وَفِي الْبَابِ الْأَحَادِيثُ الْوَارِدَةُ فِي لَعْنِ بَائِعِ الْخَمْرِ وَمُبْتَاعِهَا وَحَامِلِهَا وَالْمَحْمُولَةِ إلَيْهِ
1181 - قَوْلُهُ وَلَيْسَ مِنْ الْمَنَاهِي بَيْعُ الْعَيْنَةِ يَعْنِي لَيْسَ ذَلِكَ عِنْدَنَا مِنْ الْمَنَاهِي وَإِلَّا فَقَدْ وَرَدَ النَّهْيُ عَنْهَا مِنْ طُرُقٍ عَقَدَ لَهَا الْبَيْهَقِيّ فِي سُنَنِهِ بَابًا سَاقَ فِيهِ مَا وَرَدَ مِنْ ذَلِكَ بِعِلَلِهِ1، وَأَصَحُّ مَا وَرَدَ فِي ذَمِّ بَيْعِ الْعِينَةِ مَا رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالطَّبَرَانِيُّ مِنْ طَرِيقِ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَيَّاشٍ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ أَتَى عَلَيْنَا زَمَانٌ وَمَا يَرَى أَحَدُنَا أَنَّهُ أَحَقُّ بالدنيار وَالدِّرْهَمِ مِنْ أَخِيهِ الْمُسْلِمِ ثُمَّ أَصْبَحَ الدِّينَارُ وَالدِّرْهَمُ أَحَبَّ إلَى أَحَدِنَا مِنْ أَخِيهِ الْمُسْلِمِ سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: " إذَا ضَنَّ النَّاسُ بِالدِّينَارِ وَالدِّرْهَمِ وَتَبَايَعُوا بِالْعِينَةِ وَتَبِعُوا أَذْنَابَ الْبَقَرِ وَتَرَكُوا الْجِهَادَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَنْزَلَ اللَّهُ بِهِمْ ذُلًّا فَلَمْ يَرْفَعْهُ عَنْهُمْ حَتَّى يُرَاجِعُوا دِينَهُمْ" صَحَّحَهُ ابْنُ الْقَطَّانِ بَعْدَ أَنْ أَخْرَجَهُ مِنْ الزُّهْدِ لِأَحْمَدَ كَأَنَّهُ لَمْ يَقِفْ عَلَى الْمُسْنَدِ2، وَلَهُ طَرِيقٌ أُخْرَى عِنْدَ أَبِي دَاوُد وَأَحْمَدَ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ عَطَاءٍ الْخُرَاسَانِيِّ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ3.
قُلْت وَعِنْدِي أَنَّ إسْنَادَ الْحَدِيثِ الَّذِي صَحَّحَهُ ابْنُ الْقَطَّانِ مَعْلُولٌ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِ رِجَالِهِ ثِقَاتٍ أَنْ يَكُونَ صَحِيحًا لِأَنَّ الْأَعْمَشَ مُدَلِّسٌ وَلَمْ يُنْكِرْ سَمَاعَهُ مِنْ عَطَاءٍ وَعَطَاءٌ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ هُوَ عَطَاءٌ الْخُرَاسَانِيُّ فَيَكُونُ فِيهِ تَدْلِيسُ التَّسْوِيَةِ4 بِإِسْقَاطِ نَافِعٍ بَيْنَ عَطَاءٍ وَابْنِ عُمَرَ فَرَجَعَ الْحَدِيثُ إلَى الْإِسْنَادِ الْأَوَّلِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ
قَوْلُهُ وَلَيْسَ مِنْ الْمَنَاهِي بَيْعُ رِبَاعِ مَكَّةَ لَنَا اتِّفَاقُ الصَّحَابَةِ وَمَنْ بَعْدَهُمْ عَلَيْهِ رَوَى الْبَيْهَقِيّ
__________
1 ينظر السنن الكبرى 5/316-317.
2 أخرجه أحمد 4825 – شاكر، والطبراني في الكبير من طريق أبي بكر بن عياش به، وسنده ضعيف.
أبو بكر بن عياش لما كبر ساء حفظه. تقريب – 7985، والأعمش مدلس وعطاء في سماعه من ابن عمر كلام.
وأخرجه أحمد 2/42، 84، من طريق شهر بن حوشب عن ابن عمر.
وشهر بن حوشب ضعيف وقد تقدمت ترجمته.
3 أخرجه أبو داود 3/274 – 275، كتاب البيوع: باب في النهي عن العينة حديث 3462، والبيهقي في السنن الكبرى 5/316، من طريق إسحاق أبي عبد الرحمن عن عطاء الخراساني عن نافع عن ابن عمر وهذا إسناد ضعيف.
إسحاق. قال أبو حاتم: شيخ ليس بالمشهور ولا يشتغل به. وقال ابن عدي: مجهول، وقال يحيى بن بكير: لا أدري حاله.
وقال أبو أحمد الحاكم: مجهول.
وقال الأزدي: منكر الحديث تهذيب 1/227، وقد أشار البيهقي إلى ضعف طرق الحديث عن ابن عمر. فقال: روى من وجهين ضعيفين عن ابن عمر.
4 تدليس التسوية أو التجويد: هو أن يذكر شيخه ويعمد لشيخ شيخه أو أعلى منه فيسقطه لكونه ضعيفا أو صغيرا ويرويه عن شيخ المحذوف الثقة بلفظ محتمل تحسينا للحديث.