كتاب تفسير مقاتل بن سليمان - العلمية (اسم الجزء: 3)
صفحة رقم 428
الإنسان : ( 8 ) ويطعمون الطعام على . . . . .
وأما قوله : ( ويطعمون الطعام على حبه ( أي على حبهم الطعام ) مسكينا ويتيما وأسيرا (
[ آية : 8 ] نزلت في أبي الدحداح الأنصاري ، ويقال :
في علي بن أبي طالب ، رضي الله
عنه ، وذلك أنه صام يوماً ، فلما أراد أن يفطر دعا سائل ، فقال : عشوني بما عندكم ، فإني
لم أطعم اليوم شيئاً ، قال أبو الدحداح ، أو على : قومى فاثردى رغيفاً وصبى عليه مرقة ،
وأطعميه ، ففعلت ذلك فما لبثوا أن جاءت جارية يتيمة ، فقالت : أطعموني ، فإني ضعيفة
لم أطعم اليوم شيئاً ، قال : يا أم الدحداح ، : قومى فاثردى رغيفاً وأطعمها ، فإن هذه والله
أحق من ذلك المسكين ، فبينما هم كذلك إذ جاء على الباب سائل أسير ينادي : عشوا
الغريب في بلادكم ، فإني أسير في أيديكم وقد أجهدنى الجوع ، فبالذي أعزكم وأذلني
لما أطعمتموني ، فقال أبو الدحداح : يا أم الدحداح ، قومي ويحك فاثردى رغيفاً وأطعمي
الغريب الأسير ، فإن هذا أحق من أولئك فاطعموا ثلاث أرغفة ، وبقى لهم رغيف واحد ،
فأنزل الله تبارك وتعالى فيهم يمدحهم بما فعلوا ، فقال : ( ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا ( يعنى باليتيم من لا أب له ولا أم ، ) وأسيرا ( من أسارى المشركين
الإنسان : ( 9 ) إنما نطعمكم لوجه . . . . .
) إنما نطعمكم لوجه الله ( يعنى لمرضات الله تعالى ) لا نريد منكم جزاء ولا شكورا ) [ آية : 9 ] يعني أن
تثنوا به علينا
الإنسان : ( 10 ) إنا نخاف من . . . . .
) إنا نخاف من ربنا يوما عبوسا ( يعني يوم الشدة .
قال الفراء ، هو وأبو عبيدة : هو المنتهى في الشدة ) قمطريرا ) [ آية : 10 ] يعنى إذا عرق
الجبين فسال العرق بين عينيه من شدة الهول ، فذلك قوله : ( قمطريرا ( فشكر الله أمرهم ،
فقال :
الإنسان : ( 11 ) فوقاهم الله شر . . . . .
) فوقاهم الله شر ذلك اليوم ( يعنى يوم القيامة شر جهنم ) ولقهم نضرةً وسروراً (
[ آية : 11 ] نضرة في الوجوه وسروراً في القلوب ، وذلك أن المسلم إذا خرج من قبره
يوم القيامة نظر أمامه ، فإذا هو بإنسان وجهه مثل الشمس يضحك طيب النفس ، وعليه
ثياب بيض ، وعلى رأس تاج ، فينظر إليه حتى يدنو منه ، فيقول : سلام عليك ، يا ولي الله ،
فيقول : وعليك السلام من أنت يا عبد الله أنت ملك من الملائكة . فيقول : لا ، والله ،
فيقول : أنت نبي من الأنبياء ؟ فيقول : لا والله ، فيقول : أنت من المقربين ؟ فيقول : لا والله ،
فيقول : من أنت ؟ فيقول : أنا عملك الصالح أبشرك بالجنة ، والنجاة من النار ، فيقول له : يا
عبد الله ، الله أبعلم تبشرنى ؟ فيقول : نعم ، فيقول : ما تريد مني ؟ فيقول له : اركبني ،
فيقول : يا سبحان الله ، ما ينبغى لمثلك أن يركب عليه ، فيقول : بلى فإني طال ما ركبتك
في دار الدنيا ، فإني أسألك بوجه الله ، إلا ما ركبتنى ، فيقول : لا تخف أنا دليلك إلى الجنة
فيعم ذلك الفرح في وجهه حتى يتلألأ ، ويرى النور والسرور في قلبه ، فذلك قلبه :