبِيعٌ مِنْك وَعَبْدِي فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ، بِخِلَافِ الْمِثَالِ الْمَذْكُورِ فَإِنَّهُ يَصِحُّ فِي الْعَبْدِ إذْ الْعَامِلُ فِي الْأَوَّلِ عَامِلٌ فِي الثَّانِي، وَقِيَاسُهُ فِي الطَّلَاقِ أَنْ يَقُولَ طَلَّقْت نِسَاءَ الْعَالَمِينَ وَزَوْجَتِي فَإِنَّهَا تَطْلُقُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ، وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِثَالٌ وَإِلَّا فَهُوَ جَارٍ فِي الْجَمْعِ بَيْنَ كُلِّ مَا يَصِحُّ فِيهِ الْعَقْدُ وَمَا لَا يَصِحُّ، لَكِنْ بِشَرْطِ الْعِلْمِ فِي نَحْوِ الْمَبِيعِ لِيَأْتِيَ التَّوْزِيعُ الْآتِي فَلَوْ جَهِلَهُ أَحَدُهُمَا لَمْ يَصِحَّ فِيهِمَا كَمَا يَأْتِي فِي بَيْعِ الْأَرْضِ مَعَ بَذْرِهَا، وَيَجْرِي تَفْرِيقُ الصَّفْقَةِ فِي غَيْرِ الْبَيْعِ كَإِجَارَةِ وَنَحْوِهَا إلَّا فِيمَا إذَا كَانَ كُلُّ وَاحِدٍ قَابِلًا لِلْعَقْدِ لَكِنْ امْتَنَعَ لِأَجْلِ الْجَمْعِ كَنِكَاحِ الْأُخْتَيْنِ فَلَا يَجْرِي فِيهِمَا اتِّفَاقًا وَإِنَّمَا بَطَلَ فِي الْجَمِيعِ فِيمَا لَوْ أَجَّرَ الرَّاهِنُ الْمَرْهُونَ مُدَّةً تَزِيدُ عَلَى مَحَلِّ الدَّيْنِ أَوْ النَّاظِرُ الْوَقْفَ أَكْثَرَ مِمَّا شَرَطَهُ الْوَاقِفُ لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ أَوْ اسْتَعَارَ شَيْئًا لِيَرْهَنَهُ بِدَيْنٍ فَزَادَ عَلَيْهِ لِخُرُوجِهِ بِالزِّيَادَةِ عَنْ الْوِلَايَةِ عَلَى الْعَقْدِ فَلَمْ يُمْكِنْ التَّبْعِيضُ، وَفِيمَا إذَا فَاضَلَ فِي الرِّبَوِيِّ كَمُدَبَّرٍ بِمَدِينٍ مِنْهُ أَوْ زَادَ فِي خِيَارِ الشَّرْطِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ لِمَا يَأْتِي فِيهِ
ـــــــــــــــــــــــــــــSالْإِنْسَانُ وَالْعَصِيرُ نَزَلَا مَنْزِلَةَ اخْتِلَافِ النَّوْعَيْنِ فَلَمْ يَضُرَّ ذَلِكَ، أَوْ يُقَالُ: إنَّهُ لَمَّا سَمَّى الْخَلَّ وَالْعَبْدَ بِمَا لَا يُرَدُّ الْبَيْعُ عَلَى مُسَمَّاهُ أَصْلًا جُعِلَ لَغْوًا، بِخِلَافِ الْقُطْنِ مَثَلًا إذَا سَمَّاهُ بِغَيْرِ اسْمِهِ كَالْحَرِيرِ أَخْرَجَهُ إلَى مَا يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ مَوْرِدًا لِلْبَيْعِ، وَلَمْ يُوجَدْ ذَلِكَ الْمُسَمَّى فِي الْخَارِجِ أُبْطِلَ الْعَقْدُ لِعَدَمِ وُجُودِ مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ مَعَ إمْكَانِهِ (قَوْلُهُ: وَالْخَمْرُ) وَمِثْلُ ذَلِكَ مَا لَوْ سَمَّاهَا بِغَيْرِ اسْمِهَا (قَوْلُهُ: فَبَاطِلٌ) ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ: وَأَنْتِ يَا زَوْجَتِي) وَكَذَا بِدُونِ أَنْتِ كَمَا يَقْتَضِيه قَوْلُهُ بَعْد وَإِنَّمَا قِيَاسُهُ أَنْ يَقُولَ هَذَا الْخَمْرُ مَبِيعٌ مِنْك إلَخْ.
(قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْمِثَالِ الْمَذْكُورِ) هُوَ قَوْلُهُ كَبِعْتُكَ الْحُرَّ وَالْعَبْدَ (قَوْلُهُ: وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ) أَيْ مِنْ الْأَمْثِلَةِ (قَوْلُهُ: فِي نَحْوِ الْمَبِيعِ) هُوَ بِمَعْنَى الْبَاءِ وَالْمُرَادُ بِنَحْوِ الْمَبِيعِ مَا انْضَمَّ إلَيْهِ مِنْ الْحَرَامِ بِشَرْطِ الْعِلْمِ بِهِ لِيَتَأَتَّى التَّوْزِيعُ (قَوْلُهُ: وَنَحْوُهَا) أَيْ مِنْ كُلِّ مَا أُورِدَ فِيهِ الْعَقْدُ عَلَى مَا يَصِحُّ وَمَا لَا يَصِحُّ كَأَنْ أَجَّرَ مُشْتَرِكًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ بِغَيْرِ إذْنِ الشَّرِيكِ أَوْ أَعَارَ أَوْ وَهَبَ مُشْتَرِكًا بِغَيْرِ إذْنِ الشَّرِيكِ فَلَا يُتَوَهَّمُ أَنَّهُ يُغْنِي عَنْ هَذَا مَا يَأْتِي فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلَوْ جُمِعَ فِي صَفْقَةٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: فَلَا يَجْرِي) أَيْ التَّفْرِيقُ فَيَبْطُلُ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا الْعَقْدُ إذْ لَا مَزِيَّةَ لِإِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: فِيمَا لَوْ أَجَّرَ الرَّاهِنُ) أَيْ وَلَوْ جَاهِلًا وَمِثْلُهُ يُقَالُ فِي الْمُسْتَعِيرِ، وَيَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّ الْبُطْلَانِ فِي الرَّهْنِ إذَا أَجَّرَهُ لِغَيْرِ الْمُرْتَهِنِ فَإِنْ أَجَّرَهُ لَهُ صَحَّ أَوْ لِغَيْرِهِ بِإِذْنِهِ صَحَّ أَيْضًا (قَوْلُهُ: أَكْثَرَ مِمَّا شَرَطَهُ) أَيْ ثَمَّ إنْ وَضَعَ الْمُسْتَأْجِرُ يَدَهُ عَلَى الْعَيْنِ الْمُؤَجَّرَةِ لَزِمَهُ أُجْرَةُ مِثْلِهَا مُدَّةَ اسْتِيلَائِهِ زَادَتْ عَلَى الْمُسَمَّى أَمْ لَا، وَمَعْلُومٌ أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ حَيْثُ لَمْ تَدْعُ ضَرُورَةٌ إلَى ذَلِكَ، فَإِنْ دَعَتْ جَازَ مُخَالَفَةُ شَرْطِ الْوَاقِفِ كَمَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ لِغَيْرِ إلَخْ.
(قَوْلُهُ: لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ) سَوَاءٌ أَكَانَ النَّاظِرُ عَالِمًا أَمْ جَاهِلًا خِلَافًا لِأَبِي زُرْعَةَ اهـ مُؤَلِّفٌ. وَنَقَلَهُ عَنْهُ سم عَلَى حَجّ: أَيْ وَإِنَّمَا تَتَحَقَّقُ الضَّرُورَةُ حَيْثُ كَانَتْ الْحَاجَةُ نَاجِزَةً كَأَنْ انْهَدَمَ وَلَمْ يُوجَدْ مِنْ يَسْتَأْجِرُهُ بِمَا يَفِي بِعِمَارَتِهِ إلَّا مُدَّةً تَزِيدُ عَلَى مَا شَرَطَ الْوَاقِفُ، أَمَّا إجَارَتُهُ مُدَّةً طَوِيلَةً زِيَادَةٌ عَلَى شَرْطِ الْوَاقِفِ لِغَرَضِ إصْلَاحِ الْمَحَلِّ بِتَقْدِيرِ حُصُولِ خَلَلٍ فِيهِ بِمَا يَتَحَصَّلُ مِنْ الْأُجْرَةِ لِانْتِفَاءِ الضَّرُورَةِ حَالَ الْعَقْدِ وَالْأُمُورُ الْمُسْتَقْبَلَةُ لَا يُعَوَّلُ عَلَيْهَا، وَمِنْ الضَّرُورَةِ مَا لَوْ صُرِفَتْ الْغَلَّةُ لِلْمُسْتَحِقِّينَ ثُمَّ انْهَدَمَ الْمَوْقُوفُ وَاحْتِيجَ فِي إعَادَتِهِ إلَى إيجَارِهِ مُدَّةً وَلَيْسَ فِي الْوَقْفِ مَا يَعْمُرُ بِهِ غَيْرُ الْغَلَّةِ فَإِنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ وَإِنْ خَالَفَ شَرْطَ الْوَاقِفِ لِمَا هُوَ مَعْلُومٌ مِنْ أَنَّهُ لَا يَمْنَعُ الْغَلَّةَ عَنْ الْمُسْتَحَقِّينَ ثُمَّ يَدَّخِرُهَا لِلْعِمَارَةِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: فَبِعْتُك الْحُرَّ وَالْعَبْدَ) أَيْ أَوْ الْخَمْرَ وَالْخَلَّ (قَوْلُهُ: وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ) أَيْ مِنْ التَّمْثِيلِ بِالْخَلِّ وَالْخَمْرِ وَالْعَبْدِ وَالْحُرِّ إلَخْ، فَهُوَ غَيْرُ قَوْلِهِ الْآتِي. وَيَجْرِي تَفْرِيقُ الصَّفْقَةِ فِي غَيْرِ الْبَيْعِ كَإِجَارَةِ وَنَحْوِهَا إلَخْ

الصفحة 479