كتاب الإحاطة في أخبار غرناطة (اسم الجزء: 3)

بقصيدة طويلة «1» : [الكامل]
أسرفن في هجري وفي تعذيبي ... وأطلن موقف عبرتي وتحيبي
وأبين يوم البين موقف «2» ساعة ... لوداع مشغوف الفؤاد كئيب
لله عهد الظّاعنين وغادروا ... قلبي رهين صبابة ووجيب «3»
غربت ركائبهم ودمعي سافح ... فشرقت بعدهم بماء غروبي «4»
يا ناقعا بالعتب غلّة شوقهم ... رحماك في عذلي وفي تأنيبي
يستعذب الصّبّ الملام وإنني ... ماء الملام لديّ غير شريب «5»
ما هاجني طرب ولا اعتاد الجوى ... لولا تذكّر منزل وحبيب
أهفو إلى الأطلال كانت مطلعا ... للبدر منهم أو كناس ربيب
عبثت بها أيدي البلى وتردّدت ... في عطفها للدهر آي خطوب
تبلى معاهدها وإنّ عهودها ... ليجدّها وصفي وحسن نسيبي
وإذا الديار تعرّضت لمتيّم ... هزّته ذكراها إلى التّشبيب
إيه على الصّبر الجميل فإنه ... ألوى «6» بدين فؤادي المنهوب
لم أنسها والدهر يثني صرفه ... ويغضّ طرفي حاسد ورقيب
والدار مونقة محاسنها بما ... لبست من الأيام كلّ قشيب «7»
يا سائق الأظعان تعتسف الفلا ... وتواصل الإسآد «8» بالتّأويب «9»
متهافتا عن رحل كلّ مذلّل ... نشوان من أين ومسّ لغوب
تتجاذب النّفحات فضل ردائه ... في ملتقاها من صبا وجنوب

الصفحة 387