كتاب تفسير مقاتل بن سليمان - العلمية (اسم الجزء: 3)

صفحة رقم 535
فمه ، وهو يقول : يا محمد لقد خوفتني بأمر عظيم ، وبأقوام كثيرة فمن هؤلاء ؟ قال :
' جنودي وهم أكثر مما ذكرت لك ' ، قال : فأخبرني ما اسم ربك ؟ وما هو ؟ ومن خليله ؟
وما حيلته ؟ وكم هو ؟ وأبو من هو ؟ ومن أي حي هو ؟ ومن أخوه ' .
وكانت العرب يتخذون الأخلاء في الجاهلية ، فأنزل الله تعالى ) قل ( يا محمد ) هو الله أحد ( لقوله ما اسمه ؟ وكم هو ) الله الصمد ( لقوله ما طعامه ؟ ) الله الصمد ( الذي لا يأكل ولا يشرب ) لم يلد ( يقول : ولم يتخذ ولداً ) ولم يولد ) [ آية : 3 ] يقول : ليس له ولد يكتنى به ، لقوله : وابن من هو ؟ ثم قال : ( ولم يكن له كفوا أحد ) [ آية : 4 ] لقوله : من خليله ؟ ويقول : ليس له نظير ، ولا شبيه ،
فمن أين يتخذ الخليل ، فأشار بيده وبعينه إلى الأربد بن قيس ، وهو في جهد قد عصر
الملك بطنه حتى أراد أن يخرج خلاه من فيه ، وقد أهمته نفسه ، فقال الأربد : قم بنا ،
فقاما ، فقال له عامر : ويحك ما شأنك ؟ قال : وجدت عصراً شديداً في بطني ، ووجعاً
فما استطعت أن أرفع يدي .
قال : فأما الأربد بن قيس ، فخرج يومئذٍ من المدينة ، وكان يوماً متغيماً ، فأدركته
صاعقة في الطريق فقتلته ، وأما عامر بن الطفيل ، فوجاه جبريل ، عليه السلام ، في عنقه ،
فخرج في عنقه دبيله ، ويقال : طاعون فمرض بالمدينة ، فلم يأوه أحد إلا امرأة مجذوباً من
بني سلول ، فقال جزعاً من الموت : غدة كغدة البعير ، ومت في بيت سلولية ، أبرز إلى يا
موت ، فأنا قاتلك ، فأنزل الله عز وجل : ( وهم يجادلون في الله وهو شديد المحال (
[ الرعد : 13 ] .
وأيضاً : ( قل هو الله أحد ( وذلك أن مشركي مكة ، قالوا لرسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) : أنعت
لنا ربك وصفه لنا ، وقال عامر بن الطفيل العامري : أخبرنا عن ربك أمن ذهب هو ، أو
من فضة ، أو من حديد ، أو من صفر ؟ وقالت اليهود : عزيزاً ابن الله ، وقد أنزل الله عز
وجل نعته في التوراة ، فأخبرنا عنه يا محمد ، فأنزل الله عز وجل في قولهم : ( قل ( يا
محمد ) هو الله أحد ( لا شريك له ) الله الصمد ( يعني الذي لا جوف له ،
كجوف المخلوقين ، ويقال : الصمد السيد الذي تصمد إليه الخلائق بحوائجهم وبالإقرار
والخضوع ،
الإخلاص : ( 3 ) لم يلد ولم . . . . .
) لم يلد ( فيورث ، ) ولم يولد ( فيشارك ، وذلك أن مشركي
العرب ، قالوا : الملائكة بنات الرحمن ، وقالت اليهود : عزيز ابن الله ، وقالت النصارى :
المسيح ابن الله ، فأكذبهم الله عز وجل ، فبرأ نفسه من قولهم ، فقال : ( لم يلد ( يعني

الصفحة 535