كتاب تفسير مقاتل بن سليمان - العلمية (اسم الجزء: 3)
صفحة رقم 39
مساكن لكم ) فارجعوا ( إلى المدينة خوفاً ورعباً من الجهد والقتال في الخندق ، يقول
ذلك المنافقون بعضهم لبعض ، ثم قال : ( ويستئذن فريقٌ منهم النبي يقولون إن بيوتنا عورةٌ (
يعني خالية طائعة هذا قول بني حارثة بن الحارث ، وبني سلمة بن جشم ، وهما من
الأنصار وذلك أن بيوتهم كانت في ناحية من المدينة ، فقالوا : بيوتنا ضائعة نخشى عليها
السراق ، يقول الله تعالى : ( وما هي بعورة ( يعني بضائعة ) أن ( يعني ما ) يريدون إلا فرارا ) [ آية : 13 ] من القتل نزلت في قبليتن من الأنصار بني حارثة وبني سلمة بن
جشم ، وهموا أن يتركوا أماكنهم في الخندق ففيهم يقول الله تعالى : ( إذ همت طائفتان منكم أن تفشلا والله وليهما وعلى الله فليتوكل المؤمنون ) [ آل عمران :
122 ] ، قالوا : بعدما نزلت هذه الآية ما يسرنا أنا لم نهم بالذي هممنا إذ كان الله ولينا .
الأحزاب : ( 14 ) ولو دخلت عليهم . . . . .
قوله تعالى : ( ولو دخلت عليهم من أقطارها ( يقول : ولو دخلت عليهم المدينة من
نواحيها يعني نواحي المدينة ) ثم سئلوا الفتنة ( يعني الشرك ) لآتوها ( يعني لأعطوها عفواً يقول : لو أن الأحزاب دخلوا المدينة ، ثم أمروهم بالشرك لأشركوا ) وما تلبثوا بها إلا يسيرا ) [ آية : 14 ] يقول : ما تحسبوا بالشرك إلا قليلاً حتى يعطوا طائعين
فيكفوا .
الأحزاب : ( 15 ) ولقد كانوا عاهدوا . . . . .
ثم أخبر عنهم ، فقال سبحانه : ( ولقد كانوا عهدوا الله من قبل ( قتال الخندق وهم
سبعون رجلاً ليلة العقبة قالوا للنبي ( صلى الله عليه وسلم ) اشترط لربك ولنفسك ما شئت ، فقال النبي
( صلى الله عليه وسلم ) :
أشترط لربي أن تعبدوه ، ولا تشركوا به شيئاً ، وأشترط لنفسي أن تمنعوني مما
تمنعون منه أنفسكم وأولادكم ونساءكم ' ، قالوا : فما لنا إذا فعلنا يا نبي الله ، قال : لكم
النصر في الدنيا والجنة في الآخرة ، فقالوا : قد فعلنا ذلك ، فذلك قوله : وقد كانوا عاهدوا
الله من قبل ، يعني ليلة العقبة حين شرطوا للنبي ( صلى الله عليه وسلم ) المنعة ) لا يولون الأدبر ( منهزمين
وذلك أنهم بايعوا للنبي ( صلى الله عليه وسلم ) أنهم يمنعونه مما يمنعون أنفسهم وأولادهم وأموالهم ، يقول الله
عز وجل : ( وكان عهد الله مسئولاً ) [ آية : 15 ] يقول : أن الله يسأل يوم القيامة عن
نقض العهد ، فإن عدو الله إبليس سمع شرط الأنصار تلك الليلة ، فصاح صيحة أيقظت
الناس ، فقال النبي ( صلى الله عليه وسلم ) لإبليس : ' أخسأ عدو الله ' .
تفسير سورة الأحزاب من الآية ( 16 ) إلى الآية ( 17 ) .