كتاب تفسير مقاتل بن سليمان - العلمية (اسم الجزء: 3)
صفحة رقم 515
في الدنيا في الخير والنعمة ، فيسألون يوم القيامة عن شكر ما كانوا فيه ، وأيضاً ، فذلك
قوله : ( أذهبتم طيباتكم في حياتكم الدنيا واستمعتم بها ) [ الأحقاف : 20 ] ، وقال :
( ثم لتسئلن يومئذٍ عن النعيم ( ، وذلك أن الله عز وجل إذا جمع الكفار في النار
صرخوا : يا مالك ، أضجت لحومنا ، وأحرقت جلودنا ، وجاعت وأعطشت أفواهنا ،
وأهلكت أبداننا ، فهل إلى خروج يوم واحد من سبيل من النار ، فيرد عليهم مالك يقول :
لا ، قالوا : ساعة من النهار ، قال : لا قالوا فردنا إلى الدنيا ، فنعمل غير الذي كنا نعمل ،
قال : فينادى مالك ، خازن النار ، بصوت غليظ جهير ، قال : فإذا نادى حسرت النار من
فوقه ، وسكن أهلها ، فيقول أبشروا فيرجون أن تكون عافية قد أتتهم ، ثم ينادهم : يا أهل النار ، فيقولون : لبيك : يا أهل البلاء ، فيقولون : لبيك ، فيقول : ( أذهبتم في
طيباتكم في حياتكم الدنيا واستمعتم بها فاليوم تجزون عذاب الهون بما كنتم
تستكبرون في الأرض بغير الحق وبما كنتم تفسقون ) [ الأحقاف : 20 ] ، يا أهل
الفرش والوسائد والنعمة في دار الدنيا ، كيف تجدون مس سقر ؟ قالوا : يأتينا العذاب من
كل مكان ، فهل إلى أن نموت ونستريح ، قال : فيقول : وعزة ربي لا أزيدكم إلا عذاباً ،
قال : فذلك قوله : ( ثم لتسئلن يومئذٍ عن النعيم ( ، يعني الشكر للنعيم الذي أعطاه الله
عز وجل ، فلم يهتد ولم يشكر ، يعني الكافر .