كتاب نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج (اسم الجزء: 3)

أَوْ فِي الْعَرَايَا عَلَى الْقَدْرِ الْجَائِزِ لِوُقُوعِهِ فِي الْعَقْدِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ وَهُوَ لَا يُمْكِنُ التَّبْعِيضُ فِيهِ، وَفِيمَا لَوْ كَانَ بَيْنَ اثْنَيْنِ أَرْضٌ مُنَاصَفَةً فَعَيَّنَ أَحَدُهُمَا مِنْهَا قِطْعَةً مَحْفُوفَةً بِجَمِيعِهَا وَبَاعَهَا مِنْ غَيْرِ إذْنِ شَرِيكِهِ فَلَا يَصِحُّ فِي شَيْءٍ مِنْهَا كَمَا نَقَلَهُ الزَّرْكَشِيُّ عَنْ الْبَغَوِيّ وَأَقَرَّهُ؛ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ عَلَى صِحَّتِهِ فِي نَصِيبِهِ مِنْهَا الضَّرَرُ الْعَظِيمُ لِلشَّرِيكِ بِمُرُورِ الْمُشْتَرِي فِي حِصَّتِهِ إلَى أَنْ يَصِلَ إلَى الْمَبِيعِ اهـ.
وَيَظْهَرُ حَمْلُهُ عَلَى مَا إذَا تَعَيَّنَ الضَّرَرُ طَرِيقًا، وَإِلَّا فَالْأَوْجَهُ خِلَافُهُ لِتَمَكُّنِهِ مِنْ رَفْعِ ذَلِكَ بِالشِّرَاءِ أَوْ الِاسْتِئْجَارِ لِلْمَمَرِّ أَوْ الْقِسْمَةِ فَلَمْ يَتَعَيَّنْ الْإِضْرَارُ، وَيُؤَيِّدُهُ مَا مَرَّ فِي مَبْحَثِ مَا يَنْقُصُ بِقَطْعِهِ، وَلَا يُنَافِيه مَا مَرَّ مِنْ عَدَمِ صِحَّةِ بَيْعِ مَسْكَنٍ بِلَا مَمَرٍّ مُطْلَقًا لِشِدَّةِ حَاجَتِهِ إلَى الْمَمَرِّ بِخِلَافِ مَا هُنَا، وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ بِغَيْرِ إذْنِ الْآخَرِ بَيْعُهُ بِإِذْنِهِ فَيَصِحُّ جَزْمًا، وَلَا يُشْكِلُ عَلَى مَا ذُكِرَ فِي عَبْدِهِ وَعَبْدِ غَيْرِهِ وَلَا عَلَى مَا يَأْتِي مِنْ أَنَّ الصِّحَّةَ فِي الْحِلِّ بِالْحِصَّةِ مِنْ الْمُسَمَّى بِاعْتِبَارِ قِيمَتِهِمَا قَوْلُهُمْ لَوْ بَاعَ عَبْدَيْهِمَا بِثَمَنٍ وَاحِدٍ لَمْ يَصِحَّ لِلْجَهْلِ بِحِصَّةِ كُلٍّ عِنْدَ الْعَقْدِ؛ لِأَنَّ التَّقْوِيمَ تَخْمِينٌ وَهَذَا بِعَيْنِهِ جَارٍ فِيمَا هُنَا إذْ نَحْوُ عَبْدِهِ الَّذِي صَحَّ الْبَيْعُ فِيهِ مَا يُقَابِلُهُ مَجْهُولٌ عِنْدَ الْعَقْدِ لِظُهُورِ الْفَرْقِ، إذْ الْجَهْلُ هُنَا لَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ مَحْذُورٌ وَهُوَ التَّنَازُعُ لَا إلَى غَايَةٍ لِانْدِفَاعِ الضَّرَرِ بِثُبُوتِ الْخِيَارِ لِلْمُشْتَرِي بِخِلَافِهِ فِي تِلْكَ فَإِنَّ صِحَّتَهُ فِيهِمَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا ذَلِكَ الْمَحْذُورُ.
لَا يُقَالُ: قَدْ لَا يَثْبُتُ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي بِسَبَبِ كَوْنِهِ عَالِمًا بِالْمُفْسِدِ كَمَا يَأْتِي فَلِمَ صَحَّ الْمَبِيعُ فِي الْحِلِّ حِينَئِذٍ مَعَ الْجَهْلِ حَالَةَ الْعَقْدِ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ وَوُقُوعُ التَّنَازُعِ بَيْنَهُمَا لَا إلَى غَايَةٍ وَانْقِطَاعُهُ بِقَوْلِ الْمُقَوِّمِينَ جَارٍ فِي الصُّورَتَيْنِ بِلَا فَرْقٍ.
لِأَنَّا نَقُولُ: الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ إيرَادَ الْعَقْدِ عَلَيْهِمَا مَعَ الْعِلْمِ بِالْحَرَامِ نَادِرٌ فَأَعْطَوْهُ حُكْمَ الْغَالِبِ مِنْ عَدَمِ الصِّحَّةِ فِي الْحَرَامِ إعْطَاءً لِكُلٍّ مِنْهُمَا حُكْمَهُ لَا فِي ثُبُوتِ الْخِيَارِ تَغْلِيظًا عَلَيْهِ، وَلَمْ يُبَالُوا بِتَخَلُّفِ عِلَّتِهِمْ فِيهِ لِنُدُورِهِ، وَالتَّعَالِيلُ إنَّمَا تُنَاطُ بِالْأَعَمِّ الْأَغْلَبِ، وَأَوْضَحَ مِنْ ذَلِكَ أَنْ يُقَالَ إنَّ التَّنَازُعَ فِيمَا نَحْنُ فِيهِ يُؤَدِّي إلَى الِاخْتِلَافِ فِي قَدْرِ الثَّمَنِ وَهُوَ يَرْتَفِعُ بِالتَّحَالُفِ الْمُؤَدِّي لِلْفَسْخِ وَثَمَّ التَّنَازُعُ بَيْنَ الْبَائِعَيْنِ وَلَا تَخَالُفَ فِيهِ فَيَدُومُ، وَمُقَابِلُ الْأَظْهَرِ الْبُطْلَانُ فِي الْجَمِيعِ تَغْلِيبًا لِلْحَرَامِ عَلَى الْحَلَالِ.
قَالَ الرَّبِيعُ: وَإِلَيْهِ رَجَعَ الشَّافِعِيُّ آخِرًا وَرُدَّ بِاحْتِمَالِ كَوْنِهِ آخِرَهُمَا فِي الذِّكْرِ لَا فِي الْفَتْوَى، وَإِنَّمَا يَكُونُ الْمُتَأَخِّرُ مَذْهَبَ الشَّافِعِيِّ إذَا أَفْتَى بِهِ، أَمَّا إذَا ذَكَرَهُ فِي مَقَامِ الِاسْتِنْبَاطِ وَالتَّرْجِيحِ وَلَمْ يُصَرِّحْ بِالرُّجُوعِ عَنْ الْأَوَّلِ فَلَا، وَالْقَوْلَانِ بِالْأَصَالَةِ فِي بَيْعِ عَبْدِهِ وَعَبْدِ غَيْرِهِ وَطَرْدًا فِي بَقِيَّةِ الصُّوَرِ وَالصِّحَّةُ
ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: أَوْ فِي الْعَرَايَا) أَيْ أَوْ زَادَهُ إلَخْ (قَوْلُهُ عَلَى الْقَدْرِ الْجَائِزِ) أَيْ وَهُوَ دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ (قَوْلُهُ: لِوُقُوعِهِ فِي الْعَقْدِ) يُتَأَمَّلُ فَقَدْ تُوجَدُ هَذِهِ الْعِلَّةُ فِي صُورَةِ التَّفْرِيقِ اهـ سم عَلَى حَجّ. وَقَدْ يُقَالُ: مُرَادُهُ بِالنَّهْيِ عَنْهُ تَأْدِيَتُهُ لِعَدَمِ الْعِلْمِ بِالْمُمَاثَلَةِ عِنْدَ إرَادَةِ التَّوْزِيعِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ لَا يُمْكِنُ التَّبْعِيضُ فِيهِ) وَإِنَّمَا بَطَلَ فِي الزَّائِدِ فَقَطْ فِي الزِّيَادَةِ فِي عَقْدِ الْهُدْنَةِ عَلَى أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ أَوْ عَشْرِ سِنِينَ تَغْلِيبًا لِحَقْنِ الدِّمَاءِ الْمُحْتَاجِ إلَيْهِ اهـ.
(قَوْلُهُ: وَيَظْهَرُ حَمْلُهُ إلَخْ) لَا وَجْهَ لِحَمْلِهِ عَلَى صُورَةٍ لَا يَتَعَيَّنُ فِيهَا الضَّرَرُ بَعْدَ فَرْضِ الْكَلَامِ فِي الْمَحْفُوفَةِ بِمِلْكِهِ مِنْ سَائِرِ الْجَوَانِبِ وَإِمْكَانُ الشِّرَاءِ عَارِضٌ بَعْدَ تَمَامِ الْعَقْدِ وَمِثْلُهُ لَا نَظَرَ إلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَيُؤَيِّدُهُ) أَيْ الْحَمْلَ مَا مَرَّ أَرَادَ بِهِ مَا لَوْ بَاعَ ذِرَاعًا مُعَيَّنًا مِنْ أَرْضٍ فَإِنَّهُ يَصِحُّ وَإِنْ تَضَيَّقَتْ بِالْمَرَافِقِ لِإِمْكَانِ التَّدَارُكِ بِرَفْعِ الْعَلَامَةِ، وَقَدْ يَمْنَعُ التَّأْيِيدُ بِمَا ذُكِرَ فَإِنَّ الضَّرَرَ يَنْدَفِعُ فِيهِ بِرَفْعِ الْعَلَامَةِ مَعَ بَقَاءِ الْأَرْضِ عَلَى حَالِهَا مِنْ الشَّرِكَةِ وَلَا كَذَلِكَ هُنَا (قَوْلُهُ بَيْعُهُ) أَيْ الْمُشْتَرَكِ دُونَ الْعَبْدَيْنِ (قَوْلُهُ: قَوْلُهُمْ لَوْ بَاعَ) أَيْ الْوَكِيلُ وَعِبَارَةُ حَجّ لَوْ بَاعَا إلَخْ (قَوْلُهُ: ذَلِكَ الْمَحْذُورُ) وَهُوَ التَّنَازُعُ لَا إلَى غَايَةٍ (قَوْلُهُ: فِيمَا نَحْنُ فِيهِ) هُوَ قَوْلُهُ عَبْدِهِ وَعَبْدِ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: وَثَمَّ)
ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ لِتَمَكُّنِهِ مِنْ رَفْعِ ذَلِكَ بِالشِّرَاءِ) تَكَفَّلَ الشَّيْخُ فِي حَاشِيَتِهِ بِرَدِّهِ (قَوْلُهُ قَوْلُهُمْ لَوْ بَاعَ عَبْدَيْهِمَا بِثَمَنٍ إلَخْ) أَيْ بِوَكَالَةِ الشَّرِيكِ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ الشِّهَابُ سم، وَعِبَارَةُ التُّحْفَةِ: لَوْ بَاعَا عَبْدَيْهِمَا بِضَمِيرِ التَّثْنِيَةِ وَهِيَ كَذَلِكَ فِي بَعْضِ نُسَخِ الشَّارِحِ (قَوْلُهُ وَإِنَّمَا يَكُونُ الْمُتَأَخِّرُ مَذْهَبَ الشَّافِعِيِّ إذَا أَفْتَى بِهِ إلَخْ) اُنْظُرْ هَذَا مَعَ

الصفحة 480