كتاب تفسير مقاتل بن سليمان - العلمية (اسم الجزء: 3)

صفحة رقم 444
والرياح ، قال : هو ) الرحمن ( الرحيم ، وهم ) لا يملكون منه خطابا ) [ آية : 37 ] يعنى
المناجاة ، إذا استوى للحساب ثم أخبرهم متى يكون ذلك ؟ فقال :
النبأ : ( 38 ) يوم يقوم الروح . . . . .
) يوم يقوم الروح ( وهو
املك الذي قال الله عز وجل عنه : ( يسألونك عن الروح ) [ الإسراء : 85 ] وجهه
وجه آدم ، عليه السلام ، ونصفه من نار ، ونصفه من ثلج ، فيسبح بحمد ربه ويقول : رب
كما ألفت بين هذه النار وهذا الثلج ، تذيب هذه النار هذا الثلج ، ولا يطفئ هذا الثلج
هذه النار ، فكذلك ألف بين عبادك المؤمنين فاختصه الله تعالى من بين الخلق من عظمه ،
فقال : ( يوم يقوم الروح ( ثم انقطع الكلام ، فقال : ( والملئكة صفاً لا يتكلمون ( من
الخوف أربعين عاماً ، ) إلا من أذن له الرحمن ( بالكلام ) وقال صوابا ) [ آية : 38 ] يعني
شهادة ألا إله إلا الله ، فذلك الصواب
النبأ : ( 39 ) ذلك اليوم الحق . . . . .
) ذلك اليوم الحق ( لأن العرب قالوا : إن القيامة
باطل ، فذلك قوله : ( اليوم الحق ( ) فمن شاء اتخذ إ لى ربه مثاباً ) [ آية : 39 ] يعنى
منزلة يعنى الأعمال الصالحة ، ثم خوفهم أيضاً العذاب في الدنيا فقال :
النبأ : ( 40 ) إنا أنذرناكم عذابا . . . . .
) إنا أنذرنكم
عذاباً قريباً ( يعنى في الدنيا القتل ببدر ، وهلاك الأمم الخالية ، وإنما قال قريباً لأنها أقرب
من الآخرة ، ثم رجع إلى القول الأول حين قال : ( يوم يقوم الروح والملئكة صفاً ( فقال :
( يوم ينظر المرء ما قدمت يداه ( يعنى الإنسان الخاطئ يرى عمله أسود مثل الجبل
) ويقول الكافر يا ليتني كنت ترابا ) [ آية : 40 ] وذلك أن الله عز وجل يجمع الوحوش
والسباع يوم القيامة فيقتص لبعضهم من بعض حقوقهم ، حتى ليأخذ للجماعة من القرناء
بحقها ، ثم يقول لهم : كونوا تراباً فيتمنى الكافر لو كان خنزيراً في الدنيا ثم صار تراباً
كما كانت الوحوش والسباع ثم صارت تراباً .

الصفحة 444