كتاب تفسير مقاتل بن سليمان - العلمية (اسم الجزء: 3)
صفحة رقم 518
وكان يلقب الناس من التجبر والعظمة ، وإن يستهزئ بالناس ، وذلك أنه أنزل على رسول
الله ( صلى الله عليه وسلم ) ) ذرني ومن خلقت وحيدا وجعلت له مالا ممدودا ) [ المدثر : 11 ، 12 ] ،
وكان له حديقتان ، حديقة بمكة ، وحديقة بالطائف ، وكان لا ينقطع خيره شتاء ولا
صيفاً ، فذلك قوله : ( مالا ممدودا وبنين شهودا ) [ المدثر : 12 ، 13 ] ، يعنى أرباب
البيوت ، وكان له سبعة بنين ، قال : ( ومهدت له شهوداً ) [ المدثر : 14 ] ، يقول :
بسطت له في المال كل البسط ، ) ثم يطمع أن أزيد كلا إنه كان لآياتنا عنيدا (
[ المدثر : 15 ، 16 ] ، قال : والله ، قسمت مالي يميناً وشمالاً على قريش ما دمت حياً ما
فنى ، فكيف تعدني الفقر ؟ قال : أما والله ، إن الذي أعطاك ، قادر على أن يأخذه منك ،
فوقع في قلبه من ذلك شئ ، ثم عمد إلى ماله فعده ، ما كان ذهب أو فضة ، أو أرض ،
أو حديقة ، أو رقيق ، فعده وأحصاه .
فقال : يا محمد تعدني الفقر والله لو كان هذا خبزاً ما فنى ، فأنزل الله عز وجل :
[ آية صفحة 11 إلى آية 8 ] وذلك أن الشقي إذا دخل
النار طاف به الملك في أبوابها في ألوان العذاب وفتح له باب الحطمة ، وهي باب من
أبواب جهنم ، وهي نار تأكل النار من شدة حرها ، وما خمدت من يوم خلقها الله عز
وجل إلى يوم يدخلها ، فإذا فتح ذلك الباب وقعت النار عليه فأحرقته ، فتحرق الجلد
واللحم والعصب والعظم ولا تحرق القلب ولا العين ، وهو ما يعقل به ويبصر ، فذلك
قوله تعالى : ( التي تطلع على الأفئدة ( ثم تلا : ويأتيه الموت من كل مكان ، وما هو بميت ،
يقول : ليس في جسده موضع شعرة إلا والموت يأتيه من ذلك المكان ، ثم قال : ( إنها عليهم مؤصدة في عمد ممددة ( وذلك أنه إذا خرج الموحدون من الباب الأعلى ،
وهي جهنم ، قال أهل تلك السبعة الأبواب ، وهي أسفل درك من النار ، لأهل الباب
السادس : ( ما سلككم في سقر ( يقول : ما أدخلكم في سقر ، ) قالوا لم نك من المصلين ولم نك نطعم المسكين ) [ المدثر : 42 ، 44 ] إلى آخر الآيات ، ثم يقولون : تعالوا
حتى نجزع ، فيجزعون حقباً من الدهر فلا ينفعهم شيئاً ، ثم يقولون : تعالوا حتى نصرخ
فيصرخون حقبا من الدهر ، فلا يغنى عنهم شيئاً ، فيقولون : تعالوا : حتى نصبر ، فلعل الله
عز وجل إذا صبرنا وسكتنا أن يرحمنا ، فيصبرون حقباً من الدهر ، فلا يغنى عنهم شيئاً ،