كتاب تفسير مقاتل بن سليمان - العلمية (اسم الجزء: 3)

صفحة رقم 507
وأطاع ربه ، فيفرح المؤمن بذلك وتقول الكافر : أشرك على ظهري ، وزنى ، وسرق ،
وشرب الخمر ، وفعل ، وفعل ، فتوبخه في وجهه ، وتشهد عليه أيضاً الجوارح ، والحفظة من
الملائكة ، مع علم الله عز وجل فيه ، وذلك الخزي العظيم ، فلما سمع الإنسان المكذب
عمله ، قال جزعاً : ( ما لها ( يعني للأرض تحدث بما عمل عليها ، فذلك قوله : ( وقال
الإنسان مالها ( في التقديم ، يقول له ) يومئذ تحدث أخبارها ( يقول : تشهد على أهلها
بما عملوا عليها من خير أو شر ، فلما سمع الكافر يومئذٍ ، قال : ما لها تنطق ؟ قال الملك
الذي كان موكلاً به في الدنيا يكتب حسناته وسيئاته ، قال : هذا الكلام الذي تسمع إنما
شهدت على أهلها .
الزلزلة : ( 5 ) بأن ربك أوحى . . . . .
) بأن ربك أوحى لها ) [ آية : 5 ] ) وقال الإنسان ما لها ( يعني الكافر ، يقول : يوحي
الله إليها بأن تحدث أخبارها ، وأيضاً أن ربك أوحى لها بالكلام ، فذلك قوله : ( أوحى لها ( ،
الزلزلة : ( 6 ) يومئذ يصدر الناس . . . . .
) يومئذ يصدر الناس أشتاتا ( يعني يرجع الناس من بعد العرض والحساب إلى
منازلهم من الجنة والنار متفرقين ، كقوله : ( يومئذ يصدعون ) [ الروم : 43 ] ، يعني
يتفرقون فريق في الجنة ، وفريق في السعير .
وذكر فينا تقدم ) وأخرجت الأرض أثقالها ( ، ثم ذكر هنا ان الناس أخرجوا ) ليروا أعمالهم ) [ 6 ] الخير والشر ، يعني لكي يعاينوا أعمالهم ، وأيضاً ) يومئذ يصدر الناس أشتاتا ( ، يقول : انتصف الناس فريقين والأشتات الذين لا يلتقون أبداً ، قال : ( ليروا
أعملهم ( ، ثم قال :
الزلزلة : ( 7 - 8 ) فمن يعمل مثقال . . . . .
) فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ) [ آية : 7 ] يقول : من يعمل
في الدنيا مثقال ذرة ، يعني وزن نملة أصغر النمل الأحمر التي لا تكاد نراها من صغرها ،
خيراً في التقديم يره يومئذٍ يوم القيامة في كتابه أيضاً ) فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره ) [ آية : 8 ] في صحيفته ، وذلك أن
العرب كانوا لا يتصدقون بالشئ القليل ، وكانوا لا يرون بالذنب الصغير بأساً ، فزهدهم
الله عز وجل في الذنب الحقير ، ورغبهم في الصدقة القليلة ، فقال : ( فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره ( في كتابه والذرة
أصغر النمل وهي النملة الصغيرة ، وأيضاً فمن يعمل في الدنيا مثقال ذرة قدر نملة شراً يره
يوم القيامة في كتابه ، نزلت في رجلين بالمدينة ، كان أحدهما إذا أتاه السائل يستقل أن
يعطيه الكسرة أو النمرة ، ويقول : ما هذا بشئ إنما نؤجر على ما نعطى ونحن نحبه .
وقد قال الله عز وجل : ( ويطعمون الطعام على حبه ) [ الإنسان : 8 ] ، فيقول : ليس

الصفحة 507