كتاب الإحاطة في أخبار غرناطة (اسم الجزء: 3)

ومن «1» سنان عاد عنانا، وشجاع صار هدانا «2» جبانا، كلما شابته شائبة ريبة، أدخل يده في جيبه، فانجحرت الحيّة، وماتت الغريزة الحيّة، وهناك يزيغ البصر، ويخذل المنتصر، ويسلم الأسر، ويغلب الحصر، ويجفّ اللّباب «3» ، ويظهر العاب «4» ، ويخفق الفؤاد، ويكبو الجواد، ويسيل العرق، ويشتدّ الكرب والأرق، وينشأ في محلّ الأمن الفرق، ويدرك فرعون الغرق، ويقوى اللّجاج ويعظم الخرق. فلا تزيد الحال إلا شدّة، ولا تعرف تلك الجارحة «5» المؤمنة إلّا ردّة: [الطويل]
إذا لم يكن عون من الله للفتى ... فأكثر «6» ما يجني عليه اجتهاده
فكم مغرى بطول اللّبث، وهو من الخبث، يؤمل الكرّة، ليزيل المعرّة، ويستنصر الخيال، ويعمل باليد الاحتيال: [الرجز]
إنك لا تشكو إلى مصمّت ... فاصبر على الحمل الثّقيل أو مت
ومعتذر بمرض أصابه، جرّعه أوصابه «7» ، ووجع طرقه، جلب أرقه، وخطيب أرتج عليه أحيانا، فقال: سيحدث الله بعد عسر يسرا وبعد عيّ بيانا، اللهمّ إنّا نعوذ بك من فضائح الفروج إذا استغلقت أقفالها، ولم تسم «8» بالنّجيع أغفالها «9» ، ومن معرّات الأقذار «10» ، والنكول عن الأبكار، ومن النّزول عن البطون والسّرر، والجوارح الحسنة الغرر، قبل ثقب الدّرر، ولا تجعلنا ممن يستحي من البكر بالغداة، وتعلم منه كلال الأداة، وهو مجال فضحت فيه رجال، وفراش شكيت فيه أوجال، وأعملت رويّة وارتجال. فمن قائل: [السريع]
أرفعه طورا على إصبعي ... ورأسه مضطرب «11» أسفله
كالحنش المقتول يلقى على ... عود لكي يطرح في مزبله

الصفحة 383