كتاب التلخيص الحبير ط العلمية (اسم الجزء: 3)
قَوْلُهُ وَقَالَ الْفَرَزْدَقُ يَمْدَحُ عَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ هِشَامٍ
وَمَا مِثْلُهُ فِي النَّاسِ إلَّا مُمَلَّكًا ... أَبُو أُمِّهِ حَيٌّ أَبُوهُ يُقَارِبُهُ1
كَذَا وَقَعَ فِيهِ وَفِي التَّهْذِيبِ قَالَ يَمْدَحُ هِشَامَ بْنَ إبْرَاهِيمَ خَالَ هِشَامِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ قَالَ النَّوَوِيُّ الصَّوَابُ يَمْدَحُ إبْرَاهِيمَ بْنَ هِشَامِ بْنِ إبْرَاهِيمَ بْنِ الْمُغِيرَةِ خَالَ هِشَامِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ انْتَهَى وَهُوَ صَوَابٌ لَكِنْ فِيهِ خَطَأٌ أَيْضًا وَالصَّوَابُ أَنَّهُ إبْرَاهِيمُ بْنُ هِشَامِ بْنِ إسْمَاعِيلَ بْنِ هِشَامِ بْنِ الْوَلِيدِ بْنِ الْمُغِيرَةِ وَخَبَرُهُ فِي أَنْسَابِ الزُّبَيْرِ وَغَيْرِهَا.
حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ "أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ رَجُلٍ قَالَ لِامْرَأَتِهِ أَنْتِ طَالِقٌ إلَى سَنَةٍ" فَقَالَ هِيَ امْرَأَتُهُ يَسْتَمْتِعُ بِهَا إلَى سَنَةٍ الْحَاكِمُ وَالْبَيْهَقِيُّ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ إذَا حَلَفَ الرَّجُلُ عَلَى يَمِينٍ فَلَهُ أَنْ يَسْتَثْنِيَ وَلَوْ إلَى سَنَةٍ2.
وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ عَنْ حَمَّادٍ عَنْ إبْرَاهِيمَ فِي رَجُلٍ قَالَ لِامْرَأَتِهِ هِيَ طَالِقٌ إلَى سَنَةٍ قَالَ هِيَ امْرَأَتُهُ يَسْتَمْتِعُ مِنْهَا إلَى سَنَةٍ قَالَ رُوِيَ مِثْلُهُ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ3.
قَوْلُهُ لَمَّا ذَكَرَ الْمَسْأَلَةَ الشَّرِيحِيَّةَ أَنَّهُ وَجَدَ فِي بَعْضِ التَّعَالِيقِ أَنَّ مَذْهَبَ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ أَنَّهُ لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ فِي الْمَسْأَلَةِ الشَّرِيحِيَّةِ لَا أَصْلَ لَهُ عَنْ زَيْدٍ وَلَا عَمْرٍو فَقَدْ قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ كَانَ بن شريج رَجُلًا فَاضِلًا لَوْلَا مَا أَحْدَثَ فِي الْإِسْلَامِ مِنْ مَسْأَلَةِ الدُّورِ فِي الطَّلَاقِ وَهَذَا مِنْ الدَّارَقُطْنِيِّ دَالٌ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يُسْبَقْ بن شريج إلَى ذَلِكَ.
قُلْت وَكَذَا قَوْلُ جَمَاعَةٍ مِنْ الشَّافِعِيَّةِ أَنَّ ذَلِكَ فِي النَّصِّ أَوْ مُقْتَضَى النَّصِّ لَيْسَ بِصَحِيحٍ وَاَلَّذِي وَقَعَ فِي النَّصِّ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ لَوْ أَقَرَّ الْأَخُ الشَّقِيقُ بِابْنٍ لِأَخِيهِ الْمَيِّتِ ثَبَتَ نَسَبُهُ وَلَمْ يَرِثْ لِأَنَّهُ لَوْ وَرِثَ لَخَرَجَ الْمُقِرُّ عَنْ أَنْ يَكُونَ وَارِثًا وَلَوْ لَمْ يَكُنْ وَارِثًا لَمْ يُقْبَلْ إقْرَارُهُ بِوَارِثٍ آخَرَ فَتَوْرِيثُ الِابْنِ يُفْضِي إلَى عَدَمِ تَوْرِيثِهِ فَتَسَاقَطَا فَأَخَذَ بن شريج مِنْ هَذَا النَّصِّ مَسْأَلَةَ الطَّلَاقِ الْمَذْكُورَةَ وَلَمْ يَنُصَّ الشَّافِعِيُّ عَلَيْهَا فِي وِرْدٍ وَلَا صَدْرٍ.
__________
1 البيت من الطويل، وهو للفرزدق في لسان العرب 10/492، ملك، ومعاهد التنصيص 1/43، ولم أقع عليه في ديوانه، وهو بلا نسبة في الخصائص 1/146، استشهد به النحاة على التعقيد، وهو أن لا يكون الكلام ظاهر الدلالة على المراد، والمعنى فيه: وما مثله، يعني الممدوح، وفي الناس حي يقاربه، أي أحد يشبهه في الفضائل إلا مملكا، يعني هشاما، وأبو أمه، أي أبو أم هشام، أبوه أي أبو الممدوح، فالضمير في أمه للملك، وفي أبوه للممدوح، ففصل بين أبو أمه وهو مبتدأ، وأبوه، وهو خبره بأجنبي، وهو قوله: حي، كما فصل بين حي ونعته، وهو قوله: يقاربه، بأجنبي وهو أبوه وقدم المستثنى منه.
2 أخرجه الحاكم 4/303، والبيهقي 7/356، كتاب الخلع والطلاق: باب الطلاق بالوقت والفعل.
قال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه.
3 أخرجه البيهقي 7/356، في الموضع السابق.
الصفحة 470