الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ1.
قَوْلُهُ وَرُوِيَ بَعْدَ أَنْ يَحْلِبَهَا ثَلَاثًا هَذَا اللَّفْظُ ذَكَرَهُ الْقَاضِي حُسَيْنٌ نَقْلًا عَنْ ابْنِ دَاوُد شَارِحِ الْمُخْتَصَرِ وَتَبِعَهُ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ وَتَبِعَهُمْ الْغَزَالِيُّ وَكَأَنَّهَا مُرَكَّبَةٌ مِنْ الْمَعْنَى وَالتَّقْدِيرُ فَهُوَ بِخَيْرِ النَّظَرَيْنِ ثَلَاثًا بَعْدَ أَنْ يَحْلِبَهَا.
تَنْبِيهٌ قَوْلُهُ لَا تُصَرُّوا بِضَمِّ التَّاءِ عَلَى وَزْنِ لَا تُزَكُّوا وَالْإِبِلُ مَنْصُوبٌ عَلَى الْمَفْعُولِيَّةِ هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَرْوِيهِ لَا تَصُرُّوا بِفَتْحِ التَّاءِ وَضَمِّ الصَّادِ وَالْمُصَرَّاةُ هِيَ الَّتِي تُرْبَطُ أَخْلَافُهَا فَيُجْمَعُ اللَّبَنُ
1193 - حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ "مَنْ اشْتَرَى مُصَرَّاةً فَهُوَ بِالْخِيَارِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَإِنْ رَدَّهَا رَدَّ مَعَهَا صَاعًا مِنْ تَمْرٍ لَا سَمْرَاءَ" مُسْلِمٌ مِنْ حديث ابن سيرين عنه2،
__________
=ومذهب الظاهرية قريب من مذهب الحنفية، بل هو في الواقع أوسع منه، لأنه استخدام المبيع، أو التصرف فيه بما لا يخرجه عن ملكه لا يمنع من الرد على البائع عندهم؛ لأن التصرف كما يزعم ابن حزم لا يدل على الرضا، وإنما الذي يدل عليه صريح القول.
ومن هذا يظهر أن الشافعية غلبوا جانب البائع فحظروا على المشتري التأخير في الرد؛ لأن فيه إضرارا به، وقد يكون مع هذا حسن النية حين البيع، وأن الحنفيه ومن حذا حذوهم غلبوا جانب المشتري، فوسعوا عليه؛ لأنه المظلوم.
وأما المالكية: فقد التزموا خطة وسطى، فرأوا في الإلزم بالمبادرة إجحافا بحق المشتري، وفي الإمهال بدون توقيت إضرار بالبائع، فضربوا للرد مهلة يسيرة يوما أو يومين، فإن لم يرد فيها بطل حقه في الرد وألزم بالبيع بالثمن المتفق عليه، وهذا مذهب معقول معتدل.
هذا، والاتفاق حاصل على أنه في أي وقت ظهر العيب جاز للمشتري الرد، أعني أن الفقهاء لم يخيروا ما بين العقد، وبين ظهور العيب بوقت معلوم لا يجوز للمشتري الرد بعده، فله الرد، ولو ظهر العيب بعد سنة من تاريخ التعاقد ما دام لم توجد منه، أو عنده حالة تمنع الرد شرعا.
ينظر: الخيارات في البيع، لشيخنا محمد مندور، وينظر: المحلى 9/73،81، الخرشي 5/137.
1 أخرجه مالك 2/683، كتاب البيوع: باب ما ينهى عن المساومة والمبايعة، الحديث 96، والبخاري 4/361، كتاب البيوع: باب النهي للبائع أن لا يحقل الإبل والبقر والغنم، الحديث 50/2، ومسلم 3/1155، كتاب البيوع: باب تحريم بيع الرجل على بيع أخيه، الحديث 11/1515، وفي 3/1158-1159، باب حكم بيع المصراة، الحديث 26/1524، وأبو داود 3/722، كتاب البيوع الإجارات: باب من اشترى مصراة فكرهها، الحديث 3443، والنسائي 7/253، كتاب البيوع: باب النهي عن المصراة، والحميدي 2/446، رقم 1028، والدارقطني 3/75، رقم 283، والبيهقي 5/318، كتاب البيوع: باب الحكم فيمن اشترى مصراة، وأحمد 2/242، 394، 410، 465، من طريق عن أبي هريرة به.
2 أخرجه مسلم 3/1158، كتاب البيوع: باب حكم بيع المصراة حديث 26/1524، وعبد الرزاق 8/197، رقم 14858، والحميدي 2/446، رقم 1029، وأحمد 2/248، وأبو داود 3/827، كتاب البيوع والإجارات: باب من اشترى مصراة فكرهها حديث 3444، والترمذي 3/53-554،==