كتاب التلخيص الحبير ط العلمية (اسم الجزء: 3)

الرَّجُلِ بِيَدِهِ وَكُلُّ بَيْعٍ مَبْرُورٍ" الْحَاكِمُ مِنْ حَدِيثِ الْمَسْعُودِيِّ عَنْ وَائِلِ بْنِ دَاوُد عَنْ عَبَايَةَ بْنِ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ الْكَسْبِ أَطْيَبُ فَذَكَرَهُ وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ إلَّا أَنَّهُ قَالَ عَنْ جَدِّهِ وَهُوَ صَوَابٌ فَإِنَّهُ عَبَايَةُ بْنُ رِفَاعَةَ بْنُ رَافِعِ بْنُ خَدِيجٍ وَقَوْلُ الْحَاكِمِ عَنْ أَبِيهِ فِيهِ تَجَوُّزٌ1 وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِيهِ عَلَى وَائِلِ بْنِ دَاوُد فَقَالَ شَرِيكٌ عَنْهُ عَنْ جُمَيْعِ بْنِ عُمَيْرٍ عَنْ خَالِهِ أَبِي بُرْدَةَ2.
وَقَالَ الثَّوْرِيُّ عَنْهُ عَنْ سَعِيدِ بْنِ عُمَيْرٍ عَنْ عَمِّهِ رَوَاهُمَا الْحَاكِمُ أَيْضًا3 وَأَخْرَجَ الْبَزَّارُ الْأَوَّلَ لَكِنْ قَالَ عَنْ عَمِّهِ4 قَالَ وَقَدْ ذَكَرَ ابْنُ مَعِينٍ أَنَّ عَمَّ سَعِيدِ بْنِ عُمَيْرٍ الْبَرَاءُ بْنُ عَازِبٍ،
__________
= البيوع أجل المكاسب كلها وأطيب من الزراعات وغيرها وهو أشبه بمذهب الشافعي والعراقيين حتى أن محمد بن الحسن قيل له: هلا صنعت كتابا في الزهد فقال: فعلت، قيل فما ذلك الكاب قال: هو كتاب "البيوع".
والدليل على أن البيوع أجل المكاسب كلها إذا وقعت على الوجه المأذون فيه، أن الله عز وجل صرح في كتابه بإحلالها فقال: {وأحل الله البيع} ، ولم يصرح بإحلال غيرها، وروت عائشة قالت: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أطيب ما أكل الرجل من كسبه"، والكسب في كتاب الله التجارة، وروى راعل بن خديج قال: قال رجل: يا رسول الله أي العمل أطيب فقال: "عمل الرجل وكل بيع مبرور". ولأن البيوع أكثر مكاسب الصحابة وهي أظهر فيهم من الزراعة والصناعة. ولأن المنفعة بها أعم والحاجة إليها أكثر؛ لأنه ليس أحد يستغني عن ابتياع مأكول أو ملبوس، وقد يستغني عن صناعة وزراعة.
فإن قيل: فقد روى سلمان فقال: "لا تكن أول من يدخل السوق ولا آخر من يخرج منها، فإنه فيها باض الشيطان وفرخ" فاقتضى أن يكون مكروها.
نقول هذا غلط: كيف يصح أن يكره ما صرح الله بإحلاله في كتابه، وإنما المراد بذلك أنه لا يصرف أكثر زمانه إلى الاكتساب ويشتغل به عن العبادة، حتى يصير إليه منقطعا، وبه متشاغلا.
كما روي عن علي بن أبي طالب كرم اله وجهه، أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "نهى عن السوم قبل طلوع الشمس" يريد أن الرجل لا يجعله أكثر همه حتى يبتدئ به في صدر يومه لا أنه حرام.
فإن قيل: فقد وري عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال: "يا تجار كلكم فجار إلا من أخذ الحق وأعطى الحق"، فجعل الفجور فيهم عموما ومعاطاة الحق خصوصا، وليست هذه صفات أجل المكاسب.
قيل: إنما قال ذلك؛ لأن من البيوع ما يحل، ومنها ما يحرم ومنها ما يكره. كما روي عنه أنه قال: "لو اتجر أهل الجنة، ما اتجروا إلا في البر؛ ولو اتجر أهل النار في النار ما اتجروا إلا في الصرف" قال ذلك استحبابا في التجارة في البر، وكراهة التجارة في الصرف.
ينظر: "الحصن المنيع في أركان البيع" لشيخنا فرج علوان.
1 أخرجه أحمد 4/141، والحاكم 2/10، والطبراني في "الكبير" 4/276-277، رقم 4211، والبيهقي في "السنن الكبرى" 5/263، من طريق المسعودي به، وذكره الهيثمي في "المجمع" 3/63، وقال: رواه أحمد والبزار والطبراني في "الكبير" و"الأوسط" وفيه المسعودي وهو ثقة لكنه اختلط وبقية رجال أحمد رجال "الصحيح".
2 أخرجه الحاكم 2/10، والبزار 2/83، كشف، رقم 1258.
3 أخرجه الحاكم 2/10.
4 قال الهيثمي في "المجمع" 3/63، رواه أحمد والطبراني في "الكبير" باختصار، وقال عن خاله أبي بردة بن نيار والبزار كأحمد إلا أنه قال: عن جميع بن عمير عن عمه وجميع وثقه أبو حاتم، وقال

الصفحة 4