كتاب نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج (اسم الجزء: 3)

وَلِأَنَّ الْمُقْتَضِيَ لِتَأْثِيرِ الْخُلْطَةِ فِي الْمَاشِيَةِ هُوَ خِسَّةُ الْمُؤْنَةِ، وَذَلِكَ مَوْجُودٌ هُنَا لِلِارْتِفَاقِ.
وَالثَّانِي، وَهُوَ الْقَدِيمُ لَا تُؤَثِّرُ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّ الْمَوَاشِيَ فِيهَا أَوْقَاصٌ، وَالْخُلْطَةَ فِيهَا نَفْعُ الْمَالِكِ تَارَةً وَالْمُسْتَحَقِّينَ أُخْرَى، وَلَا وَقَصَ فِي غَيْرِ الْمَوَاشِي، وَعَلَى الْأَوَّلِ إنَّمَا تُؤَثِّرُ خُلْطَةُ الْجِوَارِ فِي الزِّرَاعَةِ (بِشَرْطِ أَنْ لَا يَتَمَيَّزَ النَّاطُورُ) بِالْمُهْمَلَةِ أَشْهُرُ مِنْ الْمُعْجَمَةِ: أَيْ الْحَافِظُ لَهُمَا (وَالْجَرِينُ) بِفَتْحِ الْجِيمِ مَوْضِعُ تَجْفِيفِ الثِّمَارِ، وَالْبَيْدَرُ بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ وَالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ مَوْضِعُ تَصْفِيَةِ الْحِنْطَةِ، قَالَهُ الْجَوْهَرِيُّ.
وَقَالَ الثَّعَالِبِيُّ: الْجَرِينُ لِلزَّبِيبِ، وَالْبَيْدَرُ لِلْحِنْطَةِ، وَالْمِرْبَدُ بِكَسْرِ الْمِيمِ وَإِسْكَانِ الرَّاءِ لِلتَّمْرِ (وَ) فِي التِّجَارَةِ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَتَمَيَّزَ (الدُّكَّانُ) بِضَمِّ الْمُهْمَلَةِ الْحَانُوتُ (وَالْحَارِسُ) ذَكَرَهُ بَعْدَ النَّاطُورِ مِنْ ذِكْرِ الْأَعَمِّ بَعْدَ الْأَخَصِّ (وَمَكَانُ الْحِفْظِ) كَخِزَانَةٍ وَلَوْ كَانَ مَالُ كُلٍّ بِنَاحِيَةٍ مِنْهُ (وَنَحْوُهَا) كَالْوِزَانِ وَالْمِيزَانِ وَالْمُنَادِي وَالنُّقَّادِ وَالْحُرَّاثِ وَجِذَاذِ النَّخْلِ وَالْحَمَّالِ وَالْكَيَّالِ وَالْمُتَعَهِّدِ وَالْحَصَادِ وَالْمُلَقِّحِ وَمَا يُسْقَى لَهُمَا بِهِ، فَإِنْ كَانَ لِكُلٍّ مِنْهُمَا نَخِيلٌ أَوْ زَرْعٌ مُجَاوِرٌ لِنَخِيلِ الْآخَرِ أَوْ لِزَرْعِهِ أَوْ لِكُلِّ وَاحِدٍ كِيسٌ فِيهِ نَقْدٌ فِي صُنْدُوقٍ وَاحِدٍ وَأَمْتِعَةُ تِجَارَةٍ فِي مَخْزَنٍ وَاحِدٍ، وَلَمْ يَتَمَيَّزْ أَحَدُهُمَا عَنْ الْآخَرِ بِشَيْءٍ مِمَّا مَرَّ ثَبَتَتْ الْخُلْطَةُ؛ لِأَنَّ الْمَالَيْنِ يَصِيرَانِ كَذَلِكَ كَالْمَالِ الْوَاحِدِ

(وَلِوُجُوبِ زَكَاةِ الْمَاشِيَةِ) أَيْ الزَّكَاةِ فِي النَّعَمِ كَمَا عُرِفَ مِمَّا قَدَّمَهُ، فَلَا اعْتِرَاضَ عَلَيْهِ، وَالْإِضَافَةُ هُنَا بِمَعْنَى فِي نَحْوِ {بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ} [سبأ: 33] وَيَصِحُّ كَوْنُهَا بِمَعْنَى اللَّامِ (شَرْطَانِ) مُضَافَانِ لِمَا مَرَّ مِنْ كَوْنِهَا نِصَابًا مِنْ النَّعَمِ، وَلِمَا سَيَأْتِي مِنْ كَمَالِ الْمِلْكِ وَإِسْلَامِ الْمَالِكِ وَحُرِّيَّتِهِ (مُضِيُّ الْحَوْلِ) سُمِّيَ بِهِ لِتَحَوُّلِهِ: أَيْ ذَهَابِهِ وَمَجِيءِ غَيْرِهِ (فِي مِلْكِهِ) لِخَبَرِ «لَا زَكَاةَ فِي مَالٍ حَتَّى يَحُولَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ» وَلِأَنَّهُ لَا يَتَكَامَلُ نَمَاؤُهُ قَبْلَ تَمَامِ الْحَوْلِ (لَكِنْ مَا نُتِجَ) بِضَمِّ النُّونِ وَكَسْرِ التَّاءِ عَلَى الْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ (مِنْ نِصَابٍ) قَبْلَ انْقِضَاءِ حَوْلِهِ وَلَوْ بِلَحْظَةٍ (يُزَكَّى بِحَوْلِهِ) أَيْ النِّصَابِ بِشَرْطِ كَوْنِهِ مَمْلُوكًا لِمَالِكِ النِّصَابِ بِالسَّبَبِ الَّذِي مَلَكَ بِهِ النِّصَابَ إذَا اقْتَضَى الْحَالُ لُزُومَ الزَّكَاةِ فِيهِ، وَإِنْ مَاتَتْ
ـــــــــــــــــــــــــــــSيَقُولُ: لِمُطْلَقِ مَا تَقَدَّمَ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ الْعَامِّ اهـ. أَقُولُ: قَدْ يُقَالُ الْمُطْلَقُ هُوَ مَا دَلَّ عَلَى مُجَرَّدِ الْمَاهِيَّةِ.
وَلَيْسَ ذَلِكَ مُرَادًا هُنَا بَلْ الْمُرَادُ النَّهْيُ عَنْ كُلِّ فَرْدٍ فَرْدٍ يَصْدُقُ عَلَيْهِ التَّفْرِيقُ أَوْ الْجَمْعُ لِكَوْنِهِ فِي حَيِّزِ النَّهْيِ، وَذَلِكَ مِنْ قَبِيلِ الْعَامِّ لَا الْمُطْلَقِ (قَوْلُهُ: وَلَا وَقَصَ) بِفَتْحِ الْقَافِ أَفْصَحُ مِنْ إسْكَانِهَا اهـ شَرْحُ رَوْضٍ (قَوْلُهُ: أَيْ الْحَافِظُ لَهُمَا) أَيْ الْمَالَيْنِ (قَوْلُهُ: مِنْ ذِكْرِ الْأَعَمِّ بَعْدَ الْأَخَصِّ) لَمْ يَتَقَدَّمْ فِي كَلَامِهِ مَا يُعْلَمُ مِنْهُ وَجْهُ الْعُمُومِ.
نَعَمْ فِي كَلَامِ الْمَحَلِّيِّ مَا يَقْتَضِيهِ حَيْثُ قَالَ: النَّاطُورُ بِالْمُهْمَلَةِ هُوَ حَافِظُ النَّخْلِ وَالشَّجَرِ (قَوْلُهُ لِأَنَّ الْمَالَيْنِ يَصِيرَانِ إلَخْ) يُؤْخَذُ مِنْ هَذَا جَوَابُ مَا وَقَعَ السُّؤَالُ عَنْهُ فِي الدَّرْسِ مِنْ أَنَّ جَمَاعَةً وَدَعُوا عِنْدَ شَخْصٍ دَرَاهِمَ وَمَضَى عَلَى ذَلِكَ سَنَةٌ هَلْ يَجِبُ عَلَيْهِمْ الزَّكَاةُ أَمْ لَا؟ وَهُوَ وُجُوبُ الزَّكَاةِ سَوَاءٌ كَانَ مَالُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ يَبْلُغُ نِصَابًا أَمْ لَا فِيمَا يَظْهَرُ فَلْيُرَاجَعْ، ثُمَّ رَأَيْت فِي سم عَلَى الْغَايَةِ مَا نَصُّهُ: فَرْعٌ عِنْدَهُ وَدَائِعُ لَا يَبْلُغُ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهَا نِصَابًا فَجَعَلَهَا فِي صُنْدُوقٍ وَاحِدٍ جَمِيعَ الْحَوْلِ فَهَلْ يَثْبُتُ حُكْمُ الْخُلْطَةِ فِيهِ، وَالظَّاهِرُ الثُّبُوتُ لِانْطِبَاقِ ضَابِطِهَا، وَنِيَّةُ الْخُلْطَةِ لَا تُشْتَرَطُ، ثُمَّ حَيْثُ تَثْبُتُ الْخُلْطَةُ فَلِلسَّاعِي أَنْ يَأْخُذَ الْوَاجِبَ أَوْ بَعْضَهُ مِنْ مَالِ أَحَدِهِمَا دُونَ الْآخَرِ، وَإِذَا رَجَعَ الْمَأْخُوذُ مِنْهُ عَلَى غَيْرِهِ رَجَعَ بِقَدْرِ حِصَّتِهِ مِنْ مَجْمُوعِ الْمَالَيْنِ مَثَلًا فِي الْمِثْلِيِّ وَقِيمَةً فِي الْمُتَقَوِّمِ اهـ. أَيْ حَيْثُ كَانَ السَّاعِي يَرَى أَخْذَ الْقِيمَةِ

(قَوْلُهُ: وَإِسْلَامِ الْمَالِكِ وَحُرِّيَّتِهِ)
ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: مِنْ ذِكْرِ الْأَعَمِّ بَعْدَ الْأَخَصِّ) يُنَافِيهِ مَا قَدَّرَهُ فِي الْمَتْنِ مِنْ جَعْلِ هَذَا فِي التِّجَارَةِ خَاصَّةً وَمَا مَرَّ فِي الزُّرُوعِ وَالثِّمَارِ (قَوْلُهُ وَالْحَصَادُ وَالْمُلَقَّحُ إلَخْ) كَانَ الْمُنَاسِبُ لِصَنِيعِهِ أَنْ يَذْكُرَ هَذَا قَبْلَ الدُّكَّانِ وَمَا بَعْدَهُ مِمَّا هُوَ مُتَعَلِّقٌ بِالتِّجَارَةِ

(قَوْلُهُ: بِالسَّبَبِ الَّذِي مَلَكَ بِهِ النِّصَابَ) يَعْنِي أَنَّهُ انْجَرَّ إلَيْهِ مِلْكُهُ مِنْ مِلْكِ الْأَصْلِ لَا أَنَّهُ مَلَكَهُ بِسَبَبٍ مُسْتَقِلٍّ كَالسَّبَبِ الَّذِي مَلَكَ بِهِ النِّصَابَ

الصفحة 63