كتاب الإحاطة في أخبار غرناطة (اسم الجزء: 3)

علل «1» لا تزال تبكى، وعلل على الدهر تشكى، وأحاديث تقصّ وتحكى، فإن كنت أعزّك الله من النّمط الأول، ولم تقل: [الطويل]
وهل عند رسم دارس من معوّل «2»
فقد جنيت الثّمر، واستطبت السّمر، فاستدع الأبواق من أقصى المدينة، واخرج على قومك في ثياب الزّينة «3» ، واستبشر بالوفود، وعرّف المسمع عازفة «4» الجود، وتبجّح بصلابة العود، وإنجاز الوعود، واجن رمّان النّهود، من أغصان القدود، واقطف ببنان اللّثم أقاح الثّغور وورد الخدود، وإن كانت الأخرى، فأخف الكمد، وارض الثمد، وانتظر الأمد، وأكذب التوسّم، واستعمل التّبسّم، واستكتم النّسوة، وأفض فيهنّ الرّشوة، وتقلّد المغالطة وارتكب، وجىء على قميصك «5» بدم كذب، واستنجد الرحمن، واستعن على أمورك «6» بالكتمان:
[الكامل]
لا تظهرنّ لعاذل أو عاذر ... حاليك في السّرّاء والضّرّاء «7»
فلرحمة المتفجّعين حرارة ... في القلب مثل شماتة الأعداء
وانتشق الأرج، وارتقب الفرج، فكم غمام طبّق وما همى «8» ، وَما رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلكِنَّ اللَّهَ رَمى
«9» ، واملك بعدها عنان نفسك حتى تمكّنك الفرصة، وترفع إليك القصّة، ولا تشتره «10» إلى عمل لا تفيء منه بتمام، وخذ عن إمام، ولله درّ عروة بن حزام «11» : [الكامل]
الله يعلم ما تركت قتالهم ... حتى رموا مهري بأشقر مزبد
وعلمت أني إن أقاتل دونهم ... أقتل ولم يضرر عدوّي مشهدي
ففررت منهم والأحبّة فيهم ... طمعا لهم بعقاب يوم مفسد

الصفحة 385