كتاب تفسير مقاتل بن سليمان - العلمية (اسم الجزء: 3)
صفحة رقم 38
وأكفأت قدورهم ونزعت أوتادهم ، ونسفت التراب في وجوههم ، وجالت الدواب
بعضها في بعض ، وسمعوا تكبير الملائكة في نواحي عسكرهم فرعبوا ، فقال طليحة بن
خويلد الأسدي : إن محمداً قد بدأكم بالشر ، فالنجاة النجاة ، فنادى رئيس كل قوم
بالرحيل ، فانهزموا ليلاً بما استخفوا من أمتعتهم ، ورفضوا بعضها لا يبصرون شيئاً من
شدة الريح والظلمة ، فانهزموا فذلك قوله عز وجل : ( ورد الله الذين كفروا بغيظهم لم ينالوا خيرا وكفى الله المؤمنين القتال ( بالريح والملائكة ) وكان الله قوياً
عزيزاً [ الأحزاب : 25 ] يعني منيعاً في ملكه حين هزمهم .
الأحزاب : ( 12 ) وإذ يقول المنافقون . . . . .
) وإذ يقول المنفقون ( منهم أوس بن قيظى ، ومعتب بن قشير الأنصاري ) والذين
في قلوبهم مرضٌ ( يعني الشك ) ما وعدنا الله ورسوله إلا غروراً ) [ آية : 12 ] وذلك أن
النبي ( صلى الله عليه وسلم ) لما بلغه إقبال المشركين من مكة أمر فحفر كل بني أب على حدة ، وصار
سلمان الفارسي في بني هاشم ، فأتى سلمان على صخرة ، فلم يستطع قلعها ، فأخذ النبي
( صلى الله عليه وسلم ) المعول من سلمان ، فضرب به ثلاث ضربات ، فانصدع الحجر ، وسطع نور من
الحجر كأنه البرق ، فقال سلمان : يا رسول الله ، لقد رأيت من الحجر أمراً عجيباً وأنت
تضربه ، فقال النبي ( صلى الله عليه وسلم ) : ' وهل رأيت ' ؟ قال : نعم ، قال النبي ( صلى الله عليه وسلم ) : ' رأيت الضربة الأولى
قوى اليمن ، وفي الضربة الثانية أبيض المدائن ، وفي الضربة الثالث مدائن الروم ، ولقد
أوحى الله عز وجل إلى بأنه يفتحهن على أمتي ' ، فاستبشر المؤمنون ، وفشا ذلك في
المسلمين ، فلما رأوا شدة القتال ، والحصر ارتاب المنافقون ، فأساءوا القول .
قال معتب بن قشير بن عدي الأنصاري من الأوس من بني عمرو بن عوف : يعدنا
محمد فتح قصور اليمن ، وفارس ، والروم ، ولا يستطيع أحدنا أن يبرز إلى الجلاء حتى
يوضع فيه سهم هذا ، والله الغرور من قول ابن عبد المطلب ، وتابعه على ذلك نفر ، فأنزل
الله تعالى ) وإذ يقول المنفقون والذين في قلوبهم مرضٌ ( يعني كفراً ) ما وعدنا الله وسوله
إلا غروراً ( .
قال معتب بن قشير :
إن الذي يقول لهو الغرور ، ولم يقل إن الذي وعدنا الله ورسوله
غروراً ، لأنه لا يصدق بأن محمداً ( صلى الله عليه وسلم ) رسول ، فيصدقه ، فقال الله تعالى عن الذي قال محمد
هو ما وعد الله ، وهو قول الله عز وجل ، فأكذب الله معتباً .
الأحزاب : ( 13 ) وإذ قالت طائفة . . . . .
) وإذ قالت طائفةٌ منهم ( من المنافقين من بني سالم ) يأهل يثرب لا مقام لكم (