كتاب الطبقات الكبرى ط العلمية (اسم الجزء: 3)

والرمي وكان من أحسن ذلك سمي الكامل. وكان سعد بْن عُبَادة وعدة آباء له قبله فِي الجاهلية ينادى على أطمهم: من أحب الشحم واللحم فليأت أطم دليم بْن حارثة.
أَخْبَرَنَا أَبُو أُسَامَةَ حَمَّادُ بْنُ أُسَامَةَ قَالَ: أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ:
أَدْرَكْتُ سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ وَهُوَ يُنَادِي عَلَى أُطُمِهِ: مَنْ أَحَبَّ شَحْمًا أَوْ لَحْمًا فَلْيَأْتِ سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ. ثُمَّ أَدْرَكْتُ ابْنَهُ مِثْلَ ذَلِكَ يَدْعُو بِهِ. وَلَقَدْ كُنْتُ أَمْشِي فِي طَرِيقِ الْمَدِينَةِ وَأَنَا شَابٌّ فَمَرَّ عَلَيَّ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ مُنْطَلِقًا إِلَى أَرْضِهِ بِالْعَالِيَةِ فَقَالَ: يَا فَتَى تَعَالَ انْظُرْ هَلْ تَرَى عَلَى أُطُمِ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ أَحَدًا يُنَادِي؟ فَنَظَرْتُ فَقُلْتُ: لا. فَقَالَ: صَدَقْتَ.
أَخْبَرَنَا أَبُو أُسَامَةَ قَالَ: أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ كَانَ يَدْعُو: اللَّهُمَّ هَبْ لِي حَمْدًا وَهَبْ لِي مَجْدًا. لا مَجْدَ إِلا بِفِعَالٍ وَلا فِعَالَ إِلا بِمَالٍ.
اللَّهُمَّ لا يُصْلِحُنِي الْقَلِيلُ وَلا أَصْلُحُ عَلَيْهِ.
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرُ: وَكَانَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ وَالْمُنْذِرُ بْنُ عَمْرٍو وَأَبُو دُجَانَةَ لَمَّا أَسْلَمُوا يَكْسِرُونَ أَصْنَامَ بَنِي سَاعِدَةَ. وَشَهِدَ سَعْدٌ الْعَقَبَةَ مَعَ السَّبْعِينَ مِنَ الأَنْصَارِ فِي روايتهم جميعا وكان أحد النقباء الأثني عشر فَكَانَ سَيِّدًا جَوَادًا وَلَمْ يَشْهَدْ بَدْرًا. وَكَانَ يَتَهَيَّأُ لِلْخُرُوجِ إِلَى بَدْرٍ وَيَأْتِي دُورَ الأَنْصَارِ يَحُضُّهُمْ عَلَى الْخُرُوجِ فَنُهِشَ قَبْلَ أَنْ يَخْرُجَ فأقام. [فقال رسول الله. ص: لَئِنْ كَانَ سَعْدٌ لَمْ يَشْهَدْهَا لَقَدْ كَانَ عَلَيْهَا حَرِيصًا] .
وَرَوَى بَعْضُهُمْ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ضَرَبَ لَهُ بِسَهْمِهِ وَأَجْرِهِ وَلَيْسَ ذَلِكَ بِمُجْمَعٍ عَلَيْهِ وَلا ثَبَتَ وَلَمْ يَذْكُرْهُ أَحَدٌ مِمَّنْ يَرْوِي الْمَغَازِي فِي تَسْمِيَةِ مَنْ شَهِدَ بَدْرًا. وَلَكِنَّهُ قَدْ شَهِدَ أحدًا والخندق والمشاهد كلها مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَكَانَ سَعْدٌ لَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَبْعَثُ إِلَيْهِ فِي كُلِّ يَوْمٍ جَفْنَةً فِيهَا ثَرِيدٌ بِلَحْمٍ أَوْ ثَرِيدٌ بِلَبَنٍ أَوْ ثَرِيدٌ بِخَلٍّ وَزَيْتٍ أَوْ بِسَمْنٍ. وَأَكْثَرَ ذَلِكَ اللَّحْمُ. فَكَانَتْ جَفْنَةُ سَعْدٍ تَدُورُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي بُيُوتِ أَزْوَاجِهِ. وَكَانَتْ أُمُّهُ عَمْرَةُ بِنْتُ مَسْعُودٍ مِنَ الْمُبَايِعَاتِ فَتُوُفِّيَتْ بِالْمَدِينَةِ وَرَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - غَائِبٌ فِي غَزْوَةِ دُومَةِ الْجَنْدَلِ. وَكَانَتْ فِي شَهْرِ رَبِيعٍ الأَوَّلِ سَنَةَ خَمْسٍ مِنَ الْهِجْرَةِ. وَكَانَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ مَعَهُ فِي تِلْكَ الْغَزْوَةِ. فَلَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْمَدِينَةَ أَتَى قَبْرَهَا فَصَلَّى عَلَيْهَا.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ أَنَّ أُمَّ سعد بن عباده ماتت والنبي. ع. غَائِبٌ فَقَالَ لَهُ

الصفحة 461