كتاب نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج (اسم الجزء: 3)

بِأَنَّ الذَّكَرَ لَا مَدْخَلَ لَهُ فِي فَرَائِصِ الْإِبِلِ فَكَانَ الِانْتِقَالُ إلَيْهِ أَغْبَطَ مِنْ الصُّعُودِ وَالنُّزُولِ، وَصِفَةُ هَذِهِ الشَّاةِ صِفَةُ الشَّاةِ الْمُخْرَجَةِ فِيمَا دُونَ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ مِنْ الْإِبِلِ فِي جَمِيعِ مَا سَبَقَ وِفَاقًا وَخِلَافًا، إلَّا أَنَّ السَّاعِيَ لَوْ دَفَعَ الذَّكَرَ وَرَضِيَ بِهِ الْمَالِكُ جَازَ قَطْعًا، وَالْمُرَادُ بِالدَّرَاهِمِ النُّقْرَةُ الْخَالِصَةُ الْإِسْلَامِيَّةُ إذْ هِيَ الْمُرَادَةُ شَرْعًا عِنْدَ الْإِطْلَاقِ. نَعَمْ إنْ لَمْ يَجِدْهَا أَوْ غَلَبَتْ الْمَغْشُوشَةُ، وَجَوَّزْنَا الْمُعَامَلَةَ بِهَا وَهُوَ الْأَصَحُّ، فَالظَّاهِرُ كَمَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ أَنَّهُ يُجْزِيهِ هُنَا مَا يَكُونُ فِيهِ مِنْ النُّقْرَةِ قَدْرَ الْوَاجِبِ، وَلَوْ صَعِدَ مِنْ بِنْتِ الْمَخَاضِ مَثَلًا إلَى بِنْتِ اللَّبُونِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ هَلْ تَقَعُ كُلُّهَا زَكَاةً أَوْ بَعْضُهَا؟ الظَّاهِرُ الثَّانِي، فَإِنَّ زِيَادَةَ السِّنُّ فِيهَا قَدْ أَخَذَ الْجُبْرَانَ فِي مُقَابَلَتِهَا فَيَكُونُ قَدْرُ الزَّكَاةِ فِيهَا خَمْسَةً وَعِشْرِينَ جُزْءًا مِنْ سِتَّةٍ وَثَلَاثِينَ جُزْءًا، وَيَكُونُ أَحَدَ عَشَرَ فِي مُقَابَلَةِ الْجُبْرَانِ (وَالْخِيَارُ فِي الشَّاتَيْنِ وَالدَّرَاهِمِ لِدَافِعِهَا) مَالِكًا كَانَ أَوْ سَاعِيًا لِظَاهِرِ خَبَرِ أَنَسٍ.
نَعَمْ يَلْزَمُ السَّاعِيَ رِعَايَةُ الْأَصْلَحِ لِلْمُسْتَحِقِّ، كَمَا يَلْزَمُ نَائِبَ الْغَائِبِ وَوَلِيَّ الْمَحْجُورِ رِعَايَةُ الْأَنْفَعِ لِلْمَنُوبِ عَنْهُ، وَيُسَنُّ لِلْمَالِكِ إذَا كَانَ دَافِعًا اخْتِيَارُ الْأَنْفَعِ لَهُمْ (وَفِي الصُّعُودِ وَالنُّزُولِ) الْخِيَرَةُ فِيهِمَا (لِلْمَالِكِ فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّهُمَا شَرْعًا تَخْفِيفًا عَلَيْهِ لِئَلَّا يَتَكَلَّفَ الشِّرَاءَ فَنَاسَبَ تَخْيِيرُهُ.
وَالثَّانِي أَنَّ الِاخْتِيَارَ لِلسَّاعِي لِيَأْخُذَ الْأَغْبَطَ لِلْمُسْتَحِقِّينَ، وَمَحَلُّ الْخِلَافِ عِنْدَ دَفْعِ الْمَالِكِ غَيْرَ الْأَغْبَطِ، فَإِنْ دَفَعَ الْأَغْبَطَ لَزِمَ السَّاعِيَ أَخْذُهُ قَطْعًا، وَمَعْنَى لَزِمَهُ مُرَاعَاةُ الْأَصْلَحِ لَهُمْ عَلَى الْأَوَّلِ مَعَ أَنَّ الْخِيَرَةَ لِلْمَالِكِ أَنَّهُ يَطْلُبُ مِنْهُ ذَلِكَ فَإِنْ أَجَابَهُ فَذَاكَ، وَإِلَّا أَخَذَ مِنْهُ مَا يَدْفَعُهُ لَهُ (إلَّا أَنْ تَكُونَ إبِلُهُ مَعِيبَةً) بِمَرَضٍ أَوْ غَيْرِهِ فَلَا خِيَرَةَ لَهُ فِي الصُّعُودِ؛ لِأَنَّ وَاجِبَهُ مَعِيبٌ، وَالْجُبْرَانُ لِلتَّفَاوُتِ بَيْنَ السَّلِيمَيْنِ وَهُوَ فَوْقَ التَّفَاوُتِ بَيْنَ الْمَعِيبَيْنِ، وَمَقْصُودُ الزَّكَاةِ إفَادَةُ الْمُسْتَحِقِّينَ لَا الِاسْتِفَادَةُ مِنْهُمْ، فَلَوْ رَأَى السَّاعِي مَصْلَحَةً فِي ذَلِكَ فَالْأَوْجَهُ الْمَنْعُ أَيْضًا لِعُمُومِ كَلَامِهِمْ، وَمُقْتَضَى التَّعْلِيلِ السَّابِقِ خِلَافًا لِلْإِسْنَوِيِّ، وَلَوْ أَرَادَ الْعُدُولَ إلَى سَلِيمَةٍ مَعَ أَخْذِ الْجُبْرَانِ جَازَ كَمَا اقْتَضَاهُ التَّعْلِيلُ الْمَارُّ وَهُوَ ظَاهِرٌ، أَمَّا هُبُوطُهُ مَعَ إعْطَاءِ الْجُبْرَانِ فَجَائِزٌ لِتَبَرُّعِهِ بِالزِّيَادَةِ (وَلَهُ صُعُودُ دَرَجَتَيْنِ وَأَخْذُ جُبْرَانَيْنِ) كَمَا لَوْ وَجَبَ عَلَيْهِ بِنْتُ لَبُونٍ فَصَعِدَ إلَى الْجَذَعَةِ عِنْدَ فَقْدِ مَا سَيَأْتِي (وَ) لَهُ (نُزُولُ دَرَجَتَيْنِ مَعَ) دَفْعِ (جُبْرَانَيْنِ) كَمَا إذَا أَعْطَى بَدَلَ الْحِقَّةِ بِنْتَ مَخَاضٍ، وَإِنَّمَا يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ (بِشَرْطِ تَعَذُّرِ دَرَجَةٍ فِي) جِهَةِ صُعُودِهِ أَوْ نُزُولِهِ فِي (الْأَصَحِّ) فَلَا يَصْعَدُ عَنْ بِنْتِ مَخَاضٍ إلَى الْحِقَّةِ، وَلَا يَنْزِلُ مِنْ الْحِقَّةِ إلَى
ـــــــــــــــــــــــــــــSالصُّعُودِ إلَخْ (قَوْلُهُ: لَا مَدْخَلَ لَهُ فِي فَرَائِضِ الْإِبِلِ) أَيْ لَمْ يَجِبْ مِنْهَا ذَكَرٌ، وَأَمَّا أَخْذُهُ عِنْدَ فَقْدِ بِنْتِ الْمَخَاضِ فَهُوَ بَدَلٌ عَنْهَا لَا فَرْضٌ (قَوْلُهُ: النُّقْرَةُ الْخَالِصَةُ) أَيْ الْفِضَّةُ الْخَالِصَةُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ صَعِدَ) بِكَسْرِ الْعَيْنِ (قَوْلُهُ: وَالْخِيَارُ فِي الشَّاتَيْنِ وَالدَّرَاهِمِ لِدَافِعِهَا) أَيْ فَيَدْفَعُ مَا شَاءَ مِنْهُمَا وَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ دُونَ قِيمَةِ الْآخَرِ حَيْثُ كَانَ الدَّافِعُ الْمَالِكَ، فَإِنْ كَانَ الدَّافِعُ السَّاعِيَ رَاعَى الْأَصْلَحَ كَمَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ نَعَمْ يَلْزَمُ السَّاعِيَ إلَخْ، وَبَقِيَ مَا لَوْ تَعَارَضَ عَلَى الْوَكِيلِ وَالْوَلِيِّ مَصْلَحَةُ الْمُوَكِّلِ وَالْمُوَلَّى عَلَيْهِ دَفْعًا وَمَصْلَحَةُ الْفُقَرَاءِ عَلَى السَّاعِي أَخْذًا فَهَلْ يُرَاعِيهِمَا أَوْ يُرَاعِي مَصْلَحَةَ الْفُقَرَاءِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ السَّاعِيَ إنْ كَانَ هُوَ الدَّافِعَ رَاعَى مَصْلَحَةَ الْفُقَرَاءِ؛ لِأَنَّهُ نَائِبٌ عَنْهُمْ، وَيَجِبُ عَلَى الْوَلِيِّ وَالْوَكِيلِ قَبُولُ مَا دَفَعَهُ لَهُ السَّاعِي، وَإِنْ كَانَ الدَّافِعُ هُوَ الْوَلِيُّ أَوْ الْوَكِيلُ وَجَبَ عَلَيْهِ مُرَاعَاةُ مُوَكِّلِهِ أَوْ مُوَلِّيهِ كَمَا يُفِيدُ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ وَالْخِيَرَةُ لِلدَّافِعِ.
(قَوْلُهُ: وَإِلَّا أُخِذَ مِنْهُ) أَيْ وُجُوبًا فَيُجْبَرُ عَلَى أَخْذِهِ (قَوْلُهُ: فَلَوْ رَأَى السَّاعِي مَصْلَحَةً فِي ذَلِكَ) أَيْ الصُّعُودِ (قَوْلُهُ: وَمُقْتَضَى التَّعْلِيلِ السَّابِقِ) هُوَ قَوْلُهُ لِلتَّفَاوُتِ بَيْنَ إلَخْ (قَوْلُهُ: فَلَا يَصْعَدُ عَنْ بِنْتِ الْمَخَاضِ) أَيْ وَإِنْ
ـــــــــــــــــــــــــــــQفَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: فَكَانَ الِانْتِقَالُ إلَيْهِ أَغْبَطَ) أَيْ عَلَى الْمَالِكِ حَيْثُ لَمْ نَقْبَلْهُ مِنْهُ (قَوْلُهُ: نَعَمْ يَلْزَمُ السَّاعِيَ رِعَايَةُ الْأَصْلَحِ) أَيْ سَوَاءٌ أَكَانَ دَافِعًا أَمْ آخِذًا، أَمَّا إذَا كَانَ دَافِعًا فَظَاهِرٌ، وَأَمَّا إذَا كَانَ آخِذًا فَمَعْنَاهُ مَا سَيَأْتِي فِي قَوْلِ الشَّارِحِ، وَمَعْنَى لُزُومِهِ رِعَايَةِ الْأَصْلَحِ إلَخْ وَكَانَ اللَّائِقُ ذِكْرُهُ هُنَا (قَوْلُهُ: وَمَعْنًى لَزِمَهُ عَلَى الْأَوَّلِ) يَعْنِي فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى

الصفحة 53