كتاب نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج (اسم الجزء: 3)

يَتَعَيَّنُ الْغَالِبُ: أَيْ إذَا كَانَ أَعْلَى، وَعَبَّرَ فِي الرَّوْضَةِ بَدَلَ الْأَصَحِّ بِالصَّحِيحِ
،
وَيُشْتَرَطُ كَوْنُ الْمُخْرَجِ صَحِيحًا وَإِنْ كَانَتْ إبِلُهُ مَرْضَى، وَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ كَامِلًا كَمَا فِي الصِّحَاحِ بِخِلَافِ نَظِيرِهِ مِنْ الْغَنَمِ؛ لِأَنَّ الْوَاجِبَ هُنَا فِي الذِّمَّةِ وَثَمَّ فِي الْمَالِ، وَهَذَا مَا دَلَّ عَلَيْهِ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمَجْمُوعِ وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ الْمُقْرِي فِي رَوْضِهِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَهَلْ الشَّاةُ الْمُخْرَجَةُ عَنْ الْإِبِلِ أَصْلٌ أَوْ بَدَلٌ ظَاهِرُ كَلَامِ بَعْضِهِمْ الثَّانِي وَالْأَصَحُّ الْأَوَّلُ كَمَا فِي الْمُخْرَجَةِ عَنْ الْغَنَمِ (وَ) الْأَصَحُّ (أَنَّهُ يُجْزِي الذَّكَرُ) أَيْ الْجَذَعُ مِنْ الضَّأْنِ أَوْ الْأُنْثَى مِنْ الْمَعْزِ كَالْأُضْحِيَّةِ، وَإِنْ كَانَتْ الْإِبِلُ إنَاثًا لَصَدَقَ اسْمُ الشَّاةِ عَلَيْهِ، وَالثَّانِي لَا يُجْزِي نَظَرًا لِفَوَاتِ الدَّرِّ وَالنَّسْلِ فِي الذَّكَرِ (وَكَذَا) يُجْزِي (بَعِيرُ الزَّكَاةِ عَمَّا دُونَ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ) فِي الْأَصَحِّ عِوَضًا عَنْ الشِّيَاهِ اتَّحَدَتْ أَوْ تَعَدَّدَتْ وَإِنْ لَمْ يُسَاوِ قِيمَتَهَا لِإِجْزَائِهِ عَنْ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ فَمَا دُونَهَا أَوْلَى.
وَالثَّانِي لَا يُجْزِي بَلْ لَا بُدَّ فِي كُلِّ خَمْسٍ مِنْ حَيَوَانٍ، وَتَعْبِيرُهُ بِبَعِيرِ الزَّكَاةِ مِنْ زِيَادَتِهِ، وَأَفَادَ بِإِضَافَتِهِ إلَيْهَا اعْتِبَارَ كَوْنِهِ أُنْثَى بِنْتَ مَخَاضٍ فَمَا فَوْقَهَا كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ وَكَوْنُهُ مُجْزِئًا عَنْ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ، فَلَوْ لَمْ يُجْزِ عَنْهَا لَمْ يُقْبَلْ هُنَا، وَهَلْ يَقَعُ فِيمَا لَوْ أَخْرَجَهُ عَمَّا دُونَهَا كُلَّهُ فَرْضًا أَوْ بَعْضَهُ كَخَمْسَةٍ عَنْ خَمْسَةٍ؟ فِيهِ وَجْهَانِ يَجْرِيَانِ فِيهَا لَوْ ذَبَحَ الْمُتَمَتِّعُ بَدَنَةً أَوْ بَقَرَةً بَدَلَ الشَّاةِ هَلْ تَقَعُ كُلُّهَا فَرْضًا أَوْ سُبُعُهَا، وَفِيمَنْ مَسَحَ رَأْسَهُ فِي وُضُوئِهِ أَوْ أَطَالَ رُكُوعَهُ أَوْ سُجُودَهُ فَوْقَ الْوَاجِبِ وَنَحْوُ ذَلِكَ، وَأَفْتَى الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي بَعِيرِ الزَّكَاةِ وَنَحْوِهِ بِوُقُوعِ الْجَمِيعِ فَرْضًا، وَفِي مَسْحِ جَمِيعِ الرَّأْسِ وَنَحْوِهِ بِوُقُوعِ قَدْرِ الْوَاجِبِ فَرْضًا وَالْبَاقِي نَفْلًا كَمَا مَرَّ، وَالضَّابِطُ لِذَلِكَ أَنَّ مَا لَا يُمْكِنُ تَجْزِئَتُهُ يَقَعُ الْكُلُّ فَرْضًا، وَمَا أَمْكَنَ يَقَعُ الْبَعْضُ فَرْضًا وَالْبَاقِي نَفْلًا (فَإِنْ عَدِمَ بِنْتَ الْمَخَاضِ) حَالَ الْإِخْرَاجِ عَلَى الْأَصَحِّ حَتَّى لَوْ مَلَكَهَا أَوْ وَارِثُهُ مِنْ التَّرِكَةِ
ـــــــــــــــــــــــــــــSكَانَتْ غَنَمُ الْبَلَدِ كُلُّهَا مِنْ الْمَعْزِ، وَأَنَّ التَّثْنِيَةَ مِنْهَا أَعْلَى قِيمَةً مِنْ جَذَعَةِ الضَّأْنِ تَعَيَّنَتْ تَثْنِيَةُ الْمَعْزِ وَاقْتِصَارُ الشَّارِحِ عَلَى الضَّأْنِ نَظَرًا لِلْغَالِبِ مِنْ أَنَّ قِيمَةَ الضَّأْنِ أَكْثَرُ مِنْ قِيمَةِ الْمَعْزِ

(قَوْلُهُ: وَيُشْتَرَطُ كَوْنُ الْمُخْرَجِ صَحِيحًا) أَيْ مِنْ الْغَنَمِ عَنْ الْإِبِلِ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ نَظِيرِهِ مِنْ الْغَنَمِ) أَيْ فَإِنَّهُ يُخْرِجُ مِنْ الْمِرَاضِ مَرِيضَةً وَمِنْ الصِّغَارِ صَغِيرَةً عَلَى مَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ الْمُقْرِي فِي رَوْضِهِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ) قَضِيَّةُ مَا ذَكَرَ أَنَّ الشَّاةَ الْمُخْرَجَةَ عَنْ الْإِبِلِ الْمِرَاضِ تَكُونُ كَالْمُخْرَجَةِ عَنْ الْإِبِلِ السَّلِيمَةِ، وَسَيَأْتِي أَنَّ إبِلَهُ مَثَلًا لَوْ اخْتَلَفَتْ صِحَّةً وَمَرَضًا أَخْرَجَ صَحِيحُهُ قِيمَتَهَا دُونَ قِيمَةِ الْمُخْرَجَةِ عَنْ الصِّحَاحِ الْخُلَّصِ، وَقِيَاسُهُ أَنْ يُقَالَ يُخْرِجُ هُنَا صَحِيحَةً عَنْ الْمِرَاضِ دُونَ قِيمَةِ الصَّحِيحَةِ الْمُخْرَجَةِ فِي السَّلِيمَةِ، وَأَمَّا مُجَرَّدُ كَوْنِ الشَّاةِ فِي الذِّمَّةِ وَالْمَعِيبُ لَا يَثْبُتُ فِيهَا فَلَا يَسْتَلْزِمُ مُسَاوَاةَ قِيمَةِ الْمُخْرَجَةِ عَنْ الْمَرِيضَةِ لِقِيمَةِ الْمُخْرَجَةِ عَنْ السَّلِيمَةِ (قَوْلُهُ: وَالْأَصَحُّ الْأَوَّلُ) وَيَظْهَرُ أَثَرُ ذَلِكَ فِي مُطَالَبَةِ السَّاعِي، فَعَلَى الْأَصَحِّ يُطَالَبُ بِالشَّاةِ فَإِنْ دَفَعَهَا الْمَالِكُ فَذَاكَ، أَوْ بِبَعِيرِ الزَّكَاةِ فَإِنْ دَفَعَهَا قُبِلَتْ وَكَانَتْ بَدَلًا (قَوْلُهُ: وَكَذَا يُجْزِي بَعِيرُ الزَّكَاةِ) ظَاهِرُ التَّعْبِيرِ بِالْإِجْزَاءِ أَنَّ الشَّاةَ أَفْضَلُ مِنْهُ، وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ بِأَفْضَلِيَّتِهِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ الْجِنْسِ، وَإِنَّمَا أَجْزَأَ غَيْرُهُ رِفْقًا بِالْمَالِكِ، وَمَحَلُّ أَفْضَلِيَّتِهِ عَلَى الشَّاةِ إنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ أَكْثَرَ مِنْ قِيمَةِ الشَّاةِ، فَإِنْ تَسَاوَيَا مِنْ كُلِّ وَجْهٍ فَهَلْ يُقَدَّمُ الْبَعِيرُ؛ لِأَنَّهُ مِنْ الْجِنْسِ أَوْ الشَّاةُ لِأَنَّهَا مَنْصُوصٌ عَلَيْهَا، أَوْ يُتَخَيَّرُ بَيْنَهُمَا؟ كُلٌّ مُحْتَمَلٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّالِثُ.
(قَوْلُهُ: وَكَوْنُهُ مُجْزِئًا عَنْ خَمْسٍ) شَمِلَ ذَلِكَ مَا لَوْ كَانَ عِنْدَهُ خَمْسَةٌ مَثَلًا كُلُّهَا مَعِيبَةٌ فَأَخْرَجَ عَنْهَا بِنْتَ مَخَاضٍ مَعِيبَةً مِنْ جِنْسِ الْمُخْرَجِ عَنْهُ فَيُجْزِي، وَعَلَيْهِ فَيُفَرَّقُ بَيْنَ مَا لَوْ أَخْرَجَ شَاةً حَيْثُ اُعْتُبِرَ فِيهَا أَنْ تَكُونَ صَحِيحَةً، وَإِنْ كَانَتْ إبِلُهُ مِرَاضًا وَبَيْنَ مَا لَوْ أَخْرَجَ بِنْتَ مَخَاضٍ مَعِيبَةً عَمَّا دُونَ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ مِنْ الْمَرِيضَاتِ بِأَنَّ الْمَرِيضَةَ تُجْزِي عَنْ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ مَرِيضَةً فَتُجْزِي عَمَّا دُونَهَا بِالْأَوْلَى، وَالشَّاةُ فِيمَا دُونَ الْخَمْسِ وَالْعِشْرِينَ لَمَّا كَانَتْ مِنْ غَيْرِ الْجِنْسِ وَأَوْجَبَهَا الشَّارِعُ وَجَبَ أَنْ تَكُونَ صَحِيحَةً (قَوْلُهُ وَمَا أَمْكَنَ يَقَعُ الْبَعْضُ فَرْضًا) أَيْ سَوَاءٌ أَمْكَنَ تَجْزِئَتُهُ بِنَفْسِهِ كَمَسْحِ جَمِيعِ الرَّأْسِ أَوْ بِبَدَلِهِ كَمَا لَوْ أَخْرَجَ بِنْتَ لَبُونٍ عَنْ بِنْتِ مَخَاضٍ بِلَا جُبْرَانٍ كَمَا يَأْتِي لَهُ فِي قَوْلِهِ وَلَوْ صَعِدَ مِنْ بِنْتِ الْمَخَاضِ مَثَلًا إلَى بِنْتِ اللَّبُونِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ هَلْ تَقَعُ إلَخْ (قَوْلُهُ أَوْ وَارِثُهُ مِنْ التَّرِكَةِ)
ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: مِنْ التَّرِكَةِ) هَذَا لَيْسَ مِنْ كَلَامِ ابْنِ الْمُقْرِي فَنِسْبَتُهُ إلَيْهِ لَيْسَتْ فِي مَحَلِّهَا، وَالْحَاصِلُ أَنَّ شَيْخَ الْإِسْلَامِ فِي

الصفحة 48