كتاب تفسير مقاتل بن سليمان - العلمية (اسم الجزء: 3)

صفحة رقم 467
آخر القصة ، ثم ينادى مناد بالأسود بن عبد الأسد ، أخي عبد الله المؤمن فيريد الشقى أن
يدنو ، فينتهرونه ، ويشق صدره حتى يخرج قلبه من وراء ظهره من بين كتفيه ، ويعطى
كتابه ، ويجعل كل حسنة عملها في دهره في باطن صحيفته ، لأنه لم يؤمن بالإيمان ،
وتجعل سيئاته ظاهر صحيفته ، ويحجب عن الله عز وجل فلا يراه ، ولكن ينادى مناد من
عند العرش يذكره مساوئه .
فكلما ذكر مساوئه : قال : أنا أعرف هذا ، لعنه الله ، فتجئ اللعنة من عند الله عز
وجل ، حتى تقع عليه ، فيلطخ باللعنة ، فيصير جسده مسيرة شهر في طول مسيرة ثلاثة
أيام ولياليهن ، ورأسه مثل الأقرع ، وهو جبل عظيم بالشام وأنيابه مثل أحد ، وحدقتاه
مثل جبل حراء ، الذي بمكة ، ومنخره مثل الووقين وهما جبلان ، وشعره في الكثرة مثل
الأجمعة ، وفي الطول مثل القصب ، وفي الغلظ مثل الرماح ، ويوضع على رأسه تاج من
نار ، ويلبس جبة من نحاس ذائب ، ويقلد حجراً من كبريت ، مثل الجبل تشتعل فيه النار ،
وتغل يداه إلى عنقه ، ويسود وجهه ، وهو أشد سواداً من القبر ، في ليلة مظلمة ، وتزق
عيناه ، فيرجع إلى إخوانه ، فأول ما يرونه يفزع منه الخلائق حتى يمسكوا على آنافهم من
شدة نتنه ، فيقولون : لقد أهان الله هذا العبد ، لقد أخزى الله هذا العبد ، فينظرون إلى
كتابه ، فإذا سيئاته ظاهرة ، وليس له من الحسنات شئ ، يقولون : أما كان لهذا العبد في
الله عز وجل حاجة ، ولا خافه يوماً قط ، ولا ساعة ، فحق لهذا العبد ، إذ أخزاه الله
وعذبه ، فتلعنه الملائكة أجمعون ، فإذا رجع إلى الموقف لم يعرفه أصحابه ، فيقول : أما
تعرفوني ؟ قالوا : لا والله ، فيقول : أنا الأسود بن عبد الأسد ، فينادى بأعلى صوته ، فيقول :
( يا ليتني لم أوت كتابيه ولم أدر ما حسابيه يا ليتها كانت القاضية ما أغنى عني ماليه ) [ الحاقة : 25 - 28 ] .
الإنشقاق : ( 10 - 12 ) وأما من أوتي . . . . .
يقول : يا ليت كان الموت أن أموت فأستريح من هذا البلاء هلك عن حجتي اليوم ،
ثم يقول : الويل ، فيبشر أخوه المؤمنين ، ويبشر هذا الكفار ، فذلك قوله تعالى ) وأما من
أوتي كتبه وراء ظهره فسوف يدعوا ثبوراً ويصلى سعيراً ) [ آية : 12 ] يقول : يدعو
بالويل ، ويدخل النار ، يقول :
الإنشقاق : ( 13 ) إنه كان في . . . . .
) إنه كان في أهله مسرورا ) [ آية : 13 ] يقول في قومه
كريماً ، قال فيذله الله عز وجل يوم القيامة ، قال :
الإنشقاق : ( 14 ) إنه ظن أن . . . . .
) إنه ظن أن لن يحور ) [ آية : 14 ] يقول :
أن لن يبعث الله تعالى
الإنشقاق : ( 15 ) بلى إن ربه . . . . .
) بلى إن ربه كان ) 6 يقول الذي خلقه ) به بصيراً ) [ آية : 15 ] إنه
شهيد لعلمه .

الصفحة 467